الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

هواتف بحجم الولاعة.. تقنية صينية تحول سجون فرنسا لمراكز قيادة إجرامية

  • مشاركة :
post-title
صورة من الهواتف توضح مدى صغرها بالمقارنة بولاعة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت السلطات الفرنسية عن ثغرة أمنية خطيرة تتمثل في استخدام نزلاء السجون هواتف محمولة مصغرة مهرّبة من الصين لتنفيذ عمليات القتل المدبرة وتجارة المخدرات من داخل زنزاناتهم، في حين جاء هذا الكشف خلال عملية أمنية واسعة النطاق نفذتها السلطات الفرنسية، شملت تفتيش 500 زنزانة في 66 مركز احتجاز عبر البلاد.

عملية "كسر السجن"

أطلقت السلطات الفرنسية عملية أطلق عليها اسم "عملية كسر السجن" للبحث عن مئات الأجهزة المهربة التي لا يتجاوز حجمها حجم ولاعة السجائر، وبحسب صحيفة "لوموند"، فإن هذه الهواتف المعروفة باسم "التحاميل" يتم تهريبها عن طريق أفراد داخل أجسامهم، ثم تسليمها للنزلاء في غرف الزيارة، كما أن ما يتميز هذه الأجهزة كونها مصنوعة بشكل أساسي من البلاستيك، ما يجعلها لا تثير أجهزة الكشف عن المعادن، ويمكن شراؤها بأسعار رخيصة تصل إلى 20 يورو فقط.

جرائم خطيرة وراء القضبان

أكد بيان صادر عن مكتب المدعي العام الفرنسي أن "التحقيقات أثبتت أن بعض هذه الهواتف استُخدمت لارتكاب جرائم من داخل مراكز الاحتجاز، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والابتزاز والحرق العمد ومحاولات القتل"، ما يسلّط الضوء على خطورة استمرار المجرمين في تنسيق عملياتهم الإجرامية حتى من وراء القضبان، مما يقوض جهود العدالة والأمن العام.

تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن شركة "أوبورتيك" الفرنسية، ومقرها في درانسي بمنطقة سين-سان-دوني في شمال باريس، كانت المورد الرئيسي لهذه الأجهزة، حيث باعت وحدها 5000 هاتف مصغر.

موقع شركة أوبورتيك الفرنسية "مؤرشف" مع عرض المنتجات المتاحة

الصفحات المؤرشفة من موقعها كانت تروج للهواتف فائقة الصغر باعتبارها "غير قابلة للاكتشاف تمامًا"، مع وصف يقول: "جميع منتجاتنا معدة لأقصى حد ومختبرة حتى لا تثير أجهزة الكشف عن المعادن".

كما روّجت الشركة لهاتف "L8star" باعتباره الأصغر في السوق و"المعيار المرجعي" للهواتف المصغرة فائقة الصغر، مشيرة إلى أن "وزنه المنخفض وحجمه الصغير يجعله سهل الحمل وقابل للإخفاء في أي مكان لضمان السرية المثلى"، إلا أنه تم إغلاق موقع الشركة الإلكتروني وأُمرت بوقف التجارة، كما اعتُقل ثلاثة من موظفيها، رغم أن هذه الهواتف قانونية في فرنسا، إلا أن تزويد السجين بهاتف يُعد جريمة.

قدرات تقنية متقدمة وأرقام مقلقة

رغم حجمها الضئيل، تتمتع هذه الهواتف بقدرات تقنية مذهلة، حيث يمكنها إرسال الرسائل النصية وتخزين ما يصل إلى 250 رقم هاتف، كما توفر ساعة كاملة من وقت المحادثة، كما أن بعض الهواتف المشابهة في السوق العامة تتضمن ميزات تعديل الصوت، التي تشير السلطات إلى أنها مفيدة بشكل خاص للابتزاز أو توجيه التهديدات الهاتفية.

وظهرت على حساب الشركة في "سناب شات" صور من عملاء راضين داخل السجون، بما في ذلك صورة عليها تعليق "تم الاستلام بنجاح" من مركز فلوري-ميروجيس للاعتقال.

كشف جيرالد دارمانين، وزير العدل الفرنسي، أنه تم ضبط أكثر من 40 ألف هاتف محمول في السجون الفرنسية خلال عام 2024 وحده.

وبينما قامت بعض السجون بتركيب أنظمة تشويش للهواتف المحمولة، إلا أنها انتقدت لكونها غير فعالة في مواجهة هذه التقنيات المتطورة.

تمثل هذه القضية تحديًا أمنيًا متزايدًا للسلطات الفرنسية، خاصة مع استمرار تطور تقنيات التهريب وصغر حجم الأجهزة المستخدمة، ما يتطلب حلولًا أمنية أكثر تطورًا لمواجهة هذا التهديد المتنامي.