الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

قراءة مسبقة.. ماذا يمكن أن يقدم مجلس الأمن لحماية المسجد الأقصى؟

  • مشاركة :
post-title
اجتماع لمجلس الأمن - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - محمود جمال

أعلنت وزارة الخارجية الأردنية في 5 أبريل 2023 في بيانٍ لها أن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة طارئة مغلقة الخميس 6 أبريل بطلبٍ من الأردن وفلسطين بهدف مناقشة انتهاكات دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى، وذلك وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الأردنية (بترا). من ناحيتها، أعلنت بعثة دولة الإمارات الدائمة لدى الأمم المتحدة على صفحتها الرسمية على تويتر باعتبارها ممثل العرب في مجلس الأمن عن قيامها بالشراكة مع الصين إلى الدعوة لمناقشة الأوضاع المقلقة بالأراضي المحتلة لا سيَّما ما يتعلق باقتحام المسجد الأقصى.

تأسيسًا على ما سبق، يحاول هذا التحليل قراءة ما يُمكن أن تؤول إليه جلسة مجلس الأمن الطارئة، والمزمع انعقادها اليوم بهدف دراسة التصعيد الذي قامت به قوات الأمن الإسرائيلية ضد المصلين في المسجد الأقصى بما يؤدي إلى التأثير على الوضع التاريخي الراهن للأماكن المقدسة.

تاريخ من الشجب:

يبرز تاريخ تعاطي مجلس الأمن الدولي مع القضية الفلسطينية بوجه عام، وحوادث اقتحام الأماكن المقدسة خاصة المسجد الأقصى ازدواجية كبيرة في المعايير الدولية؛ إذ تبرز واشنطن حق الفيتو في وجه أي إدانة قد تتعرض لها دولة الاحتلال الإسرائيلي على خلفية انتهاكها للمقدسات بالأراضي الفلسطينية المحتلة. نبرز فيما يلي تعاطي مجلس الأمن مع حالات اقتحام المسجد الأقصى:

(*) الاكتفاء بالشجب والإدانة: شهد مطلع عام 2023 انعقاد جلسة لمجلس الأمن للرد على اقتحام إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي في حكومة الكيان الصهيوني للمسجد الأقصى؛ حيث اكتفى مجلس الأمن بالتشديد على ضرورة الحفاظ على الوضع الراهن في المسجد الأقصى. في هذا السياق، انتقد رياض منصور، مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة وقتها تعامل مجلس الأمن مع حالة التصعيد الخطيرة في المسجد الأقصى متسائلًا عن الخطوط الحمراء التي يجب أن تتجاوزها إسرائيل ليتدخل مجلس الأمن. وتبرز صرخة المندوب الفلسطيني عجز مجلس الأمن عن إدانة الأفعال غير المسئولة للحكومة الإسرائيلية التي تُوصف بأنها الأشد تطرفًا في تاريخ إسرائيل. وتنذر هذه الصرخات بضيق الفلسطينيين من الأفعال الإسرائيلية، وعجز المجتمع الدولي عن إيقافها، وهو ما قد يؤدي إلى فقد الشعب الفلسطيني للأمل، والذهاب إلى المقاومة باعتبارها السبيل الوحيد للحصول على الحقوق، وهو أمر خطير بطبيعة الحال.

اقتحام "بن غفير" للمسجد الأقصى

(*) حماية أمريكية مطلقة للممارسات الإسرائيلية: تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو داخل أروقة مجلس الأمن بهدف حماية الممارسات الإسرائيلية من أي إدانة دولية قد تلاحقها، وبهذا تشل يد المجتمع الدولي عن ممارسة مهامه في حفظ السلم العالمي على الأراضي الفلسطينية المحتلة. فتاريخ الفيتو الأمريكي زاخر بالقرارات المناهضة للحقوق المشروعة للفلسطينيين. وتشير الإحصاءات إلى أن واشنطن استخدمت حق الفيتو 82 مرة، منها فقط 43 مرة ضد حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. جدير بالذكر أن الفلسطينيين قد شاركوا في الاجتماع الخماسي الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية في 19 مارس 2023 بحضور عربي وأمريكي لفضح الممارسات الإسرائيلية أمام الإدارة الأمريكية، وتأكيدًا لحرصهم المستمر على خفض التصعيد وإيمانهم بعملية السلام بعكس ما تقوم به حكومة نتنياهو المتشددة.

(*) توافق عربي على إدانة الممارسات الإسرائيلية: يشير تأكيد مندوب فلسطين، رياض منصور، في مؤتمر صحفي عقد في 5 أبريل 2023، وضم سفراء عدد من سفراء الأمم المتحدة، ومجموعة من سفراء الدول العربية؛ وهم مصر، والإمارات، والجامعة العربية، ولبنان، والمغرب، والأردن، والجزائر، وموريتانيا إلى الأهمية التي يوليها العرب لجلسة مجلس الأمن المقرر انعقادها اليوم الخميس، للخروج بقرار إدانة لممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى بالمخالفة لكافة تعهداتها والتزاماتها السابقة.

احتمالات مُرجحة:

من المُرجح ألا تحمل نتائج جلسة مجلس الأمن الطارئة بشأن ما يجري في المسجد الأقصى جديدًا؛ إذ تعتمد إسرائيل على الفيتو الأمريكي لمواجهة أي ضغوط أو إدانات دولية قد تتعرض لها. ونبرز فيما يلي أبرز ما يُمكن أن تسير عليه جلسة مجلس الأمن اليوم، الخميس، الموافق 6 أبريل 2023:

(*) تنسيق للمجموعة العربية: من المُرجح أن تقوم المجموعة العربية بالتنسيق فيما بينها بشأن ما قد تسير عليه جلسة مجلس الأمن الطارئة، وذلك بالتعاون مع الصين وروسيا. وفي هذا السياق، أعلنت بعثة دولة الإمارات الدائمة لدى الأمم المتحدة بالشراكة مع الصين باعتبارها شريك استراتيجي للدول العربية الدعوة للجلسة الطارئة المغلقة لمجلس الأمن الدولي، وهو ما يبرز الحاجة المُلحة للدول العربية لضرورة التعاون والتكاتف فيما بينهم لاستغلال علاقاتهم بالقوى العالمية الكبرى كالصين وروسيا ومندوبي مجلس الأمن الدائمين للضغط على دولة الاحتلال الإسرائيلي ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية للحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة لعدم استفزاز المسلمين حول العالم خاصة أننا في شهر رمضان المبارك.

(*) دعم روسي صيني للموقف العربي: ترأس روسيا هذا الشهر جلسات مجلس الأمن، لذلك من المُحتمل أن يبرز المُمثل الروسي دعمًا كبيرًا للموقف العربي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني في أماكنه المقدسة وقضيته العادلة، وذلك مناكفة للجانب الأمريكي الذي لا يخفي دعمه غير المحدود لدولة الاحتلال الإسرائيلي. وقد أكد مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة عن طلبه لعقد اجتماع مع رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، روسيا، وهو الأمر الذي يؤكد عمل المجموعة العربية على التنسيق الدولي واسع النطاق، وهو ما برز كذلك من بيان البعثة الإماراتية الدائمة لدى الأمم المتحدة كون الصين ستتبنى الموقف العربي في هذا الشأن، وهو الأمر الذي يتطلب استغلال الظرف الدولي الراهن لممارسة الضغوطات على الولايات المتحدة لإدانة التصعيد الإسرائيلي في الأماكن المقدسة خاصة أنها كانت حاضرة في الاجتماع الخماسي الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية، والذي خرج باتفاق يدعو إلى خفض التصعيد، وضرورة الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة.

(*) تأكيد الوصاية الأردنية، وخفض التصعيد: دعا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تور وينسلاند إلى رفض العنف، واحترام الوضع الراهن في القدس. ومن المرجح أن يخرج مجلس الأمن بدعوة إلى تهدئة الأوضاع في المسجد الأقصى، ورفض التصعيد إضافة إلى التشديد على الحفاظ على الوضع التاريخي القائم للأماكن المقدسة بما يؤكد وصاية المملكة الأردنية الهاشمية على المسجد الأقصى.

(*) سعي إسرائيلي لحشد الجهود لتجنب أي إدانة: ستعمل دولة إسرائيل حتى موعد انعقاد جلسة مجلس الأمن على حشد جهودها الدبلوماسية، وممارسة الضغوط على بعض الدول لتجنب خروج أي إدانة أو قرار من جلسة مجلس الأمن المزمع انعقادها اليوم، ومن المحتمل أن تقف الولايات المتحدة كالعادة أمام أي قرار ضد إسرائيل عبر فرضها حق النقض (الفيتو).

في الختام، يبقى أمام الفلسطينيين والمجموعة العربية تحديًا يتعلق بشكلٍ مباشر بضرورة استغلال حالة الانقسام الدولي التي أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية، والضغط من أجل تطبيق توصيات مجلس الأمن الدولي بخصوص عدد من القرارات السابقة لمجلس الأمن مثل الاستيطان، وحق تقرير المصير، والعمل على تضييق الخناق على الحكومة الإسرائيلية للقبول بهذه التوصيات.