دعت السلطات الإيرانية المواطنين إلى ترشيد استهلاك المياه، في ظل موجة حرّ قاسية وأزمة مائية متفاقمة تضرب مختلف أنحاء البلاد، وسط تحذيرات رسمية من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
وبحسب هيئة الأرصاد الجوية الوطنية في إيران، تشهد البلاد هذا الأسبوع أعلى درجات حرارة في العام، حيث تجاوزت الحرارة حاجز الـ50 درجة مئوية في بعض المناطق، ما أدى إلى تعطيل الدوائر الرسمية وإعلان عطلات طارئة، إلى جانب انقطاعات متكررة في الكهرباء والمياه، بسحب صحيفة "جارديان" البريطانية.
وسجلت مدينة شابانكاره جنوب غربي إيران درجة حرارة بلغت 52.8 درجة مئوية نهاية الأسبوع الماضي، وهي إحدى أعلى الدرجات المسجلة هذا العام عالميًا، بحسب عالم المناخ ماكسيميليانو هيريرا. كما شهدت مدينة عبادان الحدودية درجة حرارة وصلت إلى 51.6 مئوية في 17 يوليو، في حين سجلت الأحواز المجاورة 50.3 مئوية.
وفي العاصمة طهران، بلغت درجة الحرارة 40 مئوية يوم الأحد وارتفعت إلى 41 مئوية يوم الاثنين، إلا أن السكان يؤكدون أن الشعور الحقيقي بالحرارة يفوق ذلك بكثير، ويتجاوز أحيانًا 45 درجة مئوية، بحسب شهادات ميدانية.
وتعاني إيران من جفاف مستمر منذ خمس سنوات، مع تسجيل كميات أمطار أقل من المعدلات السنوية حتى هذا العام. وأعلن وزير الطاقة، عباس علي آبادي، الأسبوع الماضي أن بلاده تجري مفاوضات مع تركمانستان وأفغانستان وطاجيكستان وأوزبكستان لاستيراد المياه، في خطوة غير مسبوقة تعكس حجم الأزمة.
وفي طهران، يقول أحد المواطنين: "أشعر وكأن جلدي سيحترق من شدة حرارة الشمس، وقميصي يبتل بسرعة. أضطر للاستحمام مرتين يوميًا. الحمد لله لا نعاني من أزمة مياه في منطقتي بعد، لكنني سمعت أن بعض أحياء العاصمة شهدت انقطاعًا في المياه لمدد تجاوزت 12 ساعة".
وأضاف أن سد كرج، المصدر الرئيسي لتزويد محافظة طهران بالمياه، وصل إلى أدنى مستوياته التاريخية، وهو ما ينذر بكارثة وشيكة إذا استمرت موجات الجفاف.
وفي محاولة للتخفيف من آثار الحرارة الشديدة، أعلنت الحكومة الإيرانية عطلة رسمية غدًا الأربعاء في محافظة طهران، بحسب المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني، التي قالت عبر منصة "إكس" إن القرار يأتي في ظل "الحرارة المتواصلة والحاجة إلى ترشيد استهلاك المياه والكهرباء".
وفي مدينة مشهد، شمال شرقي البلاد، يقول أحد المواطنين: "الحر لا يُحتمل، ونعيش انقطاعات يومية في الكهرباء تصل إلى تسع ساعات. الخوف الأكبر ليس من الحرارة، بل من أزمة المياه. السدود تجف والخزانات تنفد بسرعة."
وأشار إلى أن أزمة المياه في مدينته تفاقمت بسبب سدّ شيّدته أفغانستان في ولاية هرات، ما قلل من تدفق المياه إلى مشهد، وهو مشروع أثار انتقادات شديدة من الجانب الإيراني.
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء الأحد الماضي، أطلق الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، تحذيرًا شديد اللهجة قائلًا: "أزمة المياه أخطر بكثير مما يُطرح في النقاشات اليوم. إذا لم نتحرك فورًا، فسنواجه في المستقبل وضعًا لن يكون له حل".
وأضاف: "علينا أن نتصدى للاستهلاك المفرط للمياه، فالأمر لا يتعلّق فقط بالإدارة والتخطيط، بل بسلوكياتنا أيضًا".