الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مستهدفات طموحة.. ما الانعكاسات الاقتصادية غير المباشرة المحتملة لمؤتمر المناخ على مصر؟

  • مشاركة :
post-title
مؤتمر المناخ في مصر (Cop 27)

القاهرة الإخبارية - شعبان الأسواني

يمثل تنظيم المؤتمر الـ27 للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) في مصر، فرصة ذهبية لتعزيز العمل المناخي الدولي، وتوحيد مطالب البلدان الإفريقية والنامية، بشأن إمكانية إيجاد سياسات أكثر فاعلية تلتزم بها الدول المتقدمة، لتحمُّل مسؤوليتها في مواجهة التداعيات السلبية للتغير المناخي.

وفي ظل تأكيد الحكومة المصرية، من خلال فعاليات من المؤتمر، على إصلاح الضرر الواقع على الدول الفقيرة، عبر برامج الاقتراض من أجل تمويل استراتيجيات المناخ الوطنية في دول القارة، يبقى سؤال: ما الانعكاسات الاقتصادية غير المباشرة المحتملة للمؤتمر؟

إشادات دولية:

حصلت مصر على إشادات دولية عديد من المنظمات والمسؤولين، كانوا قد أشادوا باستضافة مصر لمؤتمر المناخ، والجهود المصرية المبذولة في مجال البيئة والطاقة النظيفة المتجددة، وأبرزها ما يلي:

(*) وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية؛ التي أكدت في يوليو 2021 أن القاهرة تمتلك أكبر قدرات كهربائية من طاقتي الرياح والشمس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أكدت الوكالة أن مصر ستكون أحد أسرع أسواق الطاقة المتجددة غير الكهرومائية نموًا، في المنطقة على مدار السنوات العشر المقبلة.

(*) الوكالة الدولية للطاقة، التي توقعت في ديسمبر 2021 أن مصر ستكون ضمن 5 دول يتركز فيها أكثر من 75 في المئة من الزيادة المتوقعة في إنتاج الطاقة المتجددة، على مستوى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

(*) صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، التي سلطت الضوء على مؤتمر المناخ الذي يقام في مصر، مؤكدة على دور مصر الكبير لاستقبال المؤتمر، وبتحويل شرم الشيخ إلى مدينة خضراء بالكامل.

(*) تحالف جلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري (GFANZ)، فقد أشاد الدكتور مارك كارني الرئيس التنفيذي للتحالف والمبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل المناخي والتمويل، بتنظيم مصر لمنتدى التعاون الدولي والتمويل الإنمائي في هذه اللحظة الحاسمة، قبل 60 يومًا من انعقاد مؤتمر الأطراف في شرم الشيخ.

(*) سفير السويد بالقاهرة هوكان إيمسجورد، فقد أشاد بجهود مصر لاستضافة مؤتمر المناخ، مؤكداً أن هناك مشروعات عديدة مشتركة بين البلدين، لعل من بينها المناخ.

(*) المبعوث الرئاسي الأمريكي للمناخ، فقد أكد جون كيري، ثقة الجانب الأمريكي في قيادة مصر لقمة المناخ المقبلة، وحرصهم على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في هذا الإطار، لدفع الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ، كما أشاد بما يلمسه المجتمع الدولي من جدية حقيقية من جانب الرئيس المصري تجاه عمل المناخ الدولي، والتحول الأخضر، وهو ما عكسته جهود مصر على المستوى الداخلي وكذلك الدولي.

(*) مستشار برنامج المناخ العالمي، فقد أشاد الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي وأمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، بما بذلته مصر في التعامل مع التغيرات المناخية، بداية من حماية للشواطئ المصرية بتكلفة 700 مليون دولار لمواجهة ظاهرة التآكل بسبب ارتفاع الأمواج، بالإضافة إلى إقامة مشروعات الطاقة الجديدة والمتجدّدة وكفاءة الطاقة.

انعكاسات غير مباشرة:

من المرجح أن يتمخض عن استضافة مصر العديد من الانعكاسات الإيجابية غير المباشرة، التي سكون لها تأثير كبير على الاقتصاد المصري، والتي يتمثل أبرزها فيما يلي:

(&) زيادة معدل النمو: فقد كانت مصر من الدول القليلة في الاقتصادات الناشئة والدول النامية التي استطاعت تحقيق معدل نمو موجب خلال عام 2020 يقدّر بنحو 3.6 في المئة، حيث قامت الحكومة المصرية على مدار السنوات الخمس السابقة بالعديد من الإجراءات الإصلاحية؛ بهدف وضع الاقتصاد المصري على مساره الصحيح، ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وبشأن العوائد المستهدفة من استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035؛ التي أطلقتها مصر في إطار التجهيز للمؤتمر، من المرجح أن تعمل الاستراتيجية على زيادة الناتج المحلي الإجمالي في مصر من 10 إلى 18 مليار دولار بحلول عام 2025.

فقد أشارت توقعات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2022، إلى استمرار الاقتصاد المصري في تحقيق نمو قوي خلال السنوات المقبلة ليصل إلى 6.6 في المئة عام 2022.

ووفقًا لأحدث التقديرات الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فقد حقق الاقتصاد المصري نموًّا بنسبة 6.6 في المئة، خلال العام المالي 2021-2022،حيث سجل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نموًّا بلغ 2.3 في المئة، في العام المالي 2020-2021، مقارنة بنحو 1.9 في المئة بالعام المالي 2019-2020.

معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي (2013/2014-2021/2022)

(&) انخفاض معدلات البطالة: فمن المرجح أن تتيح استراتيجية الطاقة المستدامة لعام 2035؛ التي أطلقتها مصر في إطار التجهيز للمؤتمر، أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة، بجانب المساهمة في تخفيض واردات مصر من المواد البترولية، وكذلك تقليل انبعاثات الكربون، هذا وبزيادة دور القطاع الخاص، فمن المتوقع زيادة مُستوى التشغيل، وخفض معدلات البطالة إلى أدنى مُستوياتها، مع توسيع الطاقة الاستيعابية لسوق العمل لتصل 900 ألف فرد، مع الإبقاء على مُعدّلات البطالة في حدود 7.3 في المئة، عام 2022-2023.

تطور معدل البطالة في مصر (2018-2021)

(&) تخفيض الديون: إن الحد من الديون وإيجاد أساليب جديدة للخدمة سيقطع شوطًا طويلاً لمساعدة الدول النامية على إزالة الكربون، لذلك قد ينتج عن المؤتمر تعهدات من الدول الكبرى والمؤسسات الدولية بشأن تخفيض الديون عن عاتق تلك الدول.

(&) تحسين ترتيب مصر في المؤشرات الدولية: من المتوقع أن يتحسن ترتيب مصر في مؤشر جاذبية الدول للاستثمار في الطاقة المتجددة بصورة ملحوظة، حيث أصبحت مصر من أفضل 20 دولة على مستوى العالم،فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات التي تشجع على الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة، كما تقدمت مصر 20 مركزاً في مؤشر السياسة المناخية طبقاً لمؤشر أداء تغير المناخ 2022، كما أن المؤتمر قد يؤدي لتحسن ترتيب مصر في المؤشرات الدولية المرتبطة بالاستثمار ومستقبل الاقتصاد.

(&) سوق كربون إفريقي: من أهم الفرص المتاحة للمؤتمر، تعزيز دور مصر لقيادة سوق كربون إفريقي يتناسب مع أولويات وظروف اقتصادات الدول الإفريقية، ويسهم بفاعلية في تمويل إجراءات التكيف في دول القارة، وتعزيز الأمن الغذائي من خلال مشروعات التخفيف والتكيف، إلى جانب تفعيل الزراعة الذكية مناخياً، وما قد يعزز من احتمالات ذلك، إطلاق مصر في 9 نوفمبر 2022، أول سوق إفريقي طوعي لإصدار وتداول شهادات الكربون؛ التي تُعد منصة لمساعدة الكيانات الاقتصادية العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في مصر وإفريقيا على الانخراط في أنشطة خفض الانبعاثات الكربونية، والاستفادة من استصدار وبيع شهادات بموجب الخفض لصالح شركات أخرى ترغب في معاوضة انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها؛ بما سيمكن القطاع الخاص الإفريقي من المساهمة في تحقيق الحياد الكربوني والوصول لحلول تمويلية تنموية مبتكرة، كما سيعزز قدرات القارة الإفريقية في تحقيق المستهدفات المناخية وفق المعايير الدولية.

(&) الدعم الفني: من المرجح أن يتوفر على هامش المؤتمر الدعم الفني الذي تقدمه المؤسسات الدولية للدول في صياغة الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة التغير المناخي، مما سيساعد في تعزيز استجابة الدول، لا سيما النامية والإفريقية، للتحديات المناخية، وتشجيع الحكومات على إنشاء منصات فعالة في العمل المناخي.

(&) مشروعات الطاقة: من المتوقع أن تعمل أزمة الطاقة في أوروبا على تسريع عملية التحول نحو مصادر الطاقة الجديدة والنظيفة على المديين المتوسط والطويل؛ تلك المصادر التي تتوجه إليها مصر بمشروعات كثيرة.

(&) اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل: إذ تضمن المؤتمر، إطلاق عمل اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل، في 10 نوفمبر 2022، والتي تتكون من 20 خبيراً في تمويل المناخ، بهدف مساعدة مؤتمر (COP) في ممارسة وظائفه فيما يتعلق بالآلية المالية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويشمل ذلك تحسين الاتساق والتنسيق في تقديم التمويل المتعلق بتغير المناخ، وترشيد الآلية المالية، وتعبئة الموارد المالية، وقياس الدعم المقدم إلى البلدان النامية.

في الختام، لابد من الإشارة إلى أن مصر لديها القدرات التي تؤهلها لحشد الدعم الدولي من أجل توفير تمويل دولي للمشاريع المتعلقة بالمناخ، من خلال رئاستها لمؤتمر (COP27)، هذا العام، لما تتمتع به من علاقات قوية مع جميع دول العالم، لا سيما العلاقات الاقتصادية والمالية؛ الأمر الذي من المرجح أن يعزز من احتمال تحقيق مصر لمكاسب اقتصادية عميقة من وراء استضافتها ورئاستها للمؤتمر.