صعَّدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حملة الضغط على البرازيل، إذ أعلنت فرض عقوبات على قاضٍ يشرف على إجراءات جنائية ضد الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، مع رفع التعريفات الجمركية على البلاد من 10% إلى 50%، في حين تأتي هذه الخطوات الاستثنائية وسط توترات متزايدة حول قضايا حرية التعبير والديمقراطية والتدخل في القضاء البرازيلي.
إجراءات اقتصادية شاملة
وقَّع ترامب، الأربعاء، أمرًا تنفيذيًا يتضمن تعريفة جمركية بنسبة 50% على البضائع البرازيلية، وفقًا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، وأوضحت ورقة صادرة عن البيت الأبيض أن التعريفات تهدف إلى معالجة سياسات البرازيل تجاه الشركات التقنية الأمريكية، بما في ذلك "السياسات والإجراءات غير العادية والاستثنائية التي تضر بالشركات الأمريكية وحقوق حرية التعبير للأشخاص الأمريكيين والسياسة الخارجية الأمريكية والاقتصاد الأمريكي".
كما نص الأمر التنفيذي على أن الإجراءات القانونية البرازيلية ضد بولسونارو "قوَّضت سيادة القانون في البرازيل".
وستدخل التعريفات حيز التنفيذ خلال سبعة أيام وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، رغم أن البيت الأبيض استثنى عشرات المنتجات من التعريفة، بما في ذلك عصير البرتقال والطائرات وبعض المعادن والوقود وغيرها من الواردات البرازيلية الرئيسية.
ومع ذلك، يتوقع الاقتصاديون أن يكون للإجراء تأثير سلبي على الاقتصاد البرازيلي.
استهداف "دي مورايس"
في خطوة موازية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تجميد الأصول الأمريكية التابعة لقاضي المحكمة العليا البرازيلية ألكسندر دي مورايس، الذي يقود المحاكمة الجنائية لبولسونارو، حليف ترامب المقرب.
وأثار "دي مورايس" غضب إدارة ترامب بسبب المحاكمة ومحاولاته القضاء على ما يصفه بخطاب الكراهية عبر الإنترنت من قبل اليمين المتطرف البرازيلي، إذ أمر شركات وسائل التواصل الاجتماعي بإغلاق حسابات شخصيات يمينية صريحة، بعضهم يعيش في الولايات المتحدة.
وصرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في وقت سابق من الشهر الجاري، أنه سيلغي تأشيرات "مورايس وحلفائه في المحكمة، بالإضافة إلى أفراد أسرهم المباشرين"، ردًا على ما وصفه بـ"الاضطهاد والرقابة" من قبل المحكمة.
كما رفعت شركة ترامب الإعلامية دعوى قضائية ضد دي مورايس في وقت سابق من هذا العام، بعد أن منع بعض الحسابات، زاعمة أنه -دي مورايس- كان يمارس الرقابة بطريقة غير قانونية على الخطاب السياسي الأمريكي.
وكان دي مورايس أغلق منصة إكس في البرازيل لأكثر من شهر العام الماضي بعد رفضها حظر عدة حسابات يمينية اتهمتها المحكمة بمهاجمة ديمقراطية البلاد ونشر خطاب الكراهية، ما دفع مالك إكس إيلون ماسك لوصف دي مورايس بالديكتاتور.
موقف برازيلي حازم
أظهرت البرازيل موقفًا حازمًا في مواجهة الضغوط الأمريكية، إذ رفضت المحكمة العليا البرازيلية التعليق على العقوبات أو الكشف عمَّا إذا كان دي مورايس يملك أصولًا في الولايات المتحدة.
وقال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا لمؤيديه، في وقت سابق من الشهر: "لن يعطي أي أجنبي أوامر لرئيس الجمهورية"، بينما وصف دي مورايس الإجراءات بأنها هجوم على السيادة البرازيلية.
ويحتج دي مورايس بأن المحكمة العليا البرازيلية يجب أن تتخذ إجراءات جذرية لحماية الديمقراطية في البلاد، التي خرجت من ديكتاتورية استمرت 21 عامًا في عام 1985.
وكان بولسونارو خدم تحت ذلك النظام كنقيب في الجيش، ولا يزال بعض مؤيديه يؤيدون العودة إلى الحكم العسكري.
علاقة بولسونارو وترامب
تشير التحقيقات التي استمرت عامين، وفقًا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، إلى أن بولسونارو، الذي شغل منصب الرئيس من 2019 إلى 2022، خطط لانقلاب لمنع منافسه اليساري من تولي المنصب بعد خسارته انتخابات 2022.
وتضمنت الخطط المزعومة استعدادات لاغتيال دا سيلفا ونائب الرئيس جيرالدو ألكمين ودي مورايس، ربما عن طريق تسميمهم أو قتلهم بالقنابل اليدوية، بحسب ما قالت الشرطة.
وفشلت محاولة الانقلاب لأن أعضاء قياديين في الجيش رفضوا دعم الخطة، وفقًا للشرطة.
واقتحم آلاف من مؤيدي بولسونارو الكونجرس والقصر الرئاسي والمحكمة العليا في 8 يناير 2023، في أعمال شغب عنيفة يراها المحللون السياسيون مستوحاة من هجوم الكابيتول الأمريكي في 6 يناير قبل عامين.
ونفى بولسونارو علمه بأي خطة من هذا القبيل، مؤكدًا أنه كان يتخذ طرقًا دستورية للتعامل مع نتيجة التصويت التي زعم أنها مسروقة.
ويُعتبر بولسونارو من أقرب حلفاء ترامب في أمريكا اللاتينية، إذ يتشاركان وجهات نظر متشابهة حول الحروب الثقافية وملكية الأسلحة والازدراء للسياسة اليسارية ووسائل الإعلام، وعمَّقا العلاقات عندما تداخلت رئاستيهما في 2019 و2020.
ويواجه بولسونارو حاليًا حظرًا انتخابيًا يمنعه من الترشح للمناصب حتى عام 2030، وقال لصحيفة "وول ستريت جورنال" في نوفمبر إنه يأمل أن يستخدم ترامب العقوبات الاقتصادية ضد حكومة دا سيلفا لمساعدته على العودة إلى السلطة في البرازيل.