الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لشرائها النفط والأسلحة الروسية.. ترامب يضرب الهند بالرسوم الجمركية

  • مشاركة :
post-title
ترامب يعاقب الهند لشرائها النفط الروسي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في خطوة مفاجئة، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حجرًا كبيرًا في العلاقات التجارية بين واشنطن ونيودلهي، بإعلانه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند، إضافة إلى ما وصفه بـ"عقوبة"، بسبب استمرار الهند في شراء النفط والأسلحة من روسيا، في خطوة قد تعيد رسم خريطة التجارة الآسيوية وتؤثر على آفاق نمو الاقتصاد الهندي وصادراته العالمية.

بداية الصدمة

في منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، أعلن ترامب، أمس الأربعاء، أن الهند ستُعاقب تجاريًا بدءًا من الأول من أغسطس، بسبب تعاملاتها المستمرة مع روسيا "في وقت يريد فيه الجميع وقف الحرب بأوكرانيا".

وحسب شبكة "بي بي سي" البريطانية، فإنه رغم أن الإعلان لم يتضمن تفاصيل دقيقة عن طبيعة العقوبات الإضافية، فإن نسبة الـ25% من الرسوم الجمركية المعلنة كانت كافية لإحداث صدمة في الأوساط الاقتصادية الهندية.

وقالت أديتي ناير، كبيرة الاقتصاديين في وكالة التصنيف الائتماني "إيكرا"، إن القرار "أعلى من التوقعات، ومن المرجح أن يُشكّل عائقًا أمام نمو الناتج المحلي الإجمالي للهند"، وخفضت الوكالة توقعاتها للنمو من 6.5% إلى 6.2% لهذا العام المالي، بسبب تداعيات الرسوم.

أما شركة "نومورا" المالية، فقدرت أن الناتج المحلي الإجمالي للهند قد يتأثر بنسبة 0.2%، محذّرة من أن الرسوم ستؤدي إلى "تباطؤ النمو".

رد باللون الأحمر

تفاعلت أسواق الأسهم الهندية سلبًا مع الأنباء، وبدأت التداولات على هبوط ملحوظ، في إشارة إلى حجم القلق الذي يحيط بالمستثمرين.

وصرّح نيلش شاه، مدير أحد الصناديق الاستثمارية، وفق "بي بي سي"، بأن السوق كانت تتوقع اتفاقًا تجاريًا لا تصعيدًا، خصوصًا في ظل "توافق استراتيجي طويل الأمد" بين الهند والولايات المتحدة.

خلال الأشهر الماضية، أجرت الهند والولايات المتحدة عدة جولات من المفاوضات لتوقيع اتفاق تجاري شامل، بل إن نيودلهي خفضت الرسوم على سلع أمريكية مثل ويسكي بوربون والدراجات النارية.

إلا أن العجز التجاري الأمريكي مع الهند، الذي بلغ 45 مليار دولار، بقي نقطة توتر مزمنة، ويبدو أن ترامب يسعى بقوة لتقليصه، ولو عبر المواجهة.

منافسة شرسة

قال راؤول أهلواليا من مؤسسة التنمية الاقتصادية للأبحاث، إن هذه الرسوم ستجعل الهند في موقع أضعف مقارنة بمنافسين مثل الصين وفيتنام في جذب الاستثمار والتصنيع، وفق شبكة "بي بي سي".

واللافت أن التعريفات على الواردات الصينية خُفّضت من 145% إلى 30% بعد مفاوضات مباشرة، كما أبرم ترامب صفقة مع فيتنام وافق فيها على رسوم 20% فقط بدلًا من 46%، ما يجعل الهند أقل تنافسية في عدة قطاعات.

بحسب أجنيشوار سين، خبير السياسات التجارية في شركة EY الهندية، فإن استمرار هذه الرسوم قد يضرب قطاعات حيوية مثل المنتجات البحرية، الأدوية، المنسوجات، الجلود، والسيارات، وهي قطاعات كانت تُشكل نقاط قوة في التجارة الثنائية.

الولايات المتحدة تعد أكبر سوق للصادرات الأجنبية للهند
ورطة المصدرين

قال الدكتور أجاي سهاي، رئيس اتحاد منظمات التصدير الهندية، إن الرسوم ستؤدي إلى إعادة التفاوض على الأسعار بين المشترين الأمريكيين والبائعين الهنود لتحديد من يتحمل العبء.

وشرح أن الرسوم الجمركية تجعل المنتجات أغلى على المستهلك النهائي، ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب ويُجبر المصدرين على خفض أسعارهم وتقليص أرباحهم للحفاظ على القدرة التنافسية.

وقالت وزارة التجارة الهندية في بيان، إنها تدرس تداعيات القرار الأمريكي، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن الحكومة الهندية تضع "مصلحة المزارعين والشركات الصغيرة والمتوسطة" في مقدمة أولوياتها.

وأضاف البيان أن القطاعات الحساسة مثل الزراعة ومنتجات الألبان أصبحت نقاط خلاف رئيسية في المفاوضات.

المعارضة تنتقد مودي

أصدر حزب المؤتمر المعارض بيانًا لاذعًا، مذكّرًا بأن رئيس الوزراء ناريندرا مودي سبق أن شارك في حملة ترامب الانتخابية عام 2019 وعانقه كـ"أخ مفقود"، بينما "يواصل ترامب فرض تعريفات قاسية على الهند"، واصفًا ذلك بأنه "فشل ذريع في السياسة الخارجية".

وقال مارك لينسكوت، الممثل التجاري الأمريكي السابق، إن ربط ترامب بين التجارة والهند وروسيا يجعل التوصل لاتفاق "أكثر تعقيدًا"، مشيرًا إلى أن القضية لم تعد اقتصادية بحتة بل دخلت أبعادًا جيوسياسية حساسة.

الهند من جانبها، تواصل الدفاع عن علاقاتها مع روسيا، مبررةً شراء النفط الروسي بأنها تبحث عن أفضل الأسعار لمواطنيها، خاصة الفقراء، مؤكدة أن الاعتماد على الأسلحة الروسية يتراجع تدريجيًا.

الطريق إلى اتفاق

رغم التوترات، من المقرر أن يصل وفد أمريكي، الهند، أغسطس المقبل، لمحاولة إبرام اتفاق تجاري شامل. وأكدت مصادر في الطرفين أن هناك موعدًا نهائيًا في الخريف لإنجاز الاتفاق.

وتأمل الأسواق في خفض الرسوم إلى نطاق 15-20% بدلًا من 25%، وهو أمر تصفه نومورا بـ"المخيب للآمال"، نظرًا لتقدم المفاوضات في السابق.

وتوقعت نومورا أن يؤدي هذا التصعيد إلى تليين السياسة النقدية في الهند، وربما يدفع البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة لحماية النمو.

ورغم أن الاقتصاد الهندي أقل اعتمادًا على التجارة الخارجية من نظرائه الآسيويين، فإن الضغوط الحالية قد تُجبر الحكومة على تبنّي سياسة نقدية أكثر مرونة في الفترة المقبلة.