الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صفعة غربية وتهديد أمريكي.. القوى العظمى تلوح بمحاسبة إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
العواصم الأوروبية الكبرى تلوح بمحاسبة إسرائيل

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في مشهد دبلوماسي غير مسبوق منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، انطلقت صيحات التحذير من قلب العواصم الغربية الكبرى ضد إسرائيل، من فرنسا وبريطانيا وكندا، الذين شنوا هجومًا دبلوماسيًا لاذعًا تجاوز حدود التصريحات التقليدية إلى التهديد الصريح بالعقوبات، ووصف التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة بـ"غير المحتمل".

وفي وثيقة مشتركة لا تمثل فقط احتجاجًا دوليًا عالي اللهجة، بل قد تُشكّل بداية لتحول في الموقف الغربي من السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

بيان مشترك غير مسبوق

في بيان نادر وحاد، صدر مساء الاثنين عن زعماء بريطانيا وفرنسا وكندا، دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، إسرائيل إلى الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية في قطاع غزة، ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية دون تأخير، وذلك بالتنسيق الكامل مع الأمم المتحدة ووفق المبادئ الإنسانية المعترف بها دوليًا.

وقال البيان، الذي نُشر رسميًا عبر مكتب رئيس الوزراء البريطاني، إن مستوى المعاناة الإنسانية في غزة قد بلغ حدًا "لا يُطاق"، معتبرًا أن عدم إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ يشكّل على الأرجح خرقًا فاضحًا للقانون الإنساني الدولي.

عقوبات قيد الدراسة

في تطور لافت، لم يكتفِ زعماء الدول الثلاث بالتعبير عن القلق، بل أعلنوا صراحة أنهم ينظرون في فرض عقوبات على إسرائيل بسبب ما وصفوه بـ"التصعيد غير المتناسب" في العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة "عربات جدعون".

وقال القادة: "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تتخذ حكومة نتنياهو خطوات بالغة الخطورة تقوض الجهود الدولية للسلام".

ومن بين الخيارات المطروحة، ذكر البيان "عقوبات مستهدفة"، ما يفتح الباب أمام تحركات قانونية واقتصادية، قد تُتخذ ضد مسؤولين إسرائيليين أو مؤسسات ذات صلة بالعمليات العسكرية في غزة، بحسب "يديعوت أحرونوت".

نازحون في غزة وسط محاولات التهجير
إدانة التهجير القسري

أبدت الدول الثلاث اعتراضها الواضح على تصريحات أطلقها بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية، والتي ألمحت إلى إمكانية طرد سكان غزة قسريًا، معتبرة أن هذا يشكل "انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي"، كما طالبت بالإفراج عن جميع المحتجزين لدى حركة "حماس".

وفيما يخص الضفة الغربية، شدد البيان على ضرورة وقف توسيع المستوطنات، التي اعتبرها القادة الغربيون "غير قانونية وتشكل عقبة أمام حل الدولتين"، مؤكّدين في الوقت نفسه أنهم "لن يترددوا في اتخاذ خطوات إضافية" لمواجهة هذه السياسة.

اعتراف بالدولة الفلسطينية

جاء بيان باريس ولندن وأوتاوا متسقًا مع الجهود الدولية الرامية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، لا سيما المبادرة المصرية الأمريكية القطرية، وأكد القادة الثلاثة دعمهم الكامل لهذه المبادرة، معتبرين أنها تمهد الطريق نحو تسوية سياسية شاملة تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين، وإنهاء حكم حركة "حماس" في غزة، والتقدم نحو تنفيذ حل الدولتين.

وفي خطوة ذات دلالة سياسية عميقة، تعهدت الدول الثلاث بالعمل من أجل الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، معتبرة ذلك جزءًا أساسيًا من جهود السلام الدائم، إلى جانب المشاركة في المؤتمر الدولي المرتقب في نيويورك لصياغة إجماع عالمي حول القضية الفلسطينية.

إدارة ترامب نقلت رسالة شديدة اللهجة هددت فيها بالتخلي عن إسرائيل
توسيع الغضب الغربي

بالتزامن مع البيان الثلاثي، أصدرت 25 دولة غربية، إلى جانب عدد من المنظمات الإنسانية الدولية، بيانًا مشتركًا يطالب إسرائيل بالسماح "الفوري وغير المشروط" باستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

هذا البيان، الذي نشرته وزارة الخارجية البريطانية، وحمل توقيع وزراء خارجية كل من: كندا، ألمانيا، فرنسا، اليابان، أستراليا، إسبانيا، السويد، وإيطاليا، شدد على أن الوضع الإنساني في غزة "كارثي"، وأشار إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والإمدادات الأساسية، مع تحذيرات من "مجاعة جماعية وشيكة".

وانتقدت الدول الموقعة النموذج الجديد الذي تقترحه الحكومة الإسرائيلية بشأن آلية توزيع المساعدات في غزة، مشيرة إلى أن هذا النموذج لا يحترم المبادئ الإنسانية الأساسية مثل الحياد، والاستقلال، وعدم التسييس.

وذكرت أن هذا النهج "يهدد سلامة العاملين الإنسانيين"، ويربط بين المساعدات الإنسانية وبين أهداف سياسية وعسكرية، وهو ما يعد، وفق البيان، خرقًا جوهريًا للقانون الدولي، كما أكدت الدول أن المساعدات الإنسانية لا يجوز استخدامها أداة لتحقيق تغييرات ديموجرافية أو جغرافية في الأراضي الفلسطينية.

وفي ختام البيان، طالبت الدول الغربية حركة "حماس" بإطلاق سراح المحتجزين فورًا، دون شروط، والسماح للمنظمات الإنسانية بالعمل بحرية وحيادية داخل قطاع غزة.

رسالة تهديد من أمريكا

وفي سياق متصل، كشفت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في مؤتمر صحفي، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجري محادثات مستمرة مع جميع الأطراف المعنية بالصراع في غزة، وذلك بعد نجاح الوساطة في إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي عيدان ألكسندر.

وأفادت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير دراماتيكي، أن إدارة ترامب نقلت رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل، مفادها: "إذا لم تنتهِ الحرب، فسوف نتخلى عنكم".

وأشار مصدر مطلع للصحيفة إلى أن الضغوط الأمريكية على حكومة نتنياهو في تصاعد واضح، لا سيما بعد قرار الأخير بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة دون تصويت في الحكومة، في خطوة قد تعكس حجم الضغط الأمريكي المتنامي.