الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أسامة الرحباني: شربت من ينبوع الأخوين وتعلمت أن لكل إنسان أفكاره الخاصة

  • مشاركة :
post-title
أسامة الرحباني

القاهرة الإخبارية - نورا سمير

أقنعت منصور رحباني بكارول سماحة وفرضتها على المسرح
هبة طوجي أصغر فنانة تتولى بطولة عمل مسرحي للرحبانية

نشأ المنتج والمؤلف الموسيقي أسامة الرحباني، وسط عائلة فنية لها حضورها الخاص في عالم الموسيقى، يشار إليها بالبنان فوالده المبدع الكبير الراحل منصور الرحباني وعمه الموسيقار الراحل عاصي الرحباني، الذي تزوّج الفنانة الكبيرة فيروز وكان ملحنًا لمعظم أغنياتها، إذ كان مراقبًا لجلسات عمل الرحبانية مع فيروز والتدريبات اليومية على الأغاني وأجواء استوديو التسجيل.

هذا التكوين العائلي ذو الملامح الخاصة يجعل افتراضًا أن طريق أسامة الرحباني نحو عالم الموسيقى كان ممهدًا أمر حاضر، لكنه كشف في حواره لـ"القاهرة الإخبارية"، أن قصة دخوله هذا المجال مغايرة تمامًا، إذ إن جيل الآباء كان يرفض عمل الأبناء لأن الفن يحمل إلى النفس مشاعر قلق طوال الوقت وحيثما ذهب، دون أن يعرف صاحبها الراحة، فهو لا يعرف هل الفكرة المبهمة التي يتم تحويلها إلى عمل فني ستعجب الجمهور أم لا؟!.

هذا الرفض من جانب كبار العائلة كان متعلقًا بامتهان الفن فقط، إذ يقول أسامة الرحباني إن المحبة التي تفيض بها قلوبهم للموسيقى ظهرت مع نصائح دائمًا تصل إلى التشجيع بسماع الموسيقى الكلاسيكية وقراءة الكتب والعزف على البيانو، لهذا تأثر كثيرًا بالبيئة المحيطة به وتكوّن لديه مخزون ثقافي، ووضع لنفسه حلم وتحدي بأن يسير في نفس الطريق لكن بأسلوبه الخاص، ومن خلاله خلق موسيقى خاصة به.

فلسفة فنية

 لأسامة الرحباني منهج اكتسبه من تعليمات والده وقيمه التي غرسها به، إذ قال: شربنا من ينبوع الأخوين رحباني، ووالدي كان يؤمن بأن كل إنسان لديه أفكاره ويجب أن يكون نفسه أولًا، وكان يعرف منذ البداية أنني صاحب أفكار مختلفة عن غيري، إذ عملت مع الأخوين رحباني وعمري 16 عامًا وورثت عنهما الجدية والاحتراف والمهنية والسخاء في طريقة التعاطي وأيضًا مزج الفكر مع الفن، فقبل الرحبانية لم يكن هذا المنطق في التعامل مع الفن موجودًا، فالأمر لا يتوقف فقط عند أخذ قصيدة وتلحينها، بل كان لديهما توجه له علاقة بالله والأرض والإنسان والحب إذ كانت لديهما فلسفة فنية.

مثلت موسيقى "الجاز" اهتمامًا خاصًا لأسامة الرحباني، إذ انتقل للتأليف الموسيقي وأسس فريقًا يُدعى "JAZZ GATE"، لا سيما أنه كان يفكر دومًا في خلق نوع من الثقيف بموسيقى الجاز في لبنان، قائلا: "كانت هذه الفرقة الوحيدة في العالم العربي القادرة على تقديم أنواع مختلفة من الموسيقى، إضافة إلى أنها تغطي مراحل تاريخية كبيرة من موسيقى الجاز، التي لم تتوافر عنها معلومات مثل ما يتاح حاليًا على شبكة الإنترنت، لذا كنا نعمل على الاستكشاف بأنفسنا ومن خلال تجاربنا الخاصة، وهو ما أحدث ضجة كبيرة في لبنان، وبدأت بعدها التلحين والتأليف الموسيقي، وذهبت في التسعينيات إلى جامعة بيركلي كوليدج أوف ميوزيك بوسطن للموسيقى، في الولايات المتحدة الأمريكية والتحقت بورشتي عمل".

عودة إلى الوطن

عاد أسامة الرحباني إلى لبنان ليعمل مع والده في المسرح عبر تأليف موسيقى راقصة، وإنتاج كليبات غنائية، من منطلق أن لديه الرؤية الموسيقية وصاحب الفكرة، إذ يقول: أتناول من خلال هذه الأعمال مشكلات الشعب وأوجاعهم ولأول مرة ظهرت كليبات بها رقص في الشوارع، ومنها كليب "بلدية بيروت"، وتوجهت إلى المسرح بموسيقى مختلفة، لأعمل مع أصوات ومواهب جديدة كانت من ضمنهم كارول سماحة ولوريت حلو، وأصدرنا ألبومًا بعنوان "النظام الجديد"، حقق نجاحًا كبيرًا ـوكان به فيديو كليب مشهور اسمه "لازم أغير النظام" و"هيدا لبنان"، الذي حصل على جوائز عالمية لأنه يحكي عن إنسان في المجتمع قرر تغيير النظام والمنظومة القديمة أن يكون ضد كل هذه الأشياء والترسبات السيئة القديمة في المجتمع الممتدة لنحو 400 سنة، وتضمن أيضًا أغنية ناجحة بعنوان "جيفارا".

نقطة تحول

حرص أسامة خلال هذه الفترة على أن يرافق والده في التأليف والتوزيع الموسيقي لأعماله المسرحية، بداية من "الوصية" إلى "الانقلاب" لأخوته مروان وغدي الرحباني، ثم بعد ذلك قدّم "آخر أيام سقراط" عام 1997، وأنتج مع منصور الرحباني أغنية "بصباح الألف الثالث" غناء كارول سماحة، حتى أنتج أول مسرحية له بعنوان "وقام في اليوم الثالث" ووضع الموسيقى لها، يقول عنها: "كانت مختلفة من حيث نوعية الرقص الجديدة على المسرح، وشكل الفرقة، ومن هنا بدأ تطويري في الموسيقى وطريقة المغنى، إذ تعد نقطة تحول مهمة في حياتي وكان فيها دور رائع لغسان صليبا بصوته المميز وطريقة استخدامه لها".

وأضاف: " شاركت والدي في عروض "ملوك الطوائف" و"أبو طيب المتنبي" و"حكم الرعيان"، وفي 2004 أنتجت مسرحية بعنوان "آخر يوم" مستوحاة من رائعة وليام شكسبير "روميو وجولييت"، التي تلقي الضوء على المجتمع اللبناني متعدد المذاهب والطوائف، وفي 2005 أطلقت مسرحية تعد قطعة فنية مميزة بعنوان "جبران والنبي" فكرة وموسيقى أسامة الرحباني، ثم جاءت مرحلة أخرى في مشواري الفني".

أسامة الرحباني وهبة طوجي
كارول سماحة وهبة طوجي

يرجع لأسامة الرحباني الفضل في اكتشاف الفنانة اللبنانية كارول سماحة والإيمان بها وقت أن انضمت لفريق عمل مسرحية "الوصية"، ثم بدأ العمل معها وكانت أولى أغانيها عام 1994، بالمشاركة مع غسان رحباني وسيمون عبيد بعنوان "يا سيد الزمان" وانضمت لألبوم "النظام الجديد" فيما بعد، إذ يقول: استمر التعاون بيننا حتى أخذت دور "تيودورا" في مسرحية "آخر أيام سقراط"، ومسرحية "زنوبيا" عام 2007 في دور البطولة.

يضيف الرحباني: فرضت كارول سماحة على المسرح بعدما اقتنع منصور الرحباني بترشيحي لها في هذا الدور، لأنني كنت أعلم أن لديها موهبة وإمكانات فنية كبيرة، كما أنها نشأت على حب المسرح، ورغم أن الجهة المنتجة لأغنية "صباح الألف الثالث" كانت تريد فنانة أخرى، لكنني قررت الاستعانة بكارول سماحة.

أما عن تجربته واكتشافه للفنانة هبة طوجي، فقال أسامة الرحباني: "هي أصغر فنانة تتولى بطولة عمل مسرحي للرحبانية، ولديها حافز دائم للتعلم، وقابلتها في عمر 18 عامًا وبدأت الرحلة معها، وأخبرتها حينها أنها تتمتع بموهبة الغناء وبالفعل عندما سمعت صوتها فوجئت بأنه رائع ولديها ثقافة موسيقية، وكنت في هذا الوقت أجهز لألبوم أعطيتها أغنياته بالكامل، كما أنني جعلتها تلعب دور البطولة في مسرحية "عودة الفينيق" مع منصور الرحباني، حيث كان آخر عمل له قبل وفاته، وجسّدت هبة شخصية "روكسانا"، كان أداؤها أكثر من رائع، وكانت أول أغنية تصدر لها بعنوان "مثل الريح"، وتعد علامة فارقة لموهبة في عمر صغير تغني بهذا الأداء الرائع، ليستمر التعاون من عام 2007 حتى وقتنا الراهن".

وتابع: لدى هبة طوجي شخصية وتفكير وتوجه عالمي يشبهني أكثر، فأول ألبوم لها كان عام 2011 بعنوان "لا بداية ولا نهاية" وثاني ألبوم لها في 2014 كان بعنوان "يا حبيبي"، ثم تتابعت الألبومات، كما غنت في النسخة الفرنسية للفيلم العالمي "علاء الدين" واضعة صوتها على شخصية "ياسمين" في الأغاني، مشيرًا إلى أنها ستطرح خلال الفترة المقبلة، ألبومًا يضم أغانٍ بلهجات مختلفة منها المصرية.

كارول سماحة
المسرح الرحباني

يصف أسامة الرحباني المسرح بأنه أصعب الفنون قائلًا: المسرح الرحباني متطلب إنتاجي للغاية، فعناصر مثل الموسيقى والشعر والدراما والديكور وما إلى ذلك تتكلف ميزانية كبيرة، كما أن العثور على فنان يجمع بين موهبتي التمثيل والغناء أمر ليس باليسير، كما تظهر تحديات أخرى تتعلق بالإجابة عن أسئلة منها ماذا سنقدم للجمهور؟ وكيف نجذبهم لمشاهدة العرض الفني؟، ونظرًا للأزمة الحالية التي نشهدها توقف المبدعون عن تقديم الحفلات الموسيقية العادية، ورغم ذلك قدمت مع هبة طوجي والعازف إبراهيم معلوف حفلًا بعنوان "ليلة أمل" على مستوى عالٍ من العالمية، لأن الإنسان يظل دائمًا لديه أمل ليقدم أعمال جديدة ومميزة.