سلط تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على مخاوف غربية من لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الأسبوع المقبل، واصفًا إياه بالفرصة الحقيقية لانتصار روسيا في حربها مع أوكرانيا وتفكيك تحالف دول أوروبا.
في أواخر الشهر الماضي، واجه "بوتين" واقعًا قاسيًا، إذ كان على وشك فقدان نظيره الأمريكي، الزعيم الغربي الوحيد الذي يُحتمل أن يكون مستعدًا لمساعدته في تحقيق هدفه في أوكرانيا.
بعد أشهر من محاولات إقناع بوتين بإنهاء الحرب، سئم ترامب من المكالمات الهاتفية والمحادثات غير المجدية، وبدأ إصدار الإنذارات النهائية.
والأسوأ من ذلك بالنسبة لبوتين، أن ترامب بدا وكأنه أصلح علاقته بنظيرهما الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على الرغم من تفجُّر خلاف في المكتب البيضاوي، في وقت سابق من هذا العام.
لم يكن واضحًا ما إذا كان ترامب قادرًا أو راغبًا في تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية عقابية على الدول التي تشتري النفط الروسي، أو ما هو التأثير الحقيقي لمثل هذه الخطوات على موسكو.
لكن الموعد النهائي الذي حدده ترامب لبوتين لإنهاء الحرب كان يقترب بسرعة، ما يُنذر بنوع من الخلاف المتزايد بين البيت الأبيض والكرملين.
على الرغم من رفض المسؤولين الروس السابقين التفاوض على الأراضي في الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن بوتين ترك لدى المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، خلال اجتماع في الكرملين الأسبوع الماضي، انطباعًا بأن روسيا مستعدة الآن للانخراط في صفقة بشأن مسألة الأراضي.
وقال ترامب، أول أمس الجمعة: "سنستعيد بعض الأراضي، وسنتبادل بعضها.. سيكون هناك تبادل للأراضي لتحسين الوضعين".
بتحدثه لغة يفهمها ترامب (لغة العقارات)، ضمن بوتين ما كان يسعى إليه منذ يناير وهو لقاء فردي مع الرئيس الأمريكي، دون حضور زيلينسكي، لعرض وجهة نظره وإبرام صفقة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن سام جرين، أستاذ السياسة الروسية في كلية كينجز كوليدج بلندن قوله: "كان أسبوعًا رائعًا لبوتين.. انتشل نفسه من موقف ضعف كبير حوّل هذه العملية برمتها إلى ما كان يحتاجه تقريبًا".
في الوقت نفسه، عادت التوترات بين واشنطن وكييف إلى الظهور، وصرح زيلينسكي -أمس السبت- بأن الدستور الأوكراني لا يسمح لكييف بالتفاوض على التنازل عن أراضي البلاد.
أبلغ ترامب المسؤولين الأوروبيين في البداية أن الاجتماع مع بوتين سيتبعه قمة ثلاثية تضم كلًا من بوتين وزيلينسكي، لكن الكرملين سارع إلى نفي أي وعد من هذا القبيل، فيما مضى البيت الأبيض قدمًا في المفاوضات على أي حال.
ووفقًا للصحيفة، يدرك بوتين أن ترامب مستعد لتقديم أمورٍ لن يفكر بها سوى قلة من القادة الأمريكيين، ما قد يُساعد روسيا على النصر على أوكرانيا وتقسيم التحالف الغربي.
وصرح جرين: "إذا استطعت إقناع ترامب بالاعتراف بمطالبة روسيا بنصيب الأسد من الأراضي التي استولت عليها، مع إدراك أن الأوكرانيين والأوروبيين قد لا ينضمون إلينا في هذا الأمر، فستُدقّ إسفينًا طويل الأمد بين الولايات المتحدة وأوروبا".
وقال ألكسندر جابويف، مدير مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا في برلين، إن بوتين سيأتي إلى القمة التي تعقد يوم الجمعة في ألاسكا "سعيًا وراء سيناريوهات مختلفة".
لكن على الرغم من رغبته في هذه الأمور، لن يُوقف بوتين الحرب من أجلها، إذا كان الحصول عليها يعني الموافقة على أوكرانيا ذات سيادة وجيش قوي، متحالف مع الغرب، وقادر على صنع أسلحته الخاصة، كما قال غابويف.
تشمل هذه الخيارات صفقة مواتية ينجح الرئيس الأمريكي في فرضها على أوكرانيا، أو أخرى يرفضها زيلينسكي، ما يدفع الولايات المتحدة إلى الانسحاب من أوكرانيا، على حد قول جابويف.
وأشار إلى أن الخيار الثالث هو أن يواصل الزعيم الروسي مساره الحالي لمدة تتراوح بين 12 و18 شهرًا أخرى، مع توقع نفاد جنود أوكرانيا بوتيرة أسرع من نفاد زخم الاقتصاد الحربي الروسي.