قال محمد جبران وزير العمل المصري، إن إطلاق الإستراتيجية الوطنية للتشغيل يمثل خطوة محورية على المستويين الوطني والدولي، مشددًا على أنها ليست مجرد إعلان، وإنما ثمرة عمل استمر عدة أشهر، شمل رصدًا دقيقًا للبيانات وإنشاء قاعدة بيانات متكاملة للعمالة في مصر.
وأضاف وزير العمل المصري، لـ"القاهرة الإخبارية"، أن الإستراتيجية تعتمد على إعداد خريطة شاملة للعمالة والحرف الحالية والمستقبلية، بما يحدد أماكن تركز العمالة وأنواع المهارات المطلوبة.
وأوضح أن المنصة المرتقبة -المقرر إطلاقها في أوائل 2026- ستتيح تواصلًا مباشرًا وسريعًا بين أصحاب الأعمال والعمالة، وكذلك مع الشركات العالمية الباحثة عن الكفاءات.
وأشار "جبران" إلى أن المنصة ستوفر آليات حديثة لاختيار العمالة، تشمل اختبارات إلكترونية عبر الإنترنت، إلى جانب اختبارات عملية داخل مراكز التدريب التابعة للوزارة، مؤكدًا أن هذه المنظومة ستسهم في تسريع التوافق بين متطلبات سوق العمل والمهارات المتاحة، وتوفر ملايين فرص العمل بطريقة سهلة ومنظمة.
وحول تراجع معدل البطالة إلى 6.4% خلال عام 2025، أوضح وزير العمل المصري أن المشروعات القومية العملاقة التي نُفذت خلال السنوات الماضية أسهمت بشكل مباشر في خفض البطالة، ووفرت عمالة ماهرة عالية المستوى، مستشهدًا بمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، ورأس الحكمة، ومحطة الضبعة النووية، ومشروعات مزارع الأسماك والطاقة الجديدة والمتجددة، وخاصة طاقة الرياح في البحر الأحمر.
العمالة المصرية تتجاوز 80% في مشروع الضبعة النووي
كما قال وزير العمل المصري إنّ الفكرة القديمة التي كانت تفترض اعتماد المستثمرين الأجانب على عمالة وافدة بسبب عدم تأهيل العامل المصري للتكنولوجيا الحديثة لم تعد موجودة على الإطلاق، مشيرًا إلى أن الواقع الحالي يثبت العكس تمامًا، خاصة في المشروعات القومية الكبرى ذات الطبيعة التكنولوجية المعقدة.
وأضاف أن مشروع الضبعة النووي يمثل نموذجًا واضحًا لكفاءة العامل المصري، إذ تتجاوز نسبة العمالة المصرية 80% من إجمالي العاملين بالمشروع، رغم كونه من أكثر المشروعات تعقيدًا من الناحية التكنولوجية، مؤكدًا أنه شاهد ذلك بنفسه خلال زياراته الميدانية للمشروع.
وأوضح أن الشركاء الروس في مشروع الضبعة أعربوا عن إعجابهم الشديد بكفاءة العمالة المصرية، لافتًا إلى أنهم أكدوا اعتزامهم الاستعانة بهذه العمالة في مشروعات مماثلة بدول أخرى، بعد ما اكتسبته من خبرات متقدمة، كما أكد أن مشروعات طاقة الرياح تعتمد بالكامل تقريبًا على مهندسين وعمال مصريين.
خريطة دقيقة لسوق العمل
وأكد "جبران" أهمية إنشاء قاعدة بيانات مركزية وشاملة للعمالة في مصر، موضحًا أن هذه القاعدة تمثل حجر الأساس لفهم تركيبة سوق العمل من حيث الأعمار السنية والخبرات والمؤهلات، بما يسمح بوضع سياسات تشغيل دقيقة وفعالة تلبي احتياجات القطاعات المختلفة.
وأضاف أنّ التعامل مع العمالة باعتبارها كتلة واحدة لم يعد مقبولًا، مشددًا على ضرورة تقسيم العمالة إلى قطاعات واضحة مثل الصناعة والنسيج والهندسة المعمارية وغيرها، مع حصر أعداد العاملين بكل قطاع بشكل دقيق، بما يساهم في رسم خريطة حقيقية للعمالة الحالية والمستقبلية.
وتابع أن قاعدة البيانات ستساعد في تحديد المهن المطلوبة والمستحدثة في سوق العمل، فضلًا عن كشف المهن التي تعاني من نقص في العمالة، مؤكدًا أن التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي أصبحا عنصرين أساسيين في مختلف المجالات، ما يتطلب إعداد عمالة قادرة على التعامل مع هذه التحولات، بدءًا من مراحل التعليم المبكرة.