في سجل الفن العربي، قليلون هم الذين تجاوزوا حدود النجاح الفردي ليصنعوا مع غيرهم تجارب جماعية خالدة، ويأتي اسم الفنان الكبير عادل إمام في مقدمتهم، ليس فقط بموهبته الاستثنائية وحضوره الطاغي، بل أيضًا بقدرته على خلق شراكات فنية كانت حجر الأساس في بناء مسيرته الممتدة لأكثر من نصف قرن.
في المسرح والسينما والتلفزيون، عرف الزعيم كيف يختار شركاءه بعناية، ليصنع معهم ثنائيات فنية حفرت أسماءها في ذاكرة الجمهور وحققت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا نادرًا. بعض هذه الشراكات استمرت لسنوات، وبعضها أضاء لحظات مفصلية في تاريخه، لكنها جميعًا اجتمعت على تقديم محتوى لا ينسى.
من أكثر أسباب استمرار عادل إمام على القمة وتألقه كان اختياراته الدقيقة للشركاء الذين وقف معهم، ليكون ثنائيات مميزة، ففي التمثيل يعد الفنان الراحل سعيد صالح، أحد أقرب أصدقاء عادل إمام، وقدّما سويًا أعمالًا أيقونية مثل مسرحية "مدرسة المشاغبين" عام 1973، وأفلام "رجب فوق صفيح ساخن" عام 1979، و"الهلفوت" عام 1985، و"سلام يا صاحبي" عام 1987 و"زهايمر" عام 2010.
عادل إمام ويسرا
قدمت النجمة يسرا مع الزعيم واحدةً من أنجح الثنائيات الفنية، إذ شاركته في أفلام "شباب يرقص فوق النار"، و"أذكياء لكن أغبياء"، و"ليلة شتاء دافئة"، و"الإنسان يعيش مرة واحدة"، و"جزيرة الشيطان"، و"على باب الوزير" ، و"الإنس والجن"، و"كراكون في الشارع"، و"رسالة إلى الوالي"، و"المولد".
وأيضًا شاركته بطولة أفلام "الإرهاب والكباب" ، و"المنسي"، و"الأفوكاتو"، و"طيور الظلام"، و"عمارة يعقوبيان"، و"بوبوس".
حول هذا التعاون الضخم والمسيرة المميزة رفقة الزعيم، قالت يسرا : "عادل إمام فنان بمعنى الكلمة فهو شخص استثنائي أثر في وجدان جميع الأجيال وفيّ أنا شخصيًا، قدمتُ معه العديد من الأعمال الفنية المهمة التي أعتز بها وأضافت الكثير لمشواري الفني، فهو ساهم في ترسيخ وجودي في قلوب الجمهور".
أضافت: "عادل إمام رمز للحب والضحكة والجدعنة، قدّم أعمالًا مهمة للغاية لكي يسعد الناس، وكان دائمًا سندًا لمن حوله، فهو الأخ والصديق والأب، وكان أول شخص يقف بجانبي وقت الشدة، وتعلمت منه الكثير من المفاهيم الفنية والإنسانية ووجوده في حياتنا بركة، وربنا يعطيه الصحة".
الزعيم ولبلبة
الفنانة لبلبة جمعها بالزعيم أيضًا شراكة طويلة امتدت لعقود، في أفلام تمزج بين الكوميديا والدراما، منها "برج العذراء"، و"24 ساعة حب"، و"البعض يذهب للمأذون مرتين"، و"خلي بالك من جيرانك" و"عصابة حمادة وتوتو"، أما في الدراما، فتعاونت معه في مسلسلين هما "صاحب السعادة"، و"مأمون وشركاه".
وحول ذلك، قالت لبلبة: "عادل إمام ليس مجرد زميل، بل توأم روح فني وإنساني، فهو شريك رحلة، ورفيق زمن طويل من العمل والحياة.. يوجد بيننا انسجام، وتعلمت منه كثيرًا، ليس فقط في الفن، بل في الحياة والمواقف والإنسانية، فهو قلب كبير يحتضن الجميع، وضحكته وحدها كفيلة بأن تبدد كل تعب، لذا أرى أن وجوده نعمة، والعمل معه متعة لا توصف".
وتضيف: "عادل إمام مثال نادر في الوفاء والجدعنة، ظاهرة لن تتكرر".
راتب ومتولي
شارك الفنان أحمد راتب عادل إمام في أدوار بارزة، وسجّل حضورًا متكررًا في معظم أفلام الزعيم، كما في "الإرهاب والكباب"، و"الإرهابي"، و"المنسي".
أما الراحل مصطفى متولي، صهر وصديق عادل إمام، فشارك معه في عدد من الأفلام والمسرحيات، منها "الواد سيد الشغال"، و"الإرهابي" و"طيور الظلام".
ثنائيات مع مخرجين
وعلى مستوى الإخراج، كوّن عادل إمام ثنائيًا فنيًا ناجحًا مع المخرج شريف عرفة، وقدما عددًا من الأعمال الفنية المميزة التي تركت بصمة كبيرة في تاريخ السينما المصرية، وهي: "اللعب مع الكبار"، و"الإرهاب والكباب"، و"المنسي"، و"طيور الظلام"، و"النوم في العسل".
أما المخرج رامي إمام، نجل عادل إمام، فشاركه كمخرج في عدد من الأفلام والمسلسلات، خصوصًا في المراحل الأخيرة من مشواره الفني، ومن هذه الأفلام: "أمير الظلام"، و"حسن ومرقص"، أما في الدراما التلفزيونية، فقدما سويًا: "فرقة ناجي عطا الله"، و"العراف"، و"صاحب السعادة"، و"مأمون وشركاه"، و"عوالم خفية"، و"فلانتينو".
ومن بين المخرجين الذين تعاونوا مع عادل إمام وقدموا معه أعمالًا مميزة، يبرز اسم المخرج سمير سيف، الذي أخرج له أفلامًا قوية مثل "المشبوه"، و"الغول"، و"الهلفوت".
ثنائيات مع مؤلفين
يُعد التعاون بين المؤلف الراحل وحيد حامد وعادل إمام من أبرز التحالفات في تاريخ السينما المصرية، وولدت هذه الثنائية أفلامًا تميزت بالقوة الدرامية والسخرية الاجتماعية.
كان وحيد حامد يكتب نصوصًا ذات بعد فكري عميق، بينما أضاف عادل إمام لمسته الفريدة من الأداء الذي يجمع بين الكوميديا والجدية، فساهم هذا المزيج في تقديم أفلام شكّلت ملامح السينما المصرية خلال العقود الأخيرة.
من أبرز هذه الأفلام "اللعب مع الكبار"، و"الإرهاب والكباب"، و"المنسي"، و"طيور الظلام".
يوسف معاطي
كما قدم الكاتب يوسف معاطي مع عادل إمام عددًا من الأعمال التي مزجت بين الكوميديا والدراما، واستطاع أن ينسج حوارات مليئة بالذكاء والفكاهة، بينما قدم عادل إمام أداءً يتراوح بين السخرية والجد، ليعكس هموم المجتمع بأسلوب فني مختلف.
من هذه الأعمال "الواد محروس بتاع الوزير"، و"التجربة الدنماركية"، و"عريس من جهة أمنية"، و"السفارة في العمارة"، أما في الدراما التلفزيونية، فقدما معًا "فرقة ناجي عطا الله"، و"صاحب السعادة"، وآخرها "عفاريت عدلي علام".