الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعيدا عن الحرب مع روسيا.. الفساد يدفع أوكرانيا إلى مرحلة الغليان

  • مشاركة :
post-title
تجمع مئات المتظاهرين بالقرب من المجمع الرئاسي في كييف اعتراضا على القانون 12414 الذي وقّعه زيلينسكي

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بينما تكافح كييف لمقاومة أطماع موسكو في إعادة أوكرانيا إلى الحظيرة الروسية، كانت حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي تتحول إلى قيادة شبه استبدادية تستولي على المزيد من السلطة، وتضعف المؤسسات الحاكمة، بما في ذلك البرلمان، وترهب المنتقدين في محاولة لإسكاتهم ووصفهم بأنهم عملاء لروسيا.

بدت محاولات السيطرة أكثر وضوحًا هذا الأسبوع بعد أن أطاح زيلينسكي بهيئتي مكافحة الفساد الرئيسيتين في أوكرانيا، اللتين كانتا تستهدفان كبار المسؤولين الحكوميين، ما أثار أول احتجاجات شعبية في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الحرب مع روسيا في 2022.

ورغم المظاهرات التي عمت العديد من المدن الأوكرانية، بينها العاصمة كييف، أقرّ زيلينسكي القانون الجديد، الذي يمنح المدعي العام -المُعيّن- سياسيًا صلاحيات واسعة على المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) ومكتب المدعي العام المتخصص، جهاز مكافحة الفساد (SAP).

وتنقل النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو" عن وزير سابق في حكومة زيلينسكي "إنه يعلم أن الولايات المتحدة لن تضغط عليه".

هكذا، في الوقت الحالي، فإن الرواية الجديدة في أوكرانيا بسيطة: إما أن تكون مع زيلينسكي أو عميلًا روسيًا.

مع تصاعد الضغوط الشعبية والأوروبية على زيلينسكي، بدا الزعيم الأوكراني وكأنه يقدم تنازلاً مساء الأربعاء، حيث قال في خطابه المسائي المعتاد إنه سيطرح تشريعات جديدة تستجيب لمطالب الاحتجاج والتي من شأنها ضمان "وضع جميع المعايير اللازمة لاستقلال مؤسسات مكافحة الفساد في مكانها".

لكن واقعيًا، هذا الكلام لا يزال غير واضح، ولم ينجح في تهدئة الغضب الشعبي إزاء القانون الذي وقعه الرئيس الأوكراني على عجل.

إنهاء الاستقلالية

في عام 2015، تم إنشاء المكتب الوطني لمكافحة الفساد(NABU) وجهاز مكافحة الفساد (SAP)، بإصرار من الاتحاد الأوروبي وشركاء دوليين آخرين، بما في ذلك إدارة الرئيس الأمريكي -آنذاك- باراك أوباما.

وقتها، أرادت واشنطن وبروكسل أن ترى أوكرانيا تُكافح بجدية مشكلة الفساد المتجذرة والمتفشّية، وضغطتا من أجل إنشاء هيئات لمكافحة الفساد مستقلة عن الحكومة، تتمتع بالسلطة الكافية للتحقيق في مخالفات كبار المسؤولين ومن لهم صلات سياسية.

لكن القانون رقم 12414، الذي وقّعه زيلينسكي بسرعة بعد إقراره من قبل البرلمان الأوكراني بسرعة غير مسبوقة، يجرّدهما من تلك الاستقلالية. بدلًا من ذلك، يمنح مكتب المدعي العام سلطة إصدار أوامر لهذين الجهازين وإعادة تكليف المدعي العام الخاص بهما بالقضايا، مما يُفكك عمليًا الضمانات التي تحميهما من التدخل السياسي غير المبرر.

ومساء الثلاثاء، أكد زيلينسكي للأوكرانيين أنه لا ينوي تقويض عمل أيٍّ من الهيئتين، ملمحًا إلى أن التغييرات ضرورية لحماية الهيئتين من النفوذ الروسي. لكن دون الإشارة إلى الكيفية التي ربما كانت موسكو تؤثر بها على أي من الوكالتين.

على الجانب الآخر، يعتبر مسؤولي الجاهزين القانون الجديد تهديدًا لمهامهم. وصرح رئيس المكتب الوطني لمكافحة الفساد، سيمين كريفونوس، في مؤتمر صحفي مشترك مع المدعي العام لمكافحة الفساد، أوليكساندر كليمينكو: "في الواقع، تم تفكيك البنية التحتية لمكافحة الفساد بأصوات 263 عضوًا في البرلمان".

وأضاف: "أصبحت المؤسستان المستقلتان، تابعتين بالكامل".

ووفقًا لوسائل الإعلام المحلية، فإن 18 من النواب الذين صوتوا لصالح القانون الجديد مشتبه بهم في تحقيقات المكتب الوطني لمكافحة الفساد.

قلق أوروبي

رغم تطمينات زيلينسكي، كانت أوروبا مستاءة بشدة، وذلك ضمن موجة تشكيك لدى مسؤولي ودبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، والذين ظلوا لأشهر يشكون سرًا من تراجع الرئيس الأوكراني في مساره الديمقراطي.

وأعرب الأوروبيون عن استيائهم من عمليات التطهير والتعديلات الوزارية التي أدت إلى رحيل وزراء ومسؤولين أكثر استقلالية من الحكومة، مثل وزير الخارجية السابق دميترو كوليبا، والرئيس السابق لشبكة نقل الكهرباء الوطنية في أوكرانيا، فولوديمير كودريتسكي.

أيضًا، لم يشعر المسؤولون في الاتحاد الأوروبي بالارتياح لإقالة قائد القوات المسلحة، الجنرال فاليري زالوزني، الذي اختلف مع الرئيس بشأن استراتيجية الحرب والحاجة إلى حشد أعداد أكبر من الأوكرانيين للقتال.

كما أعرب مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن مخاوفهم من أن تتحول حملة البحث عن الخونة والمتعاونين مع روسيا، التي شنتها السلطات، إلى حملات قمع سياسي تهدف إلى إسكات المنتقدين.

ومع ذلك، ظلت هذه المخاوف، حتى الآن، طي الكتمان ــ إلى حد كبير لتجنب منح موسكو هدية دعائية أو تقويض الدعم الغربي لدفاع أوكرانيا.