تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية تصاعدًا في حدة التنافس بين الصين والولايات المتحدة على ثرواتها المعدنية الضخمة، في وقت يؤكد فيه المسؤولون الكونغوليون أن "المعادن وفيرة وهناك متسع للجميع"، بحسب تصريحات وزير التعدين الكونغولي تشيهوندا، الذي شدد على أن بلاده، تحتفظ بحقها في إعادة النظر في أي تراخيص بحث تُمنح للشركات الأجنبية.
الصين، التي رسخت وجودها بعمق في قطاع التعدين الكونغولي خلال العقد الماضي، سارعت إلى الدفاع عن سياستها، حيث جدد السفير الصيني في كينشاسا، تشاو بين، تأكيد بكين التزامها بمبدأ "عدم التدخل" وتقديم الدعم العملي للكونغو في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتجارية، بحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
وخلال خطاب له في جامعة كينشاسا هذا الشهر، رفض تشاو ما وصفه بـ "الأصوات النشاز" التي تلمح إلى أن الصين تجاهلت الكونغو، بينما الولايات المتحدة تُقدم نفسها كـ "الصديق الحقيقي".
وقال: "لم نتعامل مع الكونغو كورقة مساومة، ولم نفرض عليها أي إجراءات تمييزية".
في المقابل، تكثف واشنطن تحركاتها في الكونغو بعد نجاحها في رعاية اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا مؤخرًا، وهو ما اعتبره خبراء دليلاً على نفوذها المتزايد في المنطقة.
وتشير تقارير أمريكية إلى أن مسؤولين من واشنطن مارسوا ضغوطًا على شركة التعدين الحكومية "جيكامينز" لإعادة النظر في صفقة بيع شركة "شيماف" إلى شركة "نورين ماينينج"، التابعة لعملاق الدفاع الصيني "نورينكو".
وتكمن أهمية الصفقة في مشروع "موتوشي"، أحد أكبر مشروعات النحاس والكوبالت في البلاد، الذي تسعى واشنطن إلى إدخاله تحت نفوذها لما له من أهمية استراتيجية في سلاسل الإمداد العالمية، بحسب الصحيفة الصينية.
وتُعد الكونغو أكبر منتج عالمي للكوبالت، بحصة تقارب 70% من الإنتاج العالمي، إضافة إلى كونها ثاني أكبر منتج للنحاس ومصدرًا رئيسيًا لليثيوم والتنتالوم والقصدير والذهب، وقد عززت الشركات الصينية سيطرتها على هذا القطاع بعد شراء شركتي "تينك فنجورومي" و"كيسانفو" من شركة "فريبورت-ماكموران" الأمريكية في عامي 2016 و2020 لصالح شركة "سي إم أو سي" الصينية.
ويرى خبراء تحدثوا إلى "ساوث تشاينا" أن واشنطن غيّرت نظرتها للمعادن الحيوية منذ عهد الرئيس دونالد ترامب، حيث بات التركيز على الأمن القومي والاكتفاء الذاتي أكثر من الاهتمام باعتبارات البيئة والتنمية الخضراء.
وقال كريس بيري، رئيس شركة هاوس ماونتن بارتنرز الأمريكية للاستشارات، إن الولايات المتحدة تشجع القطاع الخاص بقوة على الاستحواذ على أصول معدنية في الخارج، في ظل النفوذ الصيني المتزايد في الكونغو.
في غضون ذلك، تظل قضايا خلافية، مثل نزاع الكونغو مع شركة "AVZ" الأسترالية حول مشروع "مانونو" لليثيوم، بحاجة إلى تسوية، وسط توقعات بأن تشهد البلاد مزيدًا من المفاوضات الشرسة بين القوى الكبرى؛ لضمان نصيبها من ثروات هذا البلد الإفريقي الغني بالموارد.