شهد عام 2025 محطات فارقة في مسيرة البناء والتنمية التي تخوضها الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ ولم تكن هذه المشروعات مجرد تشييد لمبانٍ أو استصلاحٍ لأراضٍ، بل جاءت كتجسيدٍ لاستراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية، وتحقيق الأمن الغذائي، ورقمنة الخدمات الحكومية، بما يضع مصر في مصاف الدول المتقدمة استثماريًا وحضاريًا.
ورصدت الهيئة العامة للاستعلامات، في تقريرها المنشور، أبرز المشروعات القومية الكبرى التي جرى افتتاحها خلال عام 2025، مؤكدة أن هذه المشروعات تمثل ركائز أساسية في رؤية "مصر 2030"، وتجسد طفرة غير مسبوقة في مجالات الثقافة، والأمن الغذائي، والتحول الرقمي.
المتحف المصري الكبير.. أيقونة العالم الثقافية
وبالحديث عن صون الهوية والريادة العالمية، يُعد المتحف المصري الكبير صرحًا حضاريًا عالميًا، وأكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، يمتد على مساحة 490 ألف م2، بموقع استراتيجي يطل على أهرامات الجيزة، بتصميم معماري فريد مستوحى من أشعة الشمس، وقد حصد جوائز دولية مرموقة، كجائزة "فرساي" ولقب "أول متحف أخضر" في المنطقة لعام 2024.
بدأت الفكرة عام 2002، وشملت إنشاء أكبر مركز ترميم بالشرق الأوسط، ويضم المتحف أكثر من 57 ألف قطعة أثرية، تروي تاريخ مصر منذ ما قبل الأسرات حتى العصرين اليوناني والروماني، وتبرز بين مقتنياته كنوز الملك توت عنخ آمون "أكثر من 5 آلاف قطعة" التي تُعرض كاملة لأول مرة، ومجموعة الملكة حتب حرس، ومراكب خوفو.
يتألق المتحف بمعالم استثنائية، تبدأ من المسلة المعلقة، والمدخل الرئيسي الذي يتوسطه تمثال رمسيس الثاني، بوزن 83 طنًا، وصولًا إلى الدرج العظيم الذي تصطف عليه تماثيل ملوك مصر بارتفاع 6 طوابق.
ولا يقتصر دوره على العرض المتحفي، بل يمثل مركزًا ثقافيًا تعليميًا يضم متحفًا للطفل، وقاعات مؤتمرات، وسينما، ومناطق تجارية، معتمدًا على أحدث تقنيات العرض الرقمي والتوثيق. ويهدف المتحف إلى جذب 5 ملايين زائر سنويًا، ليكون لقاءً استثنائيًا بين عظمة التراث وابتكار المستقبل.
مشروع مستقبل مصر في شرق العوينات
وبجوار الحفاظ على الهوية الثقافية، انطلقت يد التعمير لتغزو الصحراء وتؤمن قوت المصريين، وبرز اسم مشروع "مستقبل مصر" في شرق العوينات أحد أهم المشروعات القومية التي يشرف عليها جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، حيث يستهدف استصلاح 650 ألف فدان من الأراضي الصحراوية.
ويرتكز المشروع على استغلال المياه الجوفية عبر نظم ري حديثة ومتطورة، وقد حقق بالفعل إنجازًا ملموسًا بانتهاء المرحلة الأولى على مساحة 30 ألف فدان بإنتاجية متميزة، خصوصًا في محصول القمح الذي بلغ متوسط إنتاجه 22 أردبًا للفدان، مما يجعله صرحًا زراعيًا يعزز من قدرات الدولة الإنتاجية.
يهدف المشروع بشكل أساسي إلى تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية كالقمح، والذرة، والبطاطس، والتمور، مما يسهم في تقليل فاتورة الاستيراد ودعم الصادرات الزراعية المصرية.
وبالتوازي مع العائد الاقتصادي، يلعب المشروع دورًا حيويًا في التنمية الاجتماعية من خلال خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للشباب، وتحويل المنطقة إلى مجتمع عمراني وتنموي متكامل يسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
ولضمان استدامة النجاح، جرى تزويد المشروع ببنية تحتية ولوجستية قوية، تشمل إنشاء محاور طرق استراتيجية مثل محور "توشكى - شرق العوينات"، لربط المنطقة بمحافظتي أسوان والوادي الجديد وباقي أنحاء الدولة.
وتسهل هذه المحاور نقل المنتجات الزراعية والمستلزمات اللوجستية، مما يعزز من كفاءة العملية الإنتاجية ويضمن سرعة وصول المحاصيل إلى الأسواق، ليصبح المشروع نموذجًا للزراعة الذكية والمتكاملة في قلب الصحراء.
أمل جديد للإدارة الرقمية
في موازاة هذه الطفرة الثقافية والزراعية، كان لزامًا أن يمتد التطوير ليشمل بنية الجهاز الإداري للدولة، إذ افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 21 مايو الماضي، مجمع المصالح الحكومية للخدمات الذكية بمحافظة الوادي الجديد، على مساحة 130 فدانًا.
ويهدف المجمع إلى تمكين المواطنين من إنجاز أعمالهم بكفاءة، وضمان تطبيق معايير الجودة والشفافية في تقديم الخدمات، وتوفير جميع المتطلبات التي تعزز جودة الخدمة المقدمة للمواطنين وفقًا لأحدث المعايير التكنولوجية والبيئية.
ويقع مجمع المصالح على مساحة 130 فدانًا، وعلى بعد 1.7 كيلو عن مطار الخارجة، وجرى الانتهاء من المرحلة الأولى على مساحة 46 فدانًا، وتتكون من 25 فدانًا مباني، و7 أفدنة مسطحات خضراء، و14 فدانًا طرقًا. ويتكون المجمع من 35 منشأة باختلاف الاستخدامات، ويضم 13 جهة حكومية خدمية و9 جهات حكومية مركزية، وتم ربط الجهات الحكومية بمراكز المحافظة المختلفة.