الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في ذكرى وفاته.. لماذا تهرّب مرسي جميل عزيز من التعاون مع أم كلثوم؟

  • مشاركة :
post-title
الشاعر المصري مرسي جميل عزيز

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

"ملك الحروف وموسيقار الكلمات وشاعر الألف أغنية" ألقاب كثيرة، ارتبطت بالشاعر الكبير مرسي جميل عزيز محاولة وصف إبداعه في تقديم أغاني متفردة، ما زالت تعيش في الوجدان رغم مرور سنوات طويلة على رحيله في مثل هذا اليوم ٩ فبراير عام 1980.

بزغت قدرات مرسي مبكرًا، حتى أنه كتب أولى أغنياته في الإذاعة المصرية وهو لم يتجاوز 18 عامًا مع رياض السنباطي، والتي حملت اسم "الفراشة" لتفتح له أبواب الشهرة على مدار 4 عقود متواصلة.

ساهمت موهبة مرسي جميل عزيز في صنع نجوم كبار، فكان أول من قدّم الفنان عبد الحليم حافظ في أغانيه ليقول عن ذلك في لقاء تلفزيوني له: "كان محمد الموجي يتبنى موهبة عبد الحليم حافظ، وجاء لي بيتي في الزقازيق وعرّفني عليه وأخبرني العندليب عن أسرته وصداقتي لهم وخاصة أننا من بلدة واحدة، وفي سهرة منزلية سمعت عبد الحليم والذي غنى أغنية لأم كلثوم وأبهر الحضور فقدمها بأدائه المختلف رغم سلامة اللحن، ولكن ببساطة جذب مسامع من حوله وطلب محمد الموجي أن أكتب له أغنية فقلت له أتمنى، وبالفعل كتبت له أغنية "مالك ومالي" والتي سلمتها لهم أثناء توصيلهم لمحطة القطار ليبدأ من هنا تعاوني مع عبد الحليم، وهو يمثل النقلة الثانية في الموسيقى بعد التي قدمها محمد عبد الوهاب لأنه يتمتع بالبساطة في الأداء التي تصل لكل الناس فهو سهل ممتنع".

‏ قدّم مرسي جميل مع عبد الحليم حافظ العديد من الأغاني ومنها "بتلوموني ليه، بأمر الحب، نعم يا حبيبي نعم، وغيرها من الأغاني التي وصلت لخمسة وثلاثين أغنية.

عبدالحليم حافظ

في الوقت الذي كان يتمنى كثير من الشعراء والملحنين التعاون مع أم كلثوم، كان مرسي جميل عزيز يهرب من العمل معها، وهو ما سبب حالة من التعجب الشديد لأم كلثوم والتي قالت له إنه بحاجة لطبيب أمراض نفسية يكشف على سلامة قواه العقلية، ليسرد عزيز تفاصيل هذه الواقعة في لقاء تلفزيوني له فيقول: "كنت أهرب من الشغل مع أم كلثوم لأنني لا أحب أن يقال إنني أعمل معها للتسلق على شهرتها، فكنت أرفض هذا الموضوع، وابتعدت تمامًا حتى طلبتني ذات مرة وقالت لي لماذا تهرب من الشغل معي فأنت بحاجة لطبيب نفسي وذكرت لها الأسباب فأكدت أن كلامي صحيح ولكن من ١٠ سنوات أما الآن بعد أن حققت نجاحًا كبيرًا وأصبح لي اسمي فلا يستطيع أن يقول أحد ذلك، واقتنعت بكلامها وقدمت لها ٣ أغاني وتركت لي الاختيار فبدأت بأغنية سيرة الحب وكان لحن موفق جدًا حتى أن محمد الموجي تعجب من موقفي وموافقتي بعد رفضي".

‏لم يتوقف التعاون بين عزيز وأم كلثوم على سيرة الحب ولكن قدّم معها أغنية فات الميعاد، ألف ليلة وليلة، والتي تعد من بين الأفضل في تاريخ الأغنية المصرية والعربية.

أم كلثوم

‏ كان إبداع مرسي جميل عزيز متدفقًا، واستلهم كلماته من الحياة البسيطة متأثرًا بنشأته في منطقة ريفية، ووالده كان يعمل تاجرًا للفاكهة وتأثر بطريقة مناداة الباعة على منتجاتهم بطريقة تحمل من السجع ليجذب مسامع الناس، فمزج مرسي بين العامية واللغة العربية الفصحى ليحدث ثورة في الإذاعة المصرية التي كانت تقاليدها إذاعة أغاني لشعراء باللغة العربية الفصحى ورصينة فأحدث لنفسه بصمة ميّزته عما سبقه.

قدّم مرسي جميل عزيز الكثير من الأغاني لكبار النجوم مثل شادية ومحمد عبد الوهاب وفايزة أحمد وغيرهم، حيث كان مطلوبًا من كل المطربين حتى أنه يعد الشاعر المصري الوحيد الذي تغنت له الفنانة فيروز من كلماته والتي قدمتها في استوديوهات الإذاعة المصرية في مصر، وحملت اسم "سوف أحيا".

مرسي جميل عزيز

‏ لم يتوقف إبداع مرسي جميل عزيز على تقديم أغاني المطربين المصريين، ولكنه قدّم أغاني للمطربة وردة الجزائرية والفنانة صباح وفريد الأطرش وغيرهم، ومن الجيل الجديد قدّم أغاني للفنان هاني شاكر، ومحمد ثروت ليكون آخر جيل يتعاون معه مرسي جميل عزيز.

الأغاني الوطنية أيضًا كان لها نصيب من إبداع الشاعر الراحل، فكان يمتلك حسًا وطنيًا مرهفًا وأضاءت كلماته النور لكثير من المواطنين وأشعلت الحماسة في قلوبهم، ولذلك لا تزال هذه الأغنيات تعيش بين الجمهور حتى يومنا هذا، فقدّم عدد من الأغنيات الوطنية مثل "بلدي أحببتك يا بلدي" للراحل محمد فوزي، و"بلدي يا بلدي" لعبد الحليم حافظ.

وردة الجزائرية
الفنانة صباح

انطلق مرسي جميل عزيز في عالم السينما وكتب عددًا من الأفلام المهمة، مثل "الشموع السوداء" مع صالح سليم، و"ضحك ولعب" للفنان عبد الحليم حافظ، و"أدهم الشرقاوي" و"ليه تشغل بالك"، وغيرها الكثير ليصل رصيده في السينما إلى 25 فيلمًا سينمائيًا متنوعًا بين الترفيه واللايت كوميدي وبين الدراما الجادة التي تحمل قضية مجتمعية، ليعيش حياته الفنية معطاء للفن، قادرًا على التعبير عن مجتمعه، ليكون بحق ملك الكلمات.