مع تصاعد الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل المستمرة منذ أسبوع، كشفت طهران عن لأول مرة عن صواريخ باليستية دخلت ساحة المعركة مثل "الحاج قاسم"، و"فتاح" و"سجيل"، والتي أثبتت قدرتها على إلحاق أضرار جسيمة بتل أبيب.
وانطلقت آلة الحرب الإيرانية بكامل طاقتها، وهو ما قد يعكس الإمكانات الهائلة واللامحدودة لقدرة إيران على ضرب إسرائيل، بحسب وصف صحيفة "التايمز" البريطانية".
تقدر إسرائيل أن طهران أطلقت حوالي 300 صاروخ حتى الآن، بينما تم تدمير عدد غير معلن عنه ولكنه كبير على الأرجح في غارات جوية وعمليات تخريبية خلال الساعات القليلة الأولى من الحرب، لم يتبق لطهران سوى القليل من الوسائل للدفاع عن مواقع صواريخها من الغارات الجوية، وسيكون إنتاج أسلحة جديدة صعبًا مع تضاؤل المخزون يومًا بعد يوم.
أنواع الصواريخ الإيرانية
كانت أجهزة الاستخبارات الغربية قدرت قبل الحرب أن إيران تمتلك حوالي 2000 إلى 3000 صاروخ قادر على الوصول إلى إسرائيل، وقال تساحي هنجبي، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إن إيران لا تزال تمتلك "آلاف" الصواريخ الإضافية تحت تصرفها، ما يشير إلى أن التقديرات السابقة ربما كانت أقل من الواقع.
تشمل الترسانة التي نعرفها صاروخي "فتاح 1" و"فتاح 2" فائقي السرعة، واللذين تقول إيران إنهما قابلان للمناورة أثناء الطيران، ويمكنهما حمل رأس حربي يصل وزنه إلى 450 كيلوجرام، أما صاروخ "عماد" الأكبر، والذي يُعلن عن مداه الذي يزيد قليلاً عن 1000 ميل، فيمكنه حمل رأس حربي يزن حوالي 800 كيلوجرام.
أما صاروخ "سجيل" فهو صاروخ فرط صوتي يعمل بالوقود الصلب، وتبلغ سرعته 14 ماخ، ويحمل رأسا متفجرًا يزن نحو 500 كيلوجرام. وتعد هذه أول مرة تستخدم فيها طهران هذا النوع من الصواريخ منذ بدء التصعيد، في ظل تصاعد استهداف إسرائيل لمواقع داخل العاصمة الإيرانية.
يستطيع النظام أيضًا إطلاق صاروخ "خيبر شيخان" المُدار عبر الأقمار الصناعية، وربما صاروخ "قاسم بصير" الذي أُعلن عنه أخيرًا، وهو صاروخ يُزعم أنه مُجهز بقدرات تفادٍ للدفاعات، قبل أيام من الحرب، كشفت إيران عن رأس حربي يزن طنين، قالت إنه يُمكن تركيبه على صواريخها الحالية، بحسب "التايمز".
استراتيجية اختراق دفاعات إسرائيل
أشار دبلوماسي غربي للصحيفة البريطانية، إلى أن شدة هجمات إيران قد "بلغت ذروتها" بالفعل، وقالت الصحيفة البريطانية إنه حتى لو كانت ترسانة إيران أكبر وأكثر تطورًا مما كان يُعتقد سابقًا، فإن النظام يُدرك أنه دخل في حرب استنزاف غير مُستدامة ضد عدو متفوق، وحتى لو كان الرئيس ترامب مترددًا في أن تضطلع الولايات المتحدة بدور أكبر وتوفر قنابل "خارقة للتحصينات" لتدمير المواقع النووية في طهران، فإن احتمال نفاد الأسلحة من إسرائيل ضئيل للغاية بفضل مخزوناتها.
وأعلنت إيران في وقت سابق أنها اكتشفت استراتيجية لاختراق الدفاعات الإسرائيلية، للتغلب على القبة الحديدية، ومقلاع داود، في الوقت الذي تعاني فيه إسرائيل نقصًا في صواريخ "آرو" بمنظومة الدفاع الاعتراضية، الأمر الذي يثير قلق واشنطن حول قدرة جيش الاحتلال على مواجهة الصواريخ الباليستية بعيدة المدى من إيران إذا لم يتم حل الصراع قريبًا، نقلًا عن مسؤول أمريكي مطلع، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية لنظام "آرو" الدفاعي بدأ ينفد، وهو ما يثير مخاوف متزايدة داخل جيش الاحتلال بأنه لن يتمكن من الدفاع ضد الصواريخ بعيدة المدى من إيران إذا استمر الصراع لفترة طويلة.
قال المسؤول الأمريكي إن الولايات المتحدة كانت على دراية بمشكلات القدرات منذ أشهر، لذا تعمل واشنطن على تعزيز دفاعات إسرائيل بأنظمة برية وبحرية وجوية. ومنذ تصاعد الصراع في يونيو الجاري، أرسل البنتاجون المزيد من أصول الدفاع الصاروخي إلى المنطقة، وهناك الآن قلق من أن إيران قد تدمر صواريخ الاعتراض أيضًا.
استنزاف إسرائيل
أمل طهران الوحيد هو ضرب إسرائيل بأقصى ما تستطيع في محاولة لزيادة الضغط عليها لإنهاء الصراع قبل أن يجر المنطقة بأكملها، بما في ذلك وكلاء إيران في العراق واليمن.
وقالت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "تشاتام هاوس": "استراتيجية إيران، نظرًا لمحدودية مخزونها من الصواريخ، هي إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر لإثارة قلق المجتمع الدولي واستنزاف إسرائيل"، مضيفة "من المؤكد أن إيران ستسعى إلى التراجع، لكنها اشترطت لذلك أن تتراجع إسرائيل أيضًا عن عملياتها العسكرية".
وأعلنت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الخميس، أن الهجمات الصاروخية التي نفذتها طهران استهدفت مركز القيادة والاستخبارات الإسرائيلي الواقع في "حديقة جاف يام التكنولوجية" قرب مستشفى سوروكا في بئر السبع، جنوب إسرائيل.
ضربات للبنية العسكرية لإسرائيل
وبحسب وكالة "إيرنا"، فإن الهجوم ركز على منشآت تحتوي على أنظمة القيادة الرقمية والعمليات السيبرانية ومكونات شبكة C4ISR التابعة لجيش الاحتلال، والتي تضم آلاف العسكريين. وأكدت المصادر أن الضربة أصابت البنية التحتية العسكرية بدقة، بينما تأثر المستشفى المدني المجاور فقط بموجة الانفجار دون وقوع أضرار كبيرة.
وفي وقت سابق، أعلن التلفزيون الإيراني عن بدء الموجة الثالثة عشرة من الهجمات، بإطلاق صواريخ ثقيلة وبعيدة المدى على أهداف داخل إسرائيل، ضمن عملية أوسع تواصل فيها طهران الرد على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت أراضيها.
وكان الاحتلال الإسرائيلي شن، فجر يوم الثالث عشر من يونيو الجاري، غارات جوية استهدفت منشآت نووية وعسكرية في إيران، وأسفرت عن سقوط قتلى من القادة والعلماء، إضافة إلى عدد من الضحايا المدنيين.
وردت إيران بإطلاق وابل من الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه أهداف عسكرية وصناعية في الأراضي المحتلة، ما أثار مخاوف من انزلاق المنطقة نحو مواجهة أوسع تهدد الاستقرار الإقليمي.