تواجه كاليدونيا الجديدة اليوم السبت 9 أغسطس لحظة حاسمة قد تحدد مستقبل الأرخبيل السياسي، إذ تعقد جبهة التحرير الوطنية الكاناكية والاشتراكية مؤتمرًا استثنائيًا من المتوقع أن يؤدي إلى رفض اتفاق بوجيفال التاريخي الموقع في 12 يوليو الماضي، والذي ينشئ "دولة كاليدونيا الجديدة" داخل فرنسا، وفقًا لما كشفته صحيفة ليبراسيون الفرنسية.
اتفاق بوجيفال
وُقع اتفاق بوجيفال في 12 يوليو الماضي في مدينة بوجيفال غرب باريس، بعد عشرة أيام من المفاوضات المكثفة بين الأطراف الكاليدونية.
ويهدف الاتفاق إلى إنشاء "دولة كاليدونيا الجديدة" داخل الجمهورية الفرنسية مع إقرار جنسية كاليدونية جديدة، كما يمنح هذه الدولة الجديدة سلطات في مجال العلاقات الخارجية؛ ما يتيح لها القيام بعمل دبلوماسي مع احترام الالتزامات الدولية والمصالح الأساسية لفرنسا.
مؤتمر استثنائي
يجتمع اليوم قادة ونشطاء جبهة التحرير الوطنية الكاناكية والاشتراكية FLNKS في مؤتمر استثنائي بقبيلة الكونسبسيون على بعد عشرة كيلومترات من العاصمة نوميا لاتخاذ موقف نهائي من اتفاق بوجيفال.
ورغم أن هذا اللقاء محل ترقب كبير إلا أن نتيجته تبدو محسومة مسبقًا، حيث من المتوقع أن يعلن مسؤولو الجبهة رفضهم للنص في استمرار للتصريحات المتتالية لمكوناتها خلال الأسابيع الماضية بحسب ما ذكرته ليبراسيون.
موقف موحد ضد الاتفاق
كشفت مصادر لصحفية ليبراسيون، أن جماعات الضغط التي تشكل جبهة التحرير الوطنية اتخذت جميعها مواقف معارضة للنص في الأسابيع الأخيرة.
وعبر عن هذا الموقف بوضوح ميكايل فوريست أحد أعضاء الوفد الاستقلالي الذي شارك في المفاوضات حين صرح في 31 يوليو خلال مؤتمر صحفي للاتحاد الكاليدوني UC وهو الحزب الرئيسي في الجبهة قائلًا بوجيفال انتهى.
وترفض الحركة الاستقلالية الاتفاق لاعتبارها أنه يقدم وهم السيادة بدلًا من الاستقلال الحقيقي حيث وصف قادة الاتحاد الكاليدوني النص بأنه إغراء للسيادة لا يضمن التوازن السياسي المطلوب.
كما يرون أن مبادئ إلغاء الاستعمار وأسس كفاحهم لم تُدرج في الوثيقة معتبرين أن الاتفاق غير كافٍ لتطلعات الشعب الكاناكي ولا يحقق سيادة حقيقية.
وأوضح إيمانويل تيجيباو كبير المفاوضين عن الجبهة أنه وقع على الوثيقة بصفتها مشروعًا يتطلب العودة للقاعدة السياسية للحصول على تفويض لكن هذا التفويض لم يتحقق.
أشارت صحيفة ليبراسيون إلى أن رئيس الجبهة بقي صامتًا لفترة طويلة حول الاتفاق وهو ما يعكس عمق الانقسامات داخل الحركة الاستقلالية في ظل التغييرات القيادية التي شهدتها كاليدونيا الجديدة مؤخرًا، حيث يرأس الحكومة حاليًا ألسيد بونجا من التيار الموالي لفرنسا منذ يناير 2025.
مستقبل المفاوضات والأرخبيل
تطرح الصحيفة تساؤلات جوهرية حول مصير المفاوضات التي انطلقت قبل ستة أشهر بين الاستقلاليين وغير الاستقلاليين الكاليدونيين، وتشير ليبراسيون إلى أن هناك تقدمًا محققًا بلا شك من هذه المحادثات، لكن أيضًا سلسلة من الإخفاقات والتي ستشهد الفصل التالي منها خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالية.
وتحذر الصحيفة من أن انسحاب الحركة الاستقلالية من الاتفاق سيقوض بشكل كبير مستقبل النص المتفاوض عليه؛ ما يضع مشروع إنشاء دولة كاليدونيا الجديدة في خطر حقيقي وهذه التطورات تكشف عمق الأزمة السياسية في كاليدونيا الجديدة والتحديات المعقدة التي تواجه عملية الحوار والسلام بين مختلف المكونات السياسية في هذا الأرخبيل الاستراتيجي في المحيط الهادئ.