تشهد الحرب الروسية الأوكرانية تحولًا حادًا في ظل نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه روسيا، تمثل في دعمه العلني لأول مرة لأوكرانيا عبر صفقة أسلحة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى جانب توجيهه إنذارًا مباشرًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكدت مصادر رسمية لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أن ترامب يحاول إعادة تشكيل استراتيجيته نحو إنهاء الحرب، من خلال الضغط على أوروبا والتهديد بعقوبات اقتصادية واسعة النطاق، مع تبني رؤية جديدة أكثر فاعلية في مواجهة الطموحات الروسية.
تحول موقف ترامب
ووفقًا لـ"فوكس نيوز"، فقد غيّر الرئيس ترامب استراتيجيته بشكل جذري خلال الشهر الجاري، حين أعلن دعمه للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، من خلال اتفاقية أسلحة مع الناتو، كما وجّه إنذارًا صريحًا إلى روسيا.. إما إبرام اتفاق سلام مع أوكرانيا، أو مواجهة عقوبات اقتصادية مشددة على صادرات النفط، وهي السلعة الأساسية التي تعتمد عليها موسكو.
وأيّد عدد من الخبراء هذه الخطوة، بينما أعرب آخرون عن شكوكهم حيال قدرتها على ردع روسيا، من بين هؤلاء، فريد فليتز، نائب مساعد ترامب السابق ورئيس أركان مجلس الأمن القومي خلال ولايته الأولى، الذي قال: "أعتقد أنها ستكون فعّالة، وسيلتزم ترامب بهذه الاستراتيجية، وسيواصل الضغط على بوتين للعودة إلى طاولة المفاوضات، والتفاوض بحُسن نية".
رغم هذا التغير، لم يحظَ موقف ترامب الجديد بتأييد كامل من داخل الحزب الجمهوري، إذ انتقدت النائبة مارجوري تايلور جرين، المعروفة بولائها لترامب، بشدة أي دعم عسكري لأوكرانيا، وصرّحت عبر برنامج "إكس" بأنها ترفض بيع أو منح أسلحة، أو الدخول في أي حروب خارجية، وأضافت: "نريد أن نحل مشكلاتنا الداخلية بدلاً من الانخراط في نزاعات دولية لا تنتهي".
نهج أمني جديد
في سياق متصل، لفت "فليتز" إلى قرار ترامب بضرب إيران بشكل مباشر، معتبرًا أن هذا القرار يعكس قدرة ترامب على اتخاذ قرارات حاسمة بناءً على معلومات استخباراتية، وأوضح فليتز: "ترامب غيّر سياسته حين رأى أن الأمور تقترب من الخط الأحمر، كان نهجه دبلوماسيًا، لكنه أظهر القدرة على التغيير السريع".
وأشار "فليتز" إلى أن ترامب يعيد ضبط معايير سياسته الأمنية وفق ما يراه مناسبًا، قائلًا: "ترامب هو من يحدد مضمون سياسة أمريكا أولًا، وهو يمتلك زمام المبادرة، وسيعدّلها إذا لزم الأمر".
ورغم مطالبة ترامب لأوروبا بلعب دور أكثر فاعلية في الحرب، إلا أنه لم يتردد في الموافقة على بيع أسلحة متطورة لدول الناتو، التي سيتم تحويلها لاحقاً لأوكرانيا، وخلال لقائه بالأمين العام للناتو، مارك روته، قال ترامب: "نريد الدفاع عن بلادنا، ولكن وجود أوروبا قوية يصب في مصلحة الجميع".
وبحسب خبراء أمنيين تحدثوا خلال جلسة استماع أمام لجنة هلسنكي (لجنة الأمن والتعاون في أوروبا)، فإن مصير الحرب سيتحدد بشكل رئيسي على أرض المعركة، حيث أكد جون هاردي، نائب مدير برنامج روسيا في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، أن أوكرانيا تحتاج إلى قدرات هجومية بعيدة المدى لضرب المصانع الروسية للطائرات المسيّرة والصواريخ.
قال هاردي: "النهج الأمثل هو الدمج بين الهجوم والدفاع، لا يكفي إسقاط الطائرات، بل يجب تدمير مواقع إنتاجها، يجب أن نزيد من تكلفة هذه الحرب بالنسبة لروسيا".
هدنة مؤقتة
من جانبه، رجّح فريد فليتز الذي يشغل حاليًا منصب نائب رئيس مركز الأمن الأمريكي التابع لمعهد "أمريكا أولًا للسياسة" أن نهاية الحرب قد لا تأتي عبر نصر عسكري، بل من خلال اتفاق هدنة بين الطرفين، وقال: "من المرجّح أن نصل إلى نقطة يتفق فيها الطرفان على وقف القتال مؤقتًا، وليس بالضرورة التوصل إلى اتفاق سلام دائم".
ويرى "فليتز" أن مفتاح الحل يكمن في اتفاق غير معلن يقضي بتجميد مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو لعدة سنوات، مقابل التزام الغرب بتزويد كييف بالدعم العسكري، وتابع قائلًا: "هناك سيناريو واقعي يمكن من خلاله أن تشعر روسيا بعدم التهديد من أوروبا الغربية، وفي الوقت نفسه، تشعر أوكرانيا بالحماية من الغزو الروسي فور إعلان وقف القتال".
نُشر هذا التقرير اعتمادًا على محتوى شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية وتصريحات مسؤولين وخبراء وردت ضمن تغطيتها الرقمية، إلى جانب معلومات تم التحقق منها في لجنة الأمن والتعاون في أوروبا.