تستعيد بيروت، صوتها الثقافي اليوم مع انطلاق فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته السادسة والستين، التي تُقام استثنائيًا هذا العام خلال الفترة من 15 إلى 25 مايو عند الواجهة البحرية للعاصمة اللبنانية، بعد أن حال دويّ الحرب دون انعقاده في موعده الأصلي نهاية عام 2024.
يعود المعرض محمّلاً هذه المرة بوهج الحرب، بين نصوص مباشرة وأخرى تستبطن أوجاع الواقع في طيّات اللغة والسرد، ليؤكد أن الثقافة لا تنكسر مهما قست الظروف.
دورة استثنائية
وتُقام الدورة الجديدة تحت رعاية رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، فيما يُنتظر أن تعود الدورة المقبلة إلى موعدها المعتاد في نهاية العام، لتستعيد التقاليد السنوية التي اعتاد عليها جمهور الثقافة في لبنان والمنطقة.
وفي تصريحاتها لقناة "القاهرة الإخبارية"، أكدت سلوى السنيورة، رئيسة معرض بيروت العربي الدولي للكتاب، أن إقامة المعرض في هذا التوقيت يحمل رسالة صمود وإصرار ثقافي، قائلة: "هذا المعرض يأتي بعد تأجيل بسبب الحرب في لبنان. ليس مستبعدًا على هذا البلد أن يكون حريصًا على إقامة معرض للكتاب، فقد استحق عن جدارة لقب العاصمة العالمية للكتاب عام 2009".
وتابعت موضحة: "كان من المتوقع أن تُقام الدورة السادسة والستون عام 2024، لكن الظروف التي شهدها لبنان حالت دون ذلك، وكان من المفترض أن يُنظَّم المعرض في نهاية عام 2025، إلا أن ما يحدث من نهضة فكرية وحركة ثقافية نشطة، دفع النادي الثقافي العربي، الجهة المنظمة للحدث، إلى اتخاذ قرار بإقامته في هذا التوقيت، ليستمر لبنان في احتضان هذا المعرض لجمهوره المتعطّش".
مشاركة عربية ودولية
وأشارت السنيورة إلى حجم المشاركة الواسعة هذا العام، قائلة: "هناك مشاركة من جمهورية مصر العربية، إلى جانب مشاركة من معرض دولة الإمارات العربية المتحدة، وحضور فرنسي مميز من خلال معهد العالم العربي، فلبنان متشوق لهذا الحدث، والكل ينتظره بشغف".
ولفتت رئيسة المعرض إلى أن الفعالية لا تقتصر فقط على عرض أحدث الإصدارات، بل تضم برنامجًا ثقافيًا حافلاً، وقالت: "المعرض لا يقتصر على عرض الكتب فقط، بل يتضمن برنامجًا غنيًّا يشمل 66 ندوة، وهو نفس رقم الدورة، وتتناول هذه الندوات موضوعات فكرية وثقافية متنوعة".
سيضم المعرض موسيقى، مسرح، وسينما، ذاكرة فنية متعددة الأبعاد، إذ قالت: "في افتتاح المعرض، يُقام حفل موسيقي شعري، إلى جانب حفل موسيقي آخر يقدّمه العازف العالمي عبد الرحمن الباشا، إحياءً لذكرى مرور 100 عام على ولادة والده، الموسيقار الشهير توفيق الباشا".
كما أشارت إلى الفعاليات التي تحتفي بالمسرح اللبناني، إلى جانب مؤسسات لعبت دورًا كبيرًا في المشهد الثقافي، قائلة: "هناك احتفاء بالمسرح، وبمؤسسات ثقافية كبرى في لبنان، مثل الندوة اللبنانية، التي كانت منبرًا حرًا، تمامًا مثل النادي الثقافي العربي، الذي يحتفل هذا العام بمرور 80 عامًا على ولادته".
وتابعت قائلة: "هناك أيضًا معارض إضافية وفنية، من بينها معرض خاص بمدينة طرابلس، التي نالت لقب عاصمة الثقافة العربية لعام 2024، بالإضافة إلى إصدار عن رواد النهضة، ومعرض يؤرخ لتاريخ السينما اللبنانية على مدار مئة عام، ومعرض للفروسيات، وآخر لفن الجرافيتي، فضلاً عن معرض يوثق تاريخ معرض بيروت منذ انطلاقه عام 1956 وحتى اليوم".
واختتمت السنيورة حديثها بالتأكيد على الحضور المنتظر من الجمهور اللبناني رغم ظروف الحرب، قائلة: "الظروف التي مر بها لبنان لا بد أن تترك أثرًا، لكننا سنُفاجأ بحضور مميز من جميع اللبنانيين، وخصوصًا من العاصمة بيروت. نراهن على الإقبال الكبير على المعرض، الذي ينطلق اليوم كرسالة تحدٍ وإصرار على الحياة".