الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"مشروع مانهاتن" الصيني.. مختبر "شنتشن" يسعى لإنتاج الرقائق المتطورة

  • مشاركة :
post-title
عمال أمام نظام طباعة ضوئية "عالي الفتحة العددية بتقنية الأشعة فوق البنفسجية القصوى" -أرشيفية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

ذكر تقرير لوكالة "رويترز" أن علماء صينيين قاموا، في مختبر شديد الحراسة في "شنتشن"، ببناء ما حاولت واشنطن منعه لسنوات، وهو نموذج أولي لآلة قادرة على إنتاج رقائق أشباه الموصلات المتطورة التي تشغل الذكاء الاصطناعي والهواتف الذكية والأسلحة التي تُعد أساسية للهيمنة العسكرية الغربية.

وحسب التقرير، اكتمل بناء النموذج الأولي في أوائل عام 2025، وهو يخضع حاليًا للاختبار، ويشغل مساحة تقارب مساحة أرضية مصنع كامل. وقد قام ببنائه فريق من المهندسين السابقين في شركة أشباه الموصلات الهولندية العملاقة ASML.

وحسب شخصين مطلعين على المشروع، قام صينيان بالهندسة العكسية لأجهزة الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية التابعة للشركة.

وتُشكّل آلات الطباعة الحجرية بالأشعة فوق البنفسجية المتطرفة (EUV) محورًا أساسيًا في حرب تكنولوجية باردة، إذ تستخدم أشعة فوق بنفسجية شديدة لنقش دوائر إلكترونية أرق بآلاف المرات من شعرة الإنسان على رقائق السيليكون، وهي قدرة يحتكرها الغرب حاليًا. وكلما صغرت الدوائر، زادت قوة الرقائق الإلكترونية.

وأكدت مصادر "رويترز" أن الجهاز الصيني "يعمل بنجاح ويولد ضوءًا فوق بنفسجيًا شديدًا، لكنه لم ينتج رقائق عاملة بعد".

ووصفه البعض بأنه النسخة الصينية من "مشروع مانهاتن"، وهو الجهد الأمريكي خلال الحرب لتطوير القنبلة الذرية.

وقال أحد المصادر: "الهدف هو أن تتمكن الصين في نهاية المطاف من تصنيع رقائق متطورة على آلات صينية الصنع بالكامل، وتريد الصين إقصاء الولايات المتحدة تمامًا من سلاسل التوريد الخاصة بها".

الاكتفاء الذاتي

في أبريل، صرّح كريستوف فوكيه، الرئيس التنفيذي لشركةASML، بأن الصين ستحتاج إلى "سنوات عديدة" لتطوير التكنولوجيا التي تسمح بصناعة أشباه الموصلات الدقيقة. إلا أن وجود هذا النموذج الأولي يشير إلى أن الصين قد تكون أقرب بسنوات مما توقعه المحللون إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.

ومع ذلك، لا تزال بكين تواجه تحديات تقنية كبيرة، لا سيما في استنساخ أنظمة البصريات الدقيقة التي ينتجها الموردون الغربيون.

لكن تلفت "رويترز" إلى أن توفر قطع غيار من آلات ASML القديمة في الأسواق الثانوية سمح للصين ببناء نموذج أولي محلي، "حيث وضعت الحكومة هدفًا يتمثل في إنتاج رقائق عاملة على النموذج الأولي بحلول عام 2028".

مع هذا، يقول المقربون من المشروع إن الهدف الأكثر واقعية هو عام 2030، وهو ما يزال قبل سنوات من العقد الذي اعتقد المحللون أنه سيستغرقه الأمر حتى تتمكن الصين من منافسة الغرب في مجال الرقائق الإلكترونية.

ويمثل هذا الإنجاز تتويجًا لمبادرة حكومية استمرت ست سنوات لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال أشباه الموصلات، وهو أحد أهم أولويات الرئيس الصيني شي جين بينج. وبينما كانت أهداف الصين في مجال أشباه الموصلات معلنة، فقد تم تنفيذ مشروع "شنتشن" للأشعة فوق البنفسجية المتطرفة(EUV) في سرية تامة.

ووفق التقرير، يندرج المشروع ضمن استراتيجية أشباه الموصلات في البلاد، والتي حددتها وسائل الإعلام الحكومية بأنها تُدار من قبل دينج شيويه شيانج، الذي يرأس اللجنة المركزية للعلوم والتكنولوجيا التابعة للحزب الشيوعي.

ويشير التقرير إلى أن شركة هواوي الصينية العملاقة للإلكترونيات تلعب دورًا رئيسيًا في تنسيق شبكة من الشركات ومعاهد البحوث الحكومية في جميع أنحاء البلاد، والتي تضم آلاف المهندسين.

سرية تامة

أشار تقرير "رويترز" إلى أن المهندسين الصينيين المخضرمين الذين تم تجنيدهم في المشروع كانوا يعملون بأسماء مستعارة، وتلقوا تعليمات باستخدام أسمائهم المستعارة في العمل حفاظًا على السرية ولإخفاء هوياتهم عن باقي العاملين داخل المنشأة الأمنية.

ويضم الفريق مهندسين وعلماء سابقين من أصول صينية من شركة ASML تقاعدوا مؤخرًا، وهم أهداف رئيسية للتوظيف لأنهم يمتلكون معرفة تقنية حساسة ولكنهم يواجهون قيودًا مهنية أقل بعد مغادرة الشركة. هؤلاء هم من ساهموا في تحقيق هذا الإنجاز في "شنتشن"، ولولا معرفتهم الدقيقة بالتكنولوجيا، لكانت عملية الهندسة العكسية للآلات شبه مستحيلة.

وبحسب المصدرين، كان كل ما يحدث داخل المكان مصنفًا تحت بند الأمن القومي، ولا يمكن لأي شخص خارج المجمع أن يعرف ما كانوا يبنونه، أو حتى أنهم كانوا هناك على الإطلاق.

كانت الاستخبارات الهولندية قد حذرت في تقرير صدر في أبريل من أن الصين "استخدمت برامج تجسس واسعة النطاق في محاولاتها للحصول على التكنولوجيا والمعرفة المتقدمة من الدول الغربية"، بما في ذلك تجنيد "علماء غربيين وموظفين في شركات التكنولوجيا المتقدمة".

ووفق التقرير، كان توظيفهم جزءًا من حملة أطلقتها الصين في عام 2019 لخبراء أشباه الموصلات العاملين في الخارج، حيث قدمت مكافآت توقيع تبدأ من 3 ملايين إلى 5 ملايين يوان (420 ألف دولار إلى 700 ألف دولار) وإعانات لشراء المنازل.

وقال شخصان مطلعان على جهود التجنيد الصينية إن بعض المواطنين المجنسين من دول أخرى مُنحوا جوازات سفر صينية وسُمح لهم بالاحتفاظ بجنسية مزدوجة، رغم أن الصين تحظر رسميًا ازدواج الجنسية.