بينما تحاول طهران إعادة بناء نفوذها الإقليمي وسط الصراع مع إسرائيل، زعمت تقارير غربية أن ما يوصف بـ "وكلاء إيران" يعملون على تكثيف الضغوط على نقاط رئيسية في الشرق الأوسط، ما يعكس عزمها مواصلة دعم الجماعات المسلحة التي لطالما اعتُبرت أساسية في استراتيجية الردع الإيرانية.
ووفق تقرير لشبكة CNN، أنهى الحوثيون، حلفاء طهران في اليمن، أشهرًا من الهدوء في البحر الأحمر الأسبوع الماضي بشن هجمات على سفينتين تجاريتين.
ويُشتبه في أن وكلاء طهران في العراق عطلوا إنتاج النفط في المنطقة الكردية، كما اعترضت القوات السورية شحنات من مئات الصواريخ المتجهة إلى حزب الله في لبنان خلال الأشهر الماضية.
ويلفت التقرير إلى أنه "حتى في الوقت الذي تعاني فيه إيران من خسارة شخصيات عسكرية رئيسية، عقب تبادل الضربات مع إسرائيل، فإنها استمرت في تسليح هؤلاء الوكلاء؛ مما يشير إلى أنها لا تزال تنظر إليهم باعتبارهم أصلًا استراتيجيًا لتوسيع نفوذها الإقليمي".
في الوقت نفسه، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أفيجدور ليبرمان، إلى أن إيران "مهووسة" بالسعي للانتقام من إسرائيل، مؤكدًا أن الإيرانيين يسعون لأن يكونوا هم من يبدأون "الضربة الأولى" في المواجهة القادمة مع تل أبيب.
استعادة السيطرة
بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، اعترضت قوات موالية للحكومة اليمنية سفينةً تحمل 750 طنًا من الصواريخ والمعدات العسكرية الإيرانية، بما في ذلك صواريخ ومحركات طائرات مسيرة وأنظمة رادار، في البحر الأحمر، وفقًا لما أعلنته القيادة المركزية الأمريكية، الأربعاء، التي ذكرت أن "شحنة الأسلحة الإيرانية الضخمة" كانت متجهة إلى الحوثيين.
ووصف الجيش الأمريكي عملية الاعتراض بأنها "أكبر عملية ضبط أسلحة في تاريخ قوات المقاومة الوطنية اليمنية"، وهي جماعة موالية للولايات المتحدة ومعادية للحوثيين بقيادة طارق صالح، نجل شقيق الزعيم اليمني الراحل علي عبدالله صالح.
فيما نفت وزارة الخارجية الإيرانية إرسال أسلحة ووصفتها بأنها "محاولة خادعة من جانب الولايات المتحدة لتحويل الرأي العام".
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، زادت جماعات يشتبه في أنها مدعومة من إيران هجماتها على حلفاء الغرب في العراق؛ مما أدى إلى زعزعة استقرار إنتاج النفط في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في البلاد.
ونقل التقرير عن عزيز أحمد، المسؤول في حكومة إقليم كردستان، الأربعاء، أن خمسة حقول نفطية، بما في ذلك حقلان تديرهما شركات أمريكية، تعرضت لضربات بعد "سلسلة من الهجمات بطائرات مسيرة".
كما قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشاوا هاوراماني إن هجمات الطائرات بدون طيار "تهدف إلى تدمير البنية التحتية للطاقة" ولضمان أن حكومة إقليم كردستان "ليس لديها القدرة على إنتاج النفط والغاز، لذلك لا يمكنها استخدام هذا كوسيلة ضغط في الاتفاقيات أو الاعتماد عليه كمصدر للدخل".
واتهمت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان قوات "الحشد الشعبي"، وهي قوة شبه عسكرية مدعومة من إيران، بالمسؤولية عن الهجمات التي وقعت في وقت سابق من هذا الشهر، بينما وصفت وزارة الداخلية العراقية هبوط طائرة مسيرة محملة بالقنابل بالقرب من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، في وقت سابق من الشهر الجاري، هذه الهجمات بأنها "تُنفذ بهدف خلق الفوضى".
إعادة تسليح
أما في لبنان، فجاءت عملية أجهزة "البيجر" واغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في غارة إسرائيلية العام الماضي، لتشكل ضربة قوية لتحالف طهران، كما فقد الحزب طريق الإمدادات الرئيسي في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ديسمبر.
مع ذلك، صرّح مصدر إقليمي لشبكة CNN بأن حزب الله قد يبدأ "بإعادة تنظيم صفوفه خلال الأسابيع المقبلة" خوفًا من تصعيد إسرائيلي، وأضاف المصدر أن حزب الله يشعر بأنه في "وضع وجودي" بسبب خسارة سوريا وتزايد الضغط الداخلي اللبناني.
واستمرت محاولات إيران لإعادة تسليح حزب الله على مدار العام الماضي، وقد صادرت الحكومة السورية الجديدة عدة شحنات أسلحة متجهة إلى لبنان، وفقًا لوزارة الداخلية السورية.
وقال مسؤول حكومي سوري رفيع المستوى: "نعترض شحنات إيرانية بشكل متكرر. يبدو أن معظمها يُجمع محليًا ويُجمع في شحنات صغيرة لتهريبها إلى لبنان".
هوس الانتقام
على الجانب الآخر، قال ليبرمان، إن إيران "مهووسة" بالسعي للانتقام من إسرائيل في أعقاب الحرب التي استمرت 12 يومًا، محذرًا من أن تل أبيب ستضطر إلى الضرب مرة أخرى في مرحلة ما.
وقال ليبرمان، الذي يرأس حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض، لبرنامج "ميت ذا برس" الإخباري على القناة 12، إن الانتقام "هو كل ما تفكر فيه القيادة الإيرانية".
وأضاف: "يمكنني أن أقول لكم نفس الشيء الذي تقوله تقييمات الاستخبارات والمسؤولون (حول القدرات النووية الإيرانية في أعقاب الضربات الإسرائيلية والأمريكية) إنهم جميعًا يتحدثون عن حوالي عام إلى عامين لإيران لإعادة بناء برنامجها النووي".
ورغم أن طموحات طهران النووية ستظل تشكل مشكلة، قال ليبرمان إن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن كل ما تهتم به إيران حاليًا هو شن حرب انتقامية".
وذكر: "هذا هو الشيء الوحيد الذي يهمهم الآن. حرب انتقامية، هذا كل ما في الأمر".
وعندما سئل عمّا إذا كان يعتقد أن هذا يعني أن إسرائيل يجب أن تهاجم إيران مرة أخرى، أجاب ليبرمان: "سيكون من المفيد لنا أن نضرب أولًا مرة أخرى"، مضيفًا أن "إيران تريد هذه المرة توجيه الضربة الأولى".
وأوضح ليبرمان أن "ما يقلقني أكثر هو الصواريخ الباليستية، لقد رأيتم ما حدث هنا عندما سقط 26 صاروخًا فقط داخل إسرائيل، وحجم الدمار الذي سببته، تخيلوا لو لم يكن 26 صاروخًا فقط هي التي تصيب إسرائيل، فماذا لو كان 260 صاروخًا؟ ما حجم الضرر الذي سيسببه ذلك؟".