الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

135 يورو غرامة.. فرنسا تطلق استراتيجية للقضاء على التدخين

  • مشاركة :
post-title
تمثال لعقب سيجارة داخل محطة قطار جار دي ليون في باريس - 2012

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أعلنت وزيرة الصحة الفرنسية كاترين فوترين، عن حظر شامل للتدخين في الشواطئ والحدائق العامة وبالقرب من المدارس اعتبارًا من الأول من يوليو المقبل، وذلك في إطار استراتيجية حكومية طموحة لحماية الأطفال من التعرض للتبغ وتحقيق هدف "جيل خالٍ من التبغ بحلول 2032".

حرب أوروبية على التدخين

لم تكن فرنسا الأولى في هذه الخطوة بل لحقت بركب عدد من الدول الأخرى في محاربة التدخين، إذ اتخذت بلجيكا خطوة رائدة في يناير 2025 بحظر السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد، لتصبح أول دولة في الاتحاد الأوروبي تفرض هذا الحظر، وذلك بهدف الحد من انتشار التدخين بين الشباب والتقليل من التأثيرات البيئية والصحية لهذه المنتجات.

وفي السياق ذاته، شهدت المملكة المتحدة في عام 2024 اقتراح قانون طموح يمنع شراء السجائر لمن وُلدوا بعد عام 2009، بهدف خفض نسبة المدخنين إلى أقل من 5% بحلول عام 2040، مع خطط إضافية لتوسيع نطاق الحظر ليشمل شرفات الحانات والمطاعم.

أما هولندا، فقد سجلت في العام نفسه انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 30% في استهلاك التبغ منذ عام 2010، مدعومة بدعوات من وزير الصحة؛ لفرض إطار تنظيمي أوروبي صارم يشمل قيودًا على السجائر التقليدية ومنتجات النيكوتين الأخرى.

وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، بدأت المفوضية الأوروبية خلال 2024-2025 بدراسة توصيات لحظر التدخين في الأماكن العامة الخارجية مثل الشواطئ والحدائق، مع تعزيز الضرائب على منتجات التبغ، حيث تصل في دول مثل الدنمارك إلى 81.5% من سعر العبوة؛ مما يعكس التزامًا جماعيًا بتقليل الأضرار الناجمة عن التدخين.

نطاق الحظر والعقوبات

كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن أن قرار الحظر سيشمل مجموعة واسعة من الأماكن العامة المفتوحة، حيث ستصبح الحدائق والمنتزهات العامة والشواطئ ومحطات انتظار الحافلات والمنشآت الرياضية والمناطق المحيطة بالمدارس مناطق محظورة للتدخين تمامًا.

وأكدت الوزيرة "فوترين" لصحيفة "ويست فرانس" أن "التدخين يجب أن يختفي من الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال"، مشيرة إلى أن "حرية التدخين تنتهي عندما تبدأ حقوق الأطفال في تنفس هواء نقي".

وحددت السلطات الفرنسية غرامة قدرها 135 يورو لكل من يخالف هذا القانون الجديد، وهي مخالفة من الدرجة الرابعة وفقًا للنظام القانوني الفرنسي.

ويُجرى حاليًا وضع اللمسات الأخيرة على المرسوم بالتعاون مع رابطة رؤساء بلديات فرنسا ومجلس الدولة الفرنسي لضمان التطبيق الفعّال في جميع أنحاء البلاد.

استراتيجية لمحاربة التبغ

يأتي هذا القرار كجزء من البرنامج الوطني الفرنسي لمكافحة التبغ للفترة 2023-2027، والذي قدّمه وزير الصحة السابق أوريليان روسو بهدف تحقيق "جيل خالٍ من التبغ بحلول 2032".

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حوالي 7,000 مساحة خالية من التبغ تم إنشاؤها بالفعل من قبل 1,600 بلدية متطوعة، شملت شواطئ وحدائق ومنحدرات تزلج ومناطق حول المدارس.

هذا الإجراء الجديد يُضاف إلى قائمة الأماكن المحظور فيها التدخين والتي تعود لتشريعات مكافحة التبغ لعام 2007، والتي تحظر التدخين في الأماكن العامة المغلقة مثل أماكن العمل والمقاهي والمطاعم ووسائل النقل العام والمؤسسات التعليمية ومناطق لعب الأطفال.

ترحيب واسع

أعربت "الرابطة ضد السرطان" عن سعادتها بهذا الإعلان، مؤكدة في بيان صحفي أن "هذا التقدم كان منتظرًا منذ فترة طويلة من قبل الفرنسيين".

وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة "أوبينيون واي" بتكليف من الرابطة أن 78% من الفرنسيين يؤيدون منع التدخين في أماكن عامة جديدة.

كما أشاد البروفيسور دانيال توماس، المتحدث باسم الجمعية الفرنكوفونية لعلم التبغ، بالمبادرة واصفًا إياها بـ"الإجراء الممتاز" الذي "يوسّع نطاق إزالة طابع الطبيعية عن التدخين"، كما رحبت اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين بالمبادرة، إلا أنها دعت إلى التوسع أكثر لتشمل شرفات المقاهي والمطاعم.

أرقام مفزعة

تكشف الإحصائيات الرسمية عن حجم الكارثة الصحية والاقتصادية التي يسببها التدخين في فرنسا، إذ يتسبب في وفاة 75,000 شخص سنويًا، أي ما يعادل 200 وفاة يوميًا، مما يجعله السبب الأول للوفيات القابلة للتجنب.

ووفقًا لأرقام المرصد الفرنسي للمخدرات والسلوكيات الإدمانية، يكلف التبغ المجتمع الفرنسي 156 مليار يورو سنويًا.

على المستوى العالمي، تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن التبغ مسؤول عن 8 ملايين وفاة سنويًا، بينما ينتج عنه كملوّث بيئي ما بين 20,000 إلى 25,000 طن من أعقاب السجائر سنويًا.

انخفاض عدد المدخنين

رغم خطورة الأرقام، تظهر البيانات الحديثة اتجاهًا إيجابيًا في فرنسا، فوفقًا لأحدث إحصائيات المرصد الفرنسي للمخدرات وهيئة الصحة العامة الفرنسية، انخفضت نسبة المدخنين اليوميين بين البالغين إلى 23.1% في 2023، وهو أدنى مستوى منذ نهاية التسعينيات، كما سجلت مبيعات التبغ انخفاضًا حادًا بنسبة 11.5% في 2024 مقارنة بالعام السابق.

أما بين الشباب، فانخفضت معدلات التدخين اليومي من 25% في 2017 إلى 16% عند سن 17 عامًا في 2022.

وإذا استمر هذا الاتجاه، يتوقع المختصون أن تنخفض النسبة إلى 5% بحلول 2032، مما يقترب من تحقيق هدف الجيل الخالي من التبغ.

السجائر الإلكترونية

بينما لا يشمل الحظر الجديد السجائر الإلكترونية، أعلنت الوزيرة فوترين عن خطط لتشديد الرقابة على استخدامها، إذ تعمل الحكومة مع الوكالة الوطنية لسلامة الغذاء والبيئة والعمل والهيئة العليا للصحة لتقليل معدل النيكوتين المسموح في منتجات التبخير وتحديد عدد النكهات المتاحة، مع إمكانية دخول هذه الإجراءات حيز التنفيذ بحلول نهاية النصف الأول من 2026.

وأكد البروفيسور توماس على أهمية هذا التوجه، محذرًا من أن "السيجارة الإلكترونية يمكن أن تكون أداة للإقلاع عن التدخين بشرط عدم الاستمرار في التدخين التقليدي، ولكن يجب ألا تكون أبدًا أداة للبدء، خاصة بين الشباب".