بينما تركز وسائل الإعلام على مستقبل رئيس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول، تكشف صحيفة "ذا هيل" الأمريكية عن خطة إدارة ترامب لإعادة تشكيل العلاقات مع الصين، وتحرر الولايات المتحدة من ابتزاز بكين الاقتصادي المتمثل في السيطرة على المعادن النادرة.
قبضة الصين المحكمة على الإنتاج العالمي
تشير "ذا هيل" إلى أن الصين تسيطر على 60-70% من الإنتاج العالمي للمعادن النادرة، وأكثر من 90% من المعادن الثقيلة النادرة، ما جعل الحزب الشيوعي الصيني يمسك بالأمن القومي الأمريكي في قبضة محكمة، إذ يمكن لبكين في أي لحظة حجب هذه المعادن الحيوية عن صناعات الدفاع والإلكترونيات الأمريكية.
حققت الصين هذه الهيمنة من خلال أسلوبها المعتاد في إغراق السوق وتقويض المنافسين بالأسعار المنخفضة، مما أدى لطرد الشركات المنافسة من السوق.
استخدمت بكين هذا السلاح الاستراتيجي عمليًا عام 2010 عندما انتقمت من اليابان في نزاع حول الصيد بقطع إمدادات المعادن النادرة.
وعندما فرض ترامب تعريفات جمركية عقابية على الصين، لعبت بكين ورقة "الخروج من السجن مجانًا" بحظر تصدير سبعة عناصر من المعادن النادرة المتوسطة والثقيلة، مما أجبر الولايات المتحدة على التراجع.
التكلفة البيئية الباهظة للهيمنة الصينية
تسيطر الصين أيضًا على 85-90% من معالجة المعادن النادرة عالميًا، محققة هذا الإنجاز "بالطريقة التقليدية".
يصف كيث برادشر، رئيس مكتب بكين في "نيويورك تايمز"، الدمار البيئي للأراضي والبحيرات المحيطة بمرافق المعالجة الصينية، حيث "تُلقى الحمأة السامة من معالجة المعادن النادرة في بحيرة اصطناعية تمتد على أربعة أميال مربعة" و"سمّمت مناجم المعادن النادرة عشرات الوديان الخضراء وتركت التلال مجردة من الغطاء النباتي إلى طين أحمر قاحل".
الاستراتيجية الأمريكية للاستقلالية
لحل هذه المشكلة، تتبنى إدارة ترامب صفقة غير اعتيادية، إذ ستستثمر وزارة الدفاع 400 مليون دولار في شركة تعدين متوقفة تُسمى الآن "إم بي ماتيريالز"، مقابل حصة 15% من الأسهم. إضافة إلى ضخ رؤوس الأموال، تلتزم الحكومة بشراء إنتاج الشركة لمدة عشر سنوات بضعف السعر السائد حاليًا.
وفقًا لصحيفة "فايننشال تايمز"، كانت شركة "ماونتن باس" السابقة لـ"إم بي ماتيريالز" أكبر منتج للمعادن النادرة في العالم خلال السبعينيات والثمانينيات، لكن التكتيكات الصينية العدوانية خفّضت الأسعار وأوقفت عملياتها عام 2002. الدعم الحكومي للأسعار الآن يجب أن يواجه تكتيكات بكين.
شركات أمريكية أخرى تنضم للسباق
"إم بي ماتيريالز" ليست الشركة الوحيدة التي تكافح لاستعادة مشاركة أمريكا في تعدين المعادن النادرة، إذ فتحت شركة "راماكو ريسورسز" مؤخرًا منجم فحم جديدًا في وايومنغ، أول منجم أمريكي جديد منذ 70 عامًا.
يدّعي الرئيس التنفيذي أن الشركة ستنتج، إضافة إلى الفحم، أكثر من 10% من الطلب الأمريكي على ستة من المعادن السبعة عشر التي تشكّل "المعادن النادرة"، مع احتياطيات من بعض "المعادن الثقيلة" كافية لتزويد الطلب الأمريكي لأكثر من 100 عام.
بنت "إم بي ماتيريالز" خلال العام الماضي مصانع تكرير وفصل تمكّنت من حل مشكلة الإنتاج المقبول بيئيًا، لكن الإنتاج يبقى صغيرًا، أقل من 1% من إجمالي الصين.
حصلت آفاق الشركة على دفعة قوية مؤخرًا عندما وافقت "آبل" على شراء مغناطيس من المعادن النادرة "المصنوعة أمريكيًا" بقيمة 500 مليون دولار على مدى أربع سنوات.