الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"مبدأ دونرو".. التصعيد مع فنزويلا لمواجهة النفوذ الصيني

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

في الوقت الذي أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوّ طلقةَ البدءِ لحملةٍ جديدةٍ ضدّ "العصاباتِ الإرهابية" في أمريكا اللاتينية، وأعلنَ أنّ هذه الضربةَ "مجردُ البداية"، حيث أمر هذا الأسبوع بشن ضربته العاشرة على القوارب التي تحمل المخدرات شمالًا، تكمن وراء هذه الهجمات سياسة معقدة تجمع بين قانون الحرب الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، وفن التجسس، والصفقات التجارية التي تعمل بسرعة على إعادة تأسيس مجال النفوذ الأمريكي.

وحسب تقرير لصحيفة "ذا تليجراف" البريطانية، أطلق المطلعون على الخطة الشاملة اسم "مبدأ دونرو"، وهدفها، جزئيًا، هو "تطهير الفناء الخلفي لأمريكا من النفوذ الصيني"، حيث تم استغلال الهجمات على قوارب المخدرات لإرسال أحد الأساطيل الكبيرة بشكل غير عادي من السفن الحربية والمسيّرات والقوات الأمريكية التي تجمعت قبالة سواحل فنزويلا في الأسابيع الأخيرة.

وتشكل ثماني سفن حربية، بما في ذلك ثلاث مدمرات وثلاث سفن هجومية برمائية وطراد وسفينة قتال ساحلية أصغر، أكبر وجود عسكري أمريكي في المنطقة منذ عقود، ثم انضم إليهم سرب من طائرات F-35B Lightning II وعدد من طائرات Reaper المسيّرة، القادرة على الطيران لمسافات طويلة وحمل ما يصل إلى ثمانية صواريخ موجهة بالليزر، كما رُصدت قاذفات B- 2 تحلق قبالة الساحل.

كما أعلن ترامب، أمس الجمعة، أن حاملة الطائرات "جيرالد فورد"، أحدث حاملة طائرات في البحرية الأمريكية، في طريقها أيضًا إلى المنطقة.

إحدى الضربات الأمريكية على قارب مزعوم لعصابات من فنزويلا
افتراس الأعداء

تلفت "ذا تليجراف" إلى أن "ضخامةُ الأسطول الأمريكي أقنعت الفنزويليين وكثيرين غيرهم بأن ترامب يُحضّر في الواقع لهجومٍ بري"، حيث إن الانتشار في منطقة البحر الكاريبي يتجاوز بكثير ما قد تحتاجه لتنفيذ ضربات عرضية على السفن التي يُزعم أنها تهرب المخدرات.

في الواقع، تبدو مجرد استعراض للقوة، وتهديد بالسلاح، وسياسة عدائية تهدف إلى الضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لإجباره على التنحي وإقناعه بالاستقالة والخروج الآن، أو على أقل تقدير تشجيع من يسعون للإطاحة به من حكومته، حسب الصحيفة البريطانية.

وليس خافيًا الطموح الأمريكي لتغيير النظام في كاراكاس فقد ربط ترامب نظام مادورو بعصابات إجرامية، وسمح لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بتنفيذ مهام سرية على أمل الإطاحة به.

ونقل التقرير عن بعض المصادر القريبة من إدارة ترامب أن تجميع أسطول غزو قد يكون مفيدًا لترامب في حل صداع سياسي منفصل، وهو الهجرة.

ساعدت نوايا ترامب في إحياء قانون "الأعداء الأجانب"، الذي استخدم آخر مرة لاعتقال المواطنين اليابانيين والألمان والإيطاليين أثناء الحرب العالمية الثانية، لكن هذه المرة بهدف احتجاز وترحيل المواطنين الفنزويليين بشكل جماعي.

وبموجب القانون الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، يمكن للرئيس الأمريكي استهداف مواطني دولة معادية في أوقات الحرب المعلنة أو إذا شنّت حكومة معادية "غزوًا أو توغلًا مفترسًا".

مبدأ دونرو

أصبحت فنزويلا في عهد مادورو، الذي رُصدت مكافأة قدرها 50 مليون دولار لمن يأتي برأسه، بمثابة سوق مفتوح لخصوم أمريكا، إذ ضخت الصين ملايين الدولارات في مشاريع النفط الفنزويلية والقروض، بينما قامت روسيا بتسليح مادورو بمقاتلات "سوخوي" ومروحيات ودبابات وأنظمة دفاع الجوي.

وينقل التقرير عن خبراء إن جهود ترامب في المنطقة هي جزء من محاولة لإحياء مبدأ "مونرو"، وهو المبدأ الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، الذي ينظر إلى أمريكا اللاتينية باعتبارها الفناء الخلفي للولايات المتحدة، ويعلن أن نصف الكرة الغربي منطقة محظورة على الخصوم.

بالمثل، فإن مشروع 2025، وهو المخطط الذي طالما فكر فيه ترامب لفترة ولايته الثانية، يطلق عليه اسم "إعادة تقسيم الكرة الأرضية"، ويدعو إلى الاستيلاء على سلاسل التوريد في المنطقة كشرط للأمن الاقتصادي الأمريكي.

مواجهة واشنطن وبكين

في إعادة تأكيد للهيمنة الأمريكية، وافق ترامب على فرض عقوبات اقتصادية تستهدف النفط الفنزويلي، حيث تقبع أكبر احتياطيات النفط في العالم؛ وهي جزء من نمط تنتهجه الإدارة الأمريكية لاختيار الدول التي تربطها علاقات مع الصين، حسب "ذا تليجراف".

وقد اكتشفت "جيانا" و"سورينام"، وهما دولتان صغيرتان في أمريكا الجنوبية مجاورتان لفنزويلا، احتياطيات نفطية جديدة، ما جذب قدرًا كبيرًا من الاستثمارات الصينية.

وبعد أربعة أشهر فقط من توليه منصبه، تم إرسال وزير الخارجية روبيو في جولة في منطقة الكاريبي لتعزيز المشاركة في نصف الكرة الغربي من خلال تعزيز الاستقلال في مجال الطاقة، والحد من الهجرة غير الشرعية والاتجار بالمخدرات. وفي جيانا، وقع اتفاقية دفاعية تهدف إلى تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري.

في غضون ذلك، أبدت الصين استياءها من تعزيز العلاقات. إذ يبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين بكين وجيانا 1.4 مليار دولار، واستثمرت في سلسلة من مشاريع البنية التحتية الكبرى التي تنفذها شركات صينية.

ومن خلال حشد تحالف صغير من الدول المجاورة، يعمل ترامب على عزل مادورو وإرسال إشارة إلى بقية دول نصف الكرة الأرضية بأن التحالف مع الولايات المتحدة يمكن أن يكون قيمًا وآمنًا.

وكما نجح الرئيس الصيني شي جين بينج في استغلال نفوذه لتوسيع هيمنته، سعى ترامب إلى تقديم شريان حياة لأولئك الذين يحتاجون إلى التدخل الأمريكي في مقابل الولاء.