يحب اللون الأحمر ويكره البني.. واختار الجينز لذكائه في التواصل مع الناس
رفض "البنطلون الممزق" في "مرجان" في البداية.. و"البيجامة الكاستور" قراره في "مأمون وشركاه"
لا تقتصر بطولة الزعيم عادل إمام على أدائه أمام الكاميرا، بل تمتد لتشمل الكواليس الدقيقة، إذ يشارك في تشكيل ملامح شخصياته بتفاصيل دقيقة، فهو يختارها بعناية، ويصنع من خلالها هويته الفنية الفريدة، ومن بين شركائه الذين أسهموا في رسم هذه الهوية، يبرز اسم مصممة الأزياء ملك ذو الفقار، التي تعاونت معه في الفترة بين عامي 2007 و2020، بداية من فيلم "مرجان أحمد مرجان" وصولًا إلى مسلسل "فالنتينو".
في حوار خاص مع القاهرة الإخبارية، فتحت "ذو الفقار" صندوق ذكرياتها مع الزعيم، كاشفة عن أسرار اختياراته للأزياء، وذوقه المميز في الألوان، ومواقفه في مواقع التصوير، وطقوسه اليومية التي تعكس بساطته وإنسانيته.
الجينز و"مرجان أحمد مرجان"
اشتهر عادل إمام بارتداء ملابس الجينز، وحول ذلك قالت "ذو الفقار": "كان قريبًا من الناس، واختار الجينز لذكائه في التواصل معهم، لأنه زيّ محايد يرتديه الأغنياء والبسطاء على حد سواء.. ملابسه عمومًا تُعبّر عن الطبقة الوسطى وتُناسب طبيعة الأدوار التي يُجسدها، والتي تتطلب الحركة، لذلك كان يحتاج إلى ملابس تُساعده على الحركة، وكل أعماله فيها حيوية وواقعية".
وأضافت: "طريقته في ارتداء الملابس أعجبت الناس، فقلدوه.. كانت اختياراته نابعة من فكره وشخصيته. الناس تقبّلوا أسلوبه لأنه صادق، وفي فيلم (مرجان أحمد مرجان) كانت المرة الأولى التي يرتدي فيها بنطلونًا ممزقًا، وأبدى في البداية رفضه للفكرة، لكنه في اليوم التالي وافق بعدما أدرك أن اللوك يناسب شخصية طالب جامعي، وأراد أن يُواكب صيحات الموضة، خاصة وأن البنطلونات الممزقة كانت رائجة آنذاك".
وأوضحت أن هذا الفيلم كان بداية التعاون بينهما، واستمر بعده في كل الأعمال حتى اعتزاله الفن، باستثناء فيلمين فقط هما: "بوبوس" و"زهايمر".
لقاء أول
عن أول لقاء جمعها بالزعيم شعرت أنه بمثابة امتحان بمعهد سينما، روت قائلة: "كنت أعمل على فيلم (تمن دستة أشرار) مع المخرج رامي إمام، وأُعجِب الزعيم بالأزياء، فطلب من رامي أن ألتقي به، وخلال اللقاء الأول، تحدث عادل إمام مطولًا عن حرية المرأة والسياسة، شعرت وكأنني أمام امتحان في معهد السينما.. هو يهتم بكل من حوله، ويحرص على أن يكون فريقه واعيًا ومثقفًا وذكيًا، ويفهم الحياة ومفرداتها".
وتابعت: "مصمم الأزياء لا بد أن يكون مدركًا للظروف الاجتماعية والسياسية والفترات الزمنية التي تدور فيها الأحداث، حتى يختار الملابس بعناية، رغم أنني عملت سابقًا في أفلام مثل (حب البنات) و(ملك وكتابة)، إلا أن العمل مع الزعيم كان بمثابة حلم حياتي".
وصفت ملك ذو الفقار الزعيم قائلة: "يتمتع بذكاء استثنائي في اختيار فريق عمله والممثلين المحيطين به، فهو يُجيد اختيار المتميزين.. يُصغي جيدًا.. ديمقراطي في تعامله، وإن اقتنع بكلامك يأخذ به، وإن لم يقتنع يناقشك مرة أخرى.. تعلمت منه شيئًا جديدًا كل عام، فهو مدرسة حقيقية، يفهم طبيعة الناس وذوق الجمهور المصري، ويعلم أن الطبقة المتوسطة تُحب الألوان، وكان يرى أن البطل الشعبي لا يرتدي الأبيض لأنه يُرتبط في الأذهان بالطبقات الثرية".
اختيار الألوان
عن ذوقه في الألوان، قالت: "كان يكره اللون البني بشدة، لأنه يراه لونًا باهتًا لا يُظهر الممثل على الشاشة، في المقابل كان يحب الأحمر والأبيض والأصفر، ويُفضل الألوان الزاهية لأنها تُعبّر عن الحياة.. وهو من مواليد برج الثور، ويعشق الحياة رغم جديّته في العمل".
طقوسه اليومية
تحدثت "ذو الفقار" عن يوم الزعيم في مواقع التصوير، فقالت: "كان يصل في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ويفطر مع فريق العمل "فول وطعمية" ويشرب الشاي، لا يعمل أكثر من 7 أو 8 ساعات يوميًا، ويتميز بقوة ملاحظة استثنائية. هو لماح، ويهتم بأدق التفاصيل.. وكنت أقول دائمًا: يا بخت اللي بيحبه عادل إمام.. كنت أذهب إلى موقع التصوير بسعادة".
استعادت ملك ذكرياتها في مسلسلي "فرقة ناجي عطا الله" و"مأمون وشركاه"، قائلة: "عندما بدأنا تصوير فرقة ناجي عطا الله، سألني الزعيم: هل أنت قادرة على إنجاز هذا العمل؟ لأنه يتناول موضوعات دقيقة تتعلق بفلسطين وإسرائيل.. كان صادقًا وصريحًا جدًا.. عملت معه في فالنتينو، وعوالم خفية، وعفاريت عدلي علام، ومأمون وشركاه، وصاحب السعادة.. وفي مأمون وشركاه، قال لي: سأرتدي بيجامة كاستور ولن أرتدي غيرها، لأنه كان يجسد شخصية رجل بخيل، وكان دقيقًا للغاية في اختياراته".
اختيار مدروس
عن الكيمياء المشتركة التي جمعتهما، أكدت أنه يختار بعناية من حوله قائلة: "كان يبحث عن من يفهمه، لأنه مثقف كخزنة لا تفتح إلا بمفتاحها الصحيح.. يُفضّل التعامل مع من يملك وعيًا فنيًا.. في كل عمل كنا نجلس مع مهندس الديكور والمخرج والاستايلست، ونتبادل النقاش حول تفاصيل الشخصية، من الألوان إلى الخامات".
زعيم بسيط
عن شخصيته الإنسانية، وصفت "ذو الفقار" الزعيم بقولها: "رغم عظمته، إلا أنه بسيط جدًا، ومن يجلس معه يشعر وكأنه أحد أفراد الأسرة.. يحب البهجة، ويُفضل الألوان السعيدة، يعشق الطعام والشاي، ويمازح فريق العمل، ولكنه لا يقبل الخطأ، وهو تجربة إنسانية وفنية كبيرة لن تتكرر".
وأضافت: "كان يهتم بكل التفاصيل، فمثلًا في الأدوار التي يجسد فيها دور رجل ثري كان يستعين ببدل إيطالية من ماركة شهيرة ثمن الواحدة منها آلاف الدولارات، أما باقي الملابس فتتكفل بها الشركة المنتجة، لأنها هي التي تتحمل التكلفة، لكنه في النهاية إنسان بسيط، مصري أصيل، يفهم الرجل المصري ويعرف احتياجاته، صدّقه الناس لأنه عبّر عنهم بصدق، ما يميزه هو الأصالة، وأنه حقيقي".