أثارت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على واردات النحاس انتقادات واسعة من كبار التنفيذيين في شركات التعدين، الذين حذروا من أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعزيز هيمنة الصين على صناعة الصهر العالمية، بدلًا من تشجيع الاستثمار في قطاع المعادن بالولايات المتحدة.
تفاصيل القرار
أعلنت الإدارة الأمريكية في 30 يوليو الماضي فرض رسوم بنسبة 50% على بعض منتجات النحاس نصف المصنعة، مثل الأنابيب والأسلاك والكابلات، لكن اللافت أن الرسوم استثنت النحاس المكرر، وهو ما شكل مفاجأة في الأسواق، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
جاء القرار ضمن حملة ترامب لتقوية الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الصين في المعادن الحيوية، إلا أن الخبراء يؤكدون أن هذه الرسوم وحدها لن تكون كافية لتحفيز بناء مصاهر جديدة في الولايات المتحدة، حيث لا يتجاوز عدد المصاهر العاملة حاليًا مصهرين فقط، مقارنةً بعشرات المصاهر في الصين.
"نتائج عكسية"
قال دنكان وانبلاد، الرئيس التنفيذي لشركة أنغلو أمريكان، لصحيفة "فايننشال تايمز": "تكلفة بناء مصاهر نحاس جديدة في الولايات المتحدة ستكون مرتفعة بشكل استثنائي مقارنة بالمتوسط العالمي. وعند تقييم النتائج، نجد أننا فقط نُرسخ بيئة تضخمية أكثر على المستوى العالمي".
فيما اعتبر الملياردير الأسترالي أندرو فورست، رئيس مجلس إدارة شركة فورتسكو ميتالز جروب: "الرسوم الجمركية ستوقف نمو التصنيع في أمريكا الشمالية، وستؤدي عمليًا إلى تصدير الوظائف والصناعة. الرسوم نوع من إيذاء الذات".
صناعة النحاس
وفقًا للهيئة الدولية لدراسة النحاس، استحوذت الصين في عام 2023 على أكثر من 50% من الإنتاج العالمي لمصاهر النحاس، تلتها اليابان بنسبة 7%، ثم تشيلي بـ 5%، وروسيا بـ 4%.
وقد ساعدت الاستثمارات الصينية الضخمة في هذا القطاع على زيادة طاقتها الإنتاجية، بينما أدى ذلك إلى نقص خام النحاس الخام الذي يغذي المصاهر، ما دفع بعض المصانع إلى دفع مبالغ لمعالجة الخام فقط للبقاء قيد التشغيل.
واضطرت بعض المصاهر خارج الصين، مثل مصهر باسار التابع لشركة جلينكور في الفلبين، للإغلاق بسبب المنافسة الشديدة، فيما أكد أحد التنفيذيين أن "المزيد من المصاهر خارج الصين لن تتمكن من البقاء إذا استمرت بدفع تكاليف استيراد الخام".
الموقف الأمريكي
في مذكرة للبيت الأبيض، بررت الإدارة قرار الرسوم بالتصدي لـ"التهديد المستمر بإغلاق منشآت النحاس المحلية" ومواجهة "ممارسات تجارية غير عادلة في الخارج قضت على قدرات الصهر الأمريكية".
كاثلين كويرك، الرئيسة التنفيذية لشركة فريبورت ماكموران الأمريكية، قالت في مكالمة أرباح يوليو: "ليس من المسلم به أن بإمكانك زيادة طاقة النحاس المكرر بسرعة. بناء مصهر جديد في الولايات المتحدة مهمة بالغة الصعوبة، وهي استثمارات طويلة الأمد".
كما أعربت شركة نورسك هيدرو الأوروبية لإنتاج الألومنيوم عن قلق مشابه، مؤكدة أن "الاستثمارات في مصاهر جديدة لا يمكن أن تُبنى على أساس الرسوم الجمركية فقط، التي قد تختفي بالسرعة نفسها التي فُرضت بها".
وخلال يونيو الماضي، ارتفعت أنشطة صهر النحاس في الصين بنسبة 1%، بينما تراجعت خارجها بأكثر من 2%، وفق بيانات شركة Earth-i.
وأوضح إريك هايمليخ، رئيس قسم المعادن الأساسية في مجموعة التحليلات السوقية CRU: "قدرة الصين ستواصل النمو، بينما قد تتقلص القدرات في أماكن أخرى. الشركات الصينية المملوكة للدولة قادرة على تحمّل ظروف السوق القاسية لفترات طويلة جدًا".