يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتباع نهج يقوم على صياغة رواية سياسية واقتصادية خاصة به، تقوم على تضخيم الإيجابيات وإنكار أو التشكيك في أي بيانات سلبية.
جزء كبير من مؤسسات الحكومة الفيدرالية بات يعمل وفق تصور ترامب للواقع، وحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي، فإنه يتم الترويج للأرقام الإيجابية باعتبارها حقائق مؤكدة، بينما تصنّف الأرقام السلبية على أنها مزيفة أو نتيجة لمؤامرات تهدف إلى الإضرار به.
واقع ترامب
بحسب "أكسيوس"، يرى ترامب أن أرقام استطلاعات الرأي الجيدة حقيقية حتى لو تم اختلاقها، في حين أن الأرقام السلبية مزيفة أو مشبوهة، فعلى سبيل المثال، يتم الترويج لأرقام الوظائف الجيدة، بينما يتم اتهام الأرقام السيئة حتى لو جاءت من الوكالة نفسها بأنها جزء من محاولات خبيثة لتشويه صورته.
ويمتد هذا المنطق إلى الملفات السياسية، إذ يؤكد ترامب على ضرورة التحقيق في الاتهامات الموجهة إلى الديمقراطيين وملاحقة أصحابها، بينما يعتبر أن الاتهامات التي تطاله ما هي إلا "حملة مطاردة ساحرات".
وأقال ترامب مفوض مكتب إحصاءات العمل بعد صدور تقرير الوظائف يوم الجمعة الماضي، الذي اعتبر الأكثر إثارة للقلق اقتصاديًا في عهده، وبدون تقديم تفاصيل، زعم ترامب أن هذه الأرقام تم التلاعب بها لإظهاره بمظهر سيئ، معتبرًا أن المراجعات النزولية لأرقام الأشهر السابقة دليل على وجود تلاعب متعمد.
شهر العسل السياسي
لا يعترف ترامب، بحسب "أكسيوس"، بالجوانب غير الشعبية في سياساته، رغم أن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع الدعم له منذ نهاية "شهر العسل السياسي" هذا العام. فبينما يصر على أن شعبيته مرتفعة، أظهرت بيانات RealClearPolitics تراجعها منذ منتصف مارس الماضي إلى نحو 46% حاليًا.
ويخطط البيت الأبيض لحملة واسعة للترويج لمشروع قانونه "الضخم والجميل" قبيل انتخابات التجديد النصفي عام 2026، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن أكثر من نصف الأمريكيين يعارضون هذا التشريع.
وتواصل إدارة ترامب تطبيق نهج متشدد في ملف الهجرة، يتسم بزيادة تكتيكات وكلاء الهجرة العدوانية، رغم أن الرأي العام الأمريكي أصبح أكثر ميلًا إلى مواقف معتدلة تجاه هذه القضية.
ادعاءات غير دقيقة
وحسب "أكسيوس"، فإن هذه الاستراتيجية الإعلامية والسياسية بدأت منذ نحو 200 يوم، حين أعلن ترامب في خطاب تنصيبه عن عودة "العصر الذهبي" لأمريكا، مسارعًا إلى تقديم ذلك كنجاح مكتمل.
وبعد أشهر من تعليق إخفاقات الاقتصاد على "إرث بايدن"، أعلن البيت الأبيض الأسبوع الماضي عن بدء "اقتصاد ترامب"، قبل أن تصدر بيانات وظائف سلبية بعد يومين فقط.
حتى في القضايا التي حقق فيها نجاحات، يلاحظ أن رواية ترامب تتجاوز الواقع، فقد زعم أخيرًا أنه أوقف ست حروب، بينما اقتصر دوره على الوساطة في اتفاقيات بين كمبوديا وتايلاند، وبين الهند وباكستان، في حين لا تزال أزمات غزة وأوكرانيا مستمرة، وفق "أكسيوس".
وفي الملف الاقتصادي، أعلن أنه نجح في السيطرة على التضخم، لكنه أطلق ادعاءات غير دقيقة، مثل خفض أسعار الأدوية بنسبة 1500%، وانخفاض أسعار الوقود إلى دولارين للجالون، وهي أرقام لا تتطابق مع البيانات الرسمية.