يرى صنّاع الدراما أن نجاح أعمالهم مع الجمهور وتكوين قاعدة شعبية في الشارع العربي بمثابة تأشيرة مرور لتقديم جزء أو أكثر من العمل نفسه، لكن هذه القاعدة التي يستند إليها البعض قد لا تصبح ثابتة، ولا يُضمن من خلالها نجاح الجزء الجديد، وهو ما يفسره فشل أجزاء جديدة من أعمال كانت قد حققت نجاحًا كبيرًا في جزءها الأول.
على الرغم من أن دراما الأجزاء تقليد قديم اتبعه الكثيرون، لكن الأمر اختلف في السنوات الماضية عن المسلسلات التي قُدمت في التسعينيات وما قبلها، ففي السابق كان صنّاع الأعمال في هذه الفترة يعلنون مُسبقًا رغبتهم في تقديم جزء أو أكثر من العمل من عدمه ويوثقون ذلك بكتابته على التتر، مثل مسلسل "ليالي الحلمية" و"المال والبنون"، في المقابل يستند عدد من صنّاع الدراما إلى اتخاذ قرار في هذا الشأن بعد نجاح الجزء الأول من العمل، ويرى عدد من صنّاع الدراما والنقاد أنه من الضروري أن يكون هناك تحضير مسبق للأجزاء الجديدة، إذ ينبغي أن يكون ذلك ضمن خطة العمل من بداية التحضير له.
معيار الجودة
يؤكد المؤلف الكبير بشير الديك أن تقديم أجزاء جديدة من المسلسلات لا يحكمه سوى معيار واحد فقط وهو جودة السيناريو، ويقول لموقع "القاهرة الإخبارية": "الفن ليس له معيار ثابت، فمن يستطيع أن يقدم منتجًا جيدًا ورسالة فما المانع من تقديمه".
يشير إلى أن هناك أعمالًا قد تعجب الجمهور في أجزائها الأولى، لكن المعالجة الفنية لأجزائها الثانية أحيانًا لا تكون بالقوة نفسها، وأن البعض يلجأ لتقديم أجزاء جديدة من الأعمال الناجحة لتحقيقها شعبية عند الجمهور.
بينما يؤكد المؤلف مجدي صابر، أن دراما الأجزاء تعد استثمارًا لنجاح الجزء الأول، وأن صنّاع الأعمال أحيانًا لا يجهزون مُسبقاً لتقديم جزء ثانٍ أو ثالث إلا بعد نجاح الأول، وأنها ظاهرة ملموسة في الأعمال التي يُقدم منها أجزاء، مشيرًا إلى أن استفادة صنّاع الدراما من نجاح عملهم بتقديم جزء ثانٍ لا يعد عيبًا ولكنه يُشترط أن يكون هناك جديد يُقدم في الأجزاء التالية، وألا يُعتمد فقط على نجاح الجزء الأول للعمل.
يضيف صابر لموقع "القاهرة الإخبارية" أن هناك أعمالًا تم إعادة تقديم أجزاء منها لكنها لم تلق نجاحًا، في حين أن أعمالًا أخرى نجحت أجزاؤها لأنها احتوت على " قماشة عريضة" وقام صنّاعها بتطوير خطوطها الدرامية، واجتهدوا في تقديم شيء مختلف بالأجزاء الأخرى جديدة.
وأوضح أنه من الأفضل أن يقوم صنّاع الدراما بتحديد ما يريدونه من البداية وتوضيح موقفهم من تقديم جزء ثان من العمل من عدمه، إذ يقول: "إذا حدد كاتب المسلسل هذا الموضوع من البداية، وقتها سنلاحظ أن الفكرة التي يناقشها في تصاعد مستمر ونجاحها يزداد مع الوقت ولن يأخذ من رصيد الجزء الأول".
استكمال وجهة نظر
يؤكد الناقد المصري عصام زكريا، أن تقديم أجزاء جديدة من العمل يعد استغلال نجاح للجزء الأول، ويقول لموقع "القاهرة الإخبارية" إن النجاح المسبق للعمل لا يضمن نجاح أو فشل الجزء الجديد منه، كما أن دراما الأجزاء ظاهرة قديمة وموجودة منذ زمن طويل، ومقياس النجاح يعتمد على عوامل عديدة منها مدى بذل الجهد في تقديم الجزء الثاني، وتقديم فكرة جاذبة للمشاهد، وإدخال عناصر جديدة عليها وخطوط درامية، مؤكدًا أن النجاح ليس له قاعدة محددة لكن بحسب كل عمل ومدى تقبل الجمهور له.
موضحًا أن تقديم صنّاع الدراما جزء جديد من أعمالهم يرجع في بعض الأحيان إلى الإفلاس أو كسل في تقديم فكرة جديدة، وفي أحيان أخرى يكون استكمالًا لوجهة نظر لم تستكمل في الجزء الأول.
يؤكد "زكريا" أنه لا يمكن الحكم على نجاح أو فشل عمل إلا بعد رؤيته، كما لا يمكن الحَجر على رغبة صنّاع الأعمال في تقديم جزء جديد، وليس شرطًا أن يكون الجزء الثاني أضعف أو أقل نجاحًا من الأول أو العكس، فهذا له معايير أخرى وفي النهاية هو توفيق من الله وقبول من الجمهور.
عنق الدراما
بينما يقول الناقد المصري طارق الشناوي، إنه في السابق كانت أعمال الأجزاء الأخرى يتم كتابتها من البداية مثل مسلسل "ليالي الحلمية" الذي كُتب على خمس أجزاء، ولكن حينما أرادوا استثمار النجاح الكبير الذي حققه العمل في جزء سادس لم يلق النجاح المطلوب، ومسلسل "المال والبنون" كُتب على جزأين من البداية، لكن استثمار النجاح حاليًا أعتبره لي عنق للدراما من أجل الاستمرار، وكنت أتمنى أن يُفكر محمد سامي ومحمد رمضان في دائرة درامية أخرى بعيدًا عن تقديم جزء ثانٍ من العمل.
يضيف: "المتفرج الذي يُشاهد الجزء الثاني من جعفر العمدة، سيكون لديه توقع عالي جدًا بالنسبة للأحداث خاصة أن المسلسل وصل للذروة في الجزء الأول، وقبل ذلك مسلسل بـ100 وش بعد نجاحه أراد البعض تقديم جزء ثانٍ من العمل ولكن مخرجته كاملة أبو ذكري رفضت الأمر".