تعيش الأسواق المالية العالمية حالة من الارتباك نتيجة التغييرات المتكررة والمفاجئة التي يعلنها البيت الأبيض بشأن الرسوم الجمركية، والتي غالبًا ما تُصدر بصيغة عامة ودون تفاصيل كافية. وحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإن هذا الأمر يترك المستثمرين وصناع السياسات في حالة قلق وترقب، ويؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار السلع.
إعلانات غامضة
ويواصل البيت الأبيض إصدار بيانات شاملة عن فرض رسوم جمركية على نطاق واسع، لكن هذه البيانات تفتقر في البداية إلى التفاصيل الدقيقة، ما يضطر المستثمرين إلى التحرك بسرعة للبحث عن المعلومات وتقدير أثر القرارات على قطاعاتهم. وفي كثير من الأحيان، تأتي التوضيحات أو الاستثناءات بعد أيام من الإعلان الأولي.
وحسب "أكسيوس"، فإن الدول الشريكة في الاتفاقيات التجارية مع واشنطن تُفاجأ أحيانًا بهذه القرارات. فقد نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن النائب الياباني تارو كونو قوله في مؤتمر صحفي: "واشنطن تطلق النار عشوائيًا، وهم يطلقون النار على بعض الدول ذات التفكير المماثل من الخلف".
وذكر "أكسيوس" أن اليابان كانت تعتقد أنها ستخضع لتعريفة جمركية بنسبة 15% على جميع السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة، لكن اتفاقيات الرسوم الجمركية التي عقدها الاتحاد الأوروبي أوحت بأن الرسوم على بعض السلع اليابانية قد تكون أكبر بكثير. وأفاد مسؤولون يابانيون أن البيت الأبيض وعد بتصحيح هذا الوضع، إلا أن موعد التنفيذ ما زال غير واضح.
أزمة الذهب
وتزايدت حالة الارتباك التي حدثت خلال الأيام الماضية، بعد أن أشارت تقارير إلى أن سبائك الذهب المستوردة من سويسرا ستخضع لرسوم جمركية، ما دفع أسعار الذهب إلى تسجيل مستوى قياسي جديد. وفي مساء الجمعة، أصدر البيت الأبيض إيضاحًا بأنه سيتم إصدار أمر رسمي لتوضيح الأمر في وقت لاحق.
وقالت هنريتا تريز، مديرة أبحاث السياسة الاقتصادية في شركة "فيدا بارتنرز"، وفقًا لموقع "أكسيوس"، إن ما وصفته بـ"الارتباك الجماعي" ظهر في عدة أحداث محددة الشهر الماضي، وأسهم في هز الأسواق المالية بشكل متكرر.
وهناك أمثلة على هذا الارتباك، منها البضائع المعاد شحنها عبر دول متعددة كانت في البداية خاضعة لتعريفة 40%، ثم خُفضت إلى 20%. كما شهد سوق النحاس أكبر انخفاض يومي بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعفاء أشكال مهمة من المعدن من الرسوم البالغة 50%.
أيضًا الرقائق غير الأمريكية كان من المقرر فرض رسوم بنسبة 100% عليها، لكن القرار استثنى الشركات التي تستثمر داخل الولايات المتحدة، مثل شركة "أبل" التي أعلنت استثمارًا بقيمة 100 مليار دولار.
نمط متكرر
وحسب "أكسيوس"، فإن النمط المعتاد يتمثل في إعلان البيت الأبيض عن فرض رسوم جمركية عامة دون تفاصيل مكتوبة، وسط سعي المستثمرين والمديرين التنفيذيين وصناع القرار لفهم أثر القرارات على قطاعاتهم، وانتقال الأموال بسرعة بين الأسواق وسط حالة من القلق، مع صدور توضيحات من البيت الأبيض، ما يؤدي إلى تراجع حدة ردود الفعل في الأسواق.
وأشار "أكسيوس" إلى وجود قضيتين أمام القضاء الأمريكي قد تحدان من سلطة الرئيس في استخدام الصلاحيات الطارئة لفرض الرسوم الجمركية. وإذا صدر حكم بهذا الاتجاه، فقد يقل أثر الرسوم الجمركية على أساس البلد، بينما يظل أثرها على أساس القطاع مثار قلق كبير.
وتتوقع هنريتا تريز صدور حكم بشأن هذه القضايا خلال أسبوع أو أسبوعين، محذرة من أن النتيجة قد تؤدي إلى عمليات بيع واسعة في الأسواق.