في عام لم تهدأ فيه العواصف السياسية، ولم تتراجع فيه حدة الصراعات الإقليمية، واصلت مصر تثبيت موقعها كفاعل رئيسي في معادلة الاستقرار الإقليمي والدولي. وبينما بدت المنطقة على شفا تحولات كبرى، تحركت القاهرة من موقع المبادرة لا رد الفعل، مستندة إلى دبلوماسية رئاسية نشطة تحكمها ثوابت الدولة الوطنية، واحترام السيادة، ورفض منطق الفوضى والتدخلات الخارجية.
وخلال عام 2025، تجسد هذا الدور عبر قمم دولية وعربية استضافتها مصر، لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل محطات سياسية أعادت التأكيد على أن القاهرة ما زالت مركز توازن في لحظة اختلال إقليمي غير مسبوقة.
دبلوماسية مصرية بثوابت راسخة
اعتمدت التحركات المصرية على دبلوماسية منفتحة على مختلف الأطراف، لكنها ملتزمة بمحددات واضحة، أبرزها دعم الدولة الوطنية، والحفاظ على وحدة الأراضي، ورفض التهجير القسري، والانحياز لمسارات السلام والتنمية. وبرز هذا النهج في توقيتات شديدة الحساسية، خاصة مع تصاعد الصراع في الأراضي الفلسطينية.
قمة فلسطين.. القاهرة توحّد الموقف العربي
في مارس 2025، ترأس الرئيس عبدالفتاح السيسي القمة العربية غير العادية، التي انعقدت بطلب من دولة فلسطين، وخصصت لمناقشة تطورات القضية الفلسطينية في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة والضفة الغربية.
مخرجات سياسية حاسمة
انتهت القمة إلى مواقف عربية واضحة، شملت الرفض القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم، والتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، باعتبار ذلك المسار الوحيد لتحقيق سلام دائم.
الخطة المصرية لإعمار غزة
اعتمدت القمة الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه، وهي الخطة التي حظيت بإجماع عربي، وعكست مستوى الثقة الإقليمية في الدور المصري.
أبرز محاور القمة
رفض التهجير القسري داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها.
دعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار وإغاثة سكان غزة.
تنسيق موقف عربي موحد لدعم حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية.
دلالات القمة العربية
أكدت القمة مكانة مصر كمركز ثقل عربي في ملف القضية الفلسطينية، ورسخت مسارًا عربيًا أكثر تماسكًا، يقوم على إنهاء الاحتلال وفق مرجعيات دولية واضحة.
شرم الشيخ.. عودة منصة السلام الدولية
في 14 أكتوبر 2025، استضافت مدينة شرم الشيخ قمة السلام الدولية، بمشاركة عربية ودولية واسعة، في إطار مساعٍ لإحياء جهود السلام ووقف الحرب في قطاع غزة ومنع امتداد تداعياتها إقليميًا.
أهداف القمة
الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
رفض التهجير والتوطين القسري للفلسطينيين.
دعم حل الدولتين واحترام القانون الدولي الإنساني.
تنسيق الجهود الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية.
مشاركة دولية ورسائل واضحة
شهدت القمة حضورًا رفيع المستوى من قادة ومسؤولين دوليين، وحملت رسائل سياسية مباشرة، أبرزها أن تحقيق الأمن الإقليمي يظل مرهونًا بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وأن إحياء مسار السلام لم يعد خيارًا مؤجلًا.
البيان الختامي
دعا البيان الختامي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية آمنة، والتزام المجتمع الدولي بالعمل الجاد من أجل تسوية عادلة ودائمة، مع دعم الجهود المصرية الرامية إلى إنهاء الصراع.
قمم 2025.. تكريس الدور المصري
عكست قمم عام 2025 قدرة القاهرة على إدارة الملفات الأكثر تعقيدًا، وإعادة توجيه الاهتمام الدولي نحو الحلول السياسية بدلًا من منطق القوة، كما أعادت شرم الشيخ إلى موقعها كمنصة عالمية للحوار.
ومن القاهرة إلى شرم الشيخ، لم تكن قمم 2025 أحداثًا دبلوماسية عابرة، بل رسائل سياسية تؤكد أن الشرق الأوسط بحاجة إلى سلام عادل ومستدام، وأن مصر لا تزال حجر الزاوية في أي معادلة إقليمية تسعى إلى الاستقرار.