في الوقت الذي تعود فيه الولايات المتحدة مجددًا إلى استخدام الرسوم الجمركية، وقيود الاستثمار، وأساليب الحرب التجارية التقليدية في محاولة لكبح صعود الصين، تتعالى أصوات غربية تحذّر من أن هذه المعركة قد تنتهي بخسارة واشنطن لا بكسر بكين، وفق صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية.
أمريكا المتضرر الأكبر
يرى البروفيسور وارويك باول، أستاذ مساعد بجامعة كوينزلاند للتكنولوجيا ومستشار سابق لرئيس وزراء أستراليا، أن إطلاق الولايات المتحدة حرب الرسوم الجمركية الجديدة شكّل تصعيدًا غير مسبوق، سرعان ما استثنى العالم منها باستثناء الصين، وفق الصحيفة الصينية.
ورفعت واشنطن الرسوم على معظم الواردات الصينية إلى 145%، وردّت بكين برسوم على السلع الأمريكية بنسبة 125%. ومع ذلك، لم تُظهر الصين أي إشارات على التراجع، بل عزّزت علاقاتها التجارية مع دول متعددة، وخاصة شركاء مبادرة "الحزام والطريق"، التي باتت تمثل أكثر من نصف تجارتها الخارجية.
وتحدث "باول" أن الهيكل الاقتصادي الصيني شهد تحولات جذرية، إذ بات مدفوعًا بالطلب المحلي والاستثمار الداخلي، بينما تراجعت أهمية السوق الأمريكية التي لم تعد تمثل سوى 11% من تجارة الصين، كما انتقلت رؤوس الأموال من المضاربات العقارية إلى التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، ما أسّس لمرحلة جديدة من الاعتماد على الذات.
محاولة لعزل الصين
أما راديكا ديزاي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة مانيتوبا الكندية، فترى أن واشنطن تحاول تحويل هدنة الـ90 يومًا إلى وسيلة للضغط على شركائها للحد من تعاملاتهم التجارية مع الصين، لكن هذه الخطة تبدو محكومة بالفشل، بحسب تقرير الصحيفة.
وتقول "ديزاي" إن الرسوم الأمريكية لم تكن تهدف إلى خلق وظائف أو استثمار داخلي، بل إلى عرقلة التطور الصناعي والتكنولوجي الصيني. غير أن النتيجة كانت ارتفاعًا في التضخم داخل الولايات المتحدة، وتحذيرات من كبار رؤساء الشركات الأمريكية الذين دعوا للتراجع.
وفي أوروبا، بدأت الحكومات تعبّر عن نفاد صبرها من الضغط الأمريكي، إذ دعا الاتحاد الأوروبي إلى نظام تجاري عالمي "عادل ومتوازن"، فيما أكد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أن تجاهل الصين كقوة اقتصادية سيكون "تصرفًا أحمق".
مَن تختار أوروبا؟
من جانبه، يرى رجل الأعمال الإيطالي ماورو لوفكيو أن الاستراتيجية الأمريكية تعكس قُصر نظر يضر حتى بحلفائها، مشيرًا إلى أن جولة النزاعات التجارية في أواخر العقد الماضي لم تؤد إلى نتائج تذكر، بل رفعت الأسعار وأربكت سلاسل الإمداد العالمية.
وتحدث "لوفكيو" للصحيفة، عن أن واشنطن لا تكتفي باستهداف الصين، بل تمارس ضغطًا على أوروبا أيضًا، سواء من خلال الرسوم على الفولاذ والأولمونيوم أو عبر القيود على صادرات التكنولوجيا.
وحذر رجل الأعمال الإيطالي أيضًا من أن فرض واشنطن وصايتها الاقتصادية على حلفائها قد يدفع أوروبا إلى البحث عن بدائل استراتيجية، من بينها تعميق الشراكات مع آسيا، وتحديدًا مع الصين، في سبيل تنويع مصادر النمو وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة.