ترك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب احتمال نشوب حرب مع فنزويلا "مطروحًا على الطاولة"، قائلًا: "لا أستبعد ذلك"، حسب ما نقلت عنه شبكة NBC News في مقابلة هاتفية.
وكان ترامب قد أصدر يوم الثلاثاء الماضي أمرًا بفرض "حصار" على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات القادمة من فنزويلا والمتجهة إليها، ما زاد الضغط على رئيسها نيكولاس مادورو، وبالفعل احتجزت الولايات المتحدة مؤخرًا ناقلة نفط بالقرب من فنزويلا.
واستهدفت حملة الإدارة الأمريكية على قوارب المخدرات المزعومة 28 عملية، أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، بما في ذلك ما يُعرف بهجوم "الضربة المزدوجة"، الذي يخضع لتدقيق من الكونغرس.
وعندما سُئل ترامب عمّا إذا كان يستبعد احتمال أن تؤدي هذه الإجراءات إلى الحرب، قال: "أنا لا أناقش ذلك".
لكن عند توجيه أسئلة مُلحة، أكد أن هذا احتمال وارد، مشيرًا إلى أنه ستكون هناك عمليات مصادرة إضافية لناقلات النفط.
وعند سؤاله عن الجدول الزمني، أجاب الرئيس الأمريكي: "الأمر يعتمد على ما إذا كانوا من الحماقة بحيث يُبحرون، عندها سوف يُعادون إلى أحد موانئنا".
كما امتنع ترامب عن الإفصاح عمّا إذا كان الإطاحة بالرئيس الفنزويلي هدفه النهائي، مكتفيًا بالقول: "إنه يعرف بالضبط ما أريده.. إنه يعرف أفضل من أي شخص آخر".
وردًا على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن الجمهوريين سيحتفظون بالسيطرة على كلا المجلسين، النواب والشيوخ، قال: "أعتقد ذلك.. وآمل ذلك بالتأكيد".
مكافأة المحارب
ويُعد اعتراف ترامب بأنه لا يستبعد الحرب مع فنزويلا أمرًا بالغ الأهمية، إذ سعى طويلًا إلى التمييز بينه وبين الجناح المتشدد في الحزب الجمهوري، وخاض حملته الانتخابية لعام 2024 على أساس قدرته على إبقاء الولايات المتحدة بعيدًا عن الصراعات الخارجية.
ولذلك، زعمت الإدارة الأمريكية أن الضربات استهدفت قوارب تهريب المخدرات المزعومة، وأن فنزويلا تستخدم عائدات النفط لتمويل "إرهاب المخدرات".
وفي وقت سابق يوم الأربعاء، سعى ترامب للدفاع عن سياساته الاقتصادية في خطاب وطني، في وقت يعاني فيه الناخبون من غلاء المعيشة، وأعلن عن "مكافأة المحارب" بقيمة 1776 دولارًا، والتي ستذهب إلى نحو 1.5 مليون فرد من أفراد الجيش ضمن احتفالات الذكرى الـ250 لتأسيس الولايات المتحدة.
وقال ترامب خلال اللقاء الذي جرى أمس الخميس ونُشر اليوم، إن الناس سيبدؤون في تلقي المدفوعات "قريبًا جدًا"، مضيفًا: "أقول إنه في غضون الأيام القليلة المقبلة، سيتم صرفها كلها"، وأوضح أنها "ستُموّل من خلال (القانون الكبير والجميل) وإيرادات الرسوم الجمركية".
وأضاف: "نربح الكثير من المال من الرسوم الجمركية لدرجة أننا قادرون على القيام بذلك، ويتبقى لدينا الكثير".
وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية إن المكافأة لمرة واحدة للجنود ستكلف نحو 2.6 مليار دولار، وسيتم تمويلها من مخصصات الإسكان العسكري بموجب قانون "المشروع الواحد الكبير الجميل".
وأصدر ترامب هذا القانون في يوليو، وقد خصص مبلغ 2.9 مليار دولار لتخفيض التكاليف التي يتحملها أفراد الخدمة العسكرية من جيوبهم لمدة عامين.
كما نقلت NBC News عن مصدر في لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ أن الأموال ستأتي من هناك، وليس من الرسوم الجمركية، وأن وزارة الحرب قررت بدلًا من ذلك تقديم الأموال كدفعة لمرة واحدة، بدلاً من خلق سابقة لتكاليف الإسكان في المستقبل.
أمس الخميس، شن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو هجومًا حادًا على السياسات الأمريكية تجاه بلاده، مؤكدًا أن فنزويلا تواجه مؤامرة استعمارية مكتملة الأركان تهدف إلى تغيير النظام وفرض حكومة عميلة.
وأوضح مادورو، في كلمته التي ألقاها وأوردتها قناة "تيليسور" الفنزويلية، أن المخططات الخارجية باتت مكشوفة للعلن، مشيرًا إلى أن الهدف النهائي هو تحويل فنزويلا إلى "مستعمرة" مسلوبة الإرادة عبر تنصيب "حكومة دمية" تتنازل عن السيادة الوطنية وتخضع للمقايضة الدولية.
وقال الرئيس الفنزويلي بلهجة حاسمة: "قلناها مرارًا وانكشفت الحقيقة الآن.. إنها محاولة لإشعال حرب استعمارية، لكن فنزويلا لن تكون مستعمرة لأحد".
كما عبّر الحلفاء الإقليميون لفنزويلا عن دعمهم للحكومة خلال قمة عُقدت الأحد الماضي، منددين باحتجاز إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لناقلة النفط "سكيبر" قبالة سواحل فنزويلا، حسبما أفادت "رويترز".
وجاء هذا الدعم للرئيس نيكولاس مادورو خلال اجتماع عبر الإنترنت لتحالف "ألبا" اليساري، الذي يضم دول الكاريبي وأمريكا اللاتينية، في ظل تصاعد الحشد العسكري الأمريكي في جنوب الكاريبي.
وكشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية قبل أيام أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت، قبل 6 سنوات، ثلاثة سيناريوهات خلال "مناورات حرب" حكومية تهدف إلى التنبؤ بشكل فنزويلا ما بعد مادورو، في حال الإطاحة به عن طريق انتفاضة شعبية، أو ثورة داخلية، أو حتى هجوم أجنبي، ولم تنته أيٌّ من السيناريوهات بنهاية سعيدة.
وحسب التقرير، أظهرت المناورات أن أي انتفاضة شعبية لإسقاط مادورو قد تتسبب في استخدام الجيش الفنزويلي قوته ضد المدنيين، ما يؤدي إلى موجة عنف واسعة، بينما قد يؤدي انقلاب داخل القصر الرئاسي إلى صراع دموي بين أعضاء النظام المتفكك على السلطة.
كما بيَّنت السيناريوهات أن ضربة استهدافية أمريكية لمادورو أو أحد حلفائه قد تؤدي إلى سيطرة الجنود الأجانب على كراكاس والمطارات والموانئ الرئيسية، في حين يشن المتمردون اليساريون هجمات على المناطق الغنية بالمعادن، ويقوم موالون للنظام بشن هجمات شبيهة بحروب العصابات على مصافي النفط وخطوط الأنابيب.