بحضور سوريا قمة الجامعة العربية الـ 32، المنعقدة في جدة، اليوم الجمعة، أصبح البيت العربي كامل العدد، واكتملت دائرة النقاش، وتتعلق الآمال بإرادة سياسية عربية باتت جلية الأيام الماضية لمخرجات استثنائية تدعمها نقاط قوى بصبغة دمشقية.
وتضيف عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب دام أكثر من 11 عامًا، نقاط قوة لقمة جدة، رصد مكامنها سياسيون ومحللون وسط توقعات بتأثيرها على المخرجات والحلول.
عودة ريادة "القاهرة الرياض دمشق"
قال طارق الأحمد، عضو المكتب السياسي بالحزب السوري القومي الاجتماعي، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن وجود سوريا أساسي ومحوري، ومن شأنه أن يكمل الدائرة على النقاش، ويمكن الحكام العرب من التعاون على تطويق الأزمات التي تعصف بالمنطقة، لا سيما الأمنية، والتخفيف منها، مؤكدًا أن في تعاضدهم مصلحة للجميع.
أشار السياسي السوري، إلى فقدان منظومة الأمن الإقليمية في المنطقة في ظل غياب الريادة بين القاهرة والرياض ودمشق، وما تطرحه عودة سوريا للجامعة من آمال لعودة التوازن الإقليمي الثلاثي، قائلاً: "معظم قضايا المنطقة كانت تحل منذ عقود مضت بشكل ثلاثي، إذ كان هناك اجتماعات دورية ومعظم الأمور أو الخطرة منها يتم حلحلته بين العواصم الثلاث، وباقي الأمور كانت تناقش في الجامعة العربية".
أضاف أن عدم تواجد سوريا، خلال الفترة الماضية، جعل من بعض القضايا الأمنية في المنطقة، غير قابلة للحل وهو أمر عرض أمن المنطقة للخطر وطرح مخاوف لامتداد ما شبهه بالحريق، في تقديره، قائلًا إن: "الحرب لم تتوقف عند سوريا أو ليبيا أو اليمن، بالعكس تزداد وأكبر دليل على ذلك هو ما يجري في السودان مؤخرًا"، محذرًا من أنه لا ضمانة لهذه الصراعات التي شبهها "بحريق الغابة" من ألا تمتد إلا بحلول حاسمة وتوافق عربي حقيقي.
واتفق الباحث السوري المتخصص في العلاقات الدولية، محمد نادر العمري، معه في الرأي، حيث يرى أن من ضمن نقاط القوة التي يمنحها التواجد السوري لقمة جدة، هو مساهمتها في إعادة التوازنات القديمة سواء التوازن العربي التقليدي، بحسب ما وصفه، والمتمثل في مصر والسعودية وسوريا، أو التوازن السوري السعودي المتعارف عليه بمقاربة "س. س".
مقاربة (س. س)
تحدث "العمري"، في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية" أن من شأن التوازن السعودي السوري، أن يمهد لحل عدد من الأزمات في المنطقة، في مقدمتها ملف استعصاء انتخاب رئيس جمهورية في لبنان وحالة الفراغ السياسي التي تعصف باستقرار البلاد السياسي وتثقل كاهل الاقتصاد المنهك بالأساس.
من جانبه، لفت عضو المكتب السياسي بالحزب السوري القومي الاجتماعي، طارق الأحمد، إلى دور أساسي من شأن سوريا أن تلعبه لحلحلة أزمة لبنان، وخروج قمة جدة بمخرجات استثنائية في هذا الملف تحديدًا، قال "لبنان يواجه مشكلة بلا رئيس أو حكومة وكل الأمور باتت معطلة ومن الضروري التفاهم وفق قاعدة كانت معروفة بالسابق باسم "س. س" أي سوريا السعودية لتخفيف الأوضاع وليستقر هذا البلد".
المصالحة السعودية الإيرانية
إلا أن "العمري"، أكد أنه في ضوء قاعدة التقارب الثنائي، سابق الإشارة، يمكن لسوريا أيضًا أن تساهم في تسريع المصالحة ما بين السعودية وإيران، وهو الأمر الذي عدّه سينعكس بأمور أكثر إيجابية خلال المرحلة القادمة، نتيجة علاقة سوريا بإيران وعلاقتها الجديدة القديمة مع السعودية.
ومن جانبها، أشارت، سيلفا رزوق، الصحفية بالشؤون السياسية بجريدة الوطن السورية، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، إلى دور هام ستلعبه دمشق يتعلق بالتداعيات التي سيفرزها التقارب السعودي الإيراني، مؤكدة أن المتغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة، تستدعي تكاتفًا كبيرًا من المنطقة العربية، والوقوف على "الجانب الصحيح"، وفق تعبيرها، مما يجري في مواجهة تكتلات جديدة تنشأ في العالم.
وفي هذه النقطة علق، السياسي السوري، طارق الأحمد، قائلا: إن التفاهم السعودي الإيراني، "عاقل جدًا" وجنب المنطقة حربًا "عبثية كبيرة"، لا مصلحة للمنطقة أو الدول المرتبطة بها أن تحدث.
التفاهم السوري الخليجي وأزمة اليمن
وأشار السياسي السوري، على صعيد آخر، إلى تحليلات سياسية "رصينة" وفق تعبيره، تتحدث عن دور مهم من شأنه سوريا أن تلعبه في حل أزمة اليمن، قال "الأحمد": "منذ أن بدأ التفاهم السوري الخليجي وبالأساس مع السعودية هدأت الجبهة اليمنية بسبب العلاقات الجيوسياسية السورية، وقدرتها على التأخير" بحد قوله.
القضية الفلسطينية
وتحدثت رزوق، عن دور مهم قد تكفله سوريا متعلق بالقضية الفلسطينية وهي القضية المركزية للعرب، والتي ستتصدر أولوية قمة جدة، اليوم، مشيرة إلى "استضافة دمشق لفصائل فلسطينية لها دور بما يجري في فلسطين ومن شأنها لعب دور مهم للوصول إلى حل في الأزمة إلى جانب دور رئيسي تلعبه مصر".
واتخذت جامعة الدول العربية، في 7 مايو الجاري، قرارًا باستعادة سوريا لمقعدها واستئناف مشاركتها الفوري في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، وبدورها أكدت سوريا على ضرورة تعزيز العمل والتعاون العربي المشترك، وأن المرحلة المقبلة تتطلب نهجًا عربيًا فاعلًا وبناءً على الصعيدين الثنائي والجماعي، يستند على قاعدة الحوار والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة للأمة العربية.