الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وسط صراع ديمقراطي جمهوري.. سجن السلفادور يقسم الكونجرس الأمريكي

  • مشاركة :
post-title
أرشيفية- صورة من داخل سجن CECOT في السلفادور

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في قلب أمريكا الوسطى، وتحديدًا على أطراف مدينة تيكولوكا في السلفادور، يقف سجن CECOT ككتلة من الإسمنت والحديد تحاصر الآلاف، لا بالجرائم التي اقترفوها، بل أحيانًا بـ"أخطاء إدارية" أو قرارات سياسية عابرة للحدود.

هذا السجن الذي صُمم لمكافحة عنف العصابات، تحوّل فجأة إلى مركز صراع سياسي داخلي في الولايات المتحدة، ووجهة مثيرة للجدل لعدد من المشرعين الأمريكيين، فمنهم من زاره وأشاد به، ومنهم من مُنع من دخوله رغم محاولاته الحثيثة للقاء أحد المرحّلين خطأً.

سجن CECOT

وتبرز قصة هذا السجن في أمريكا بين صور النواب الجمهوريين المبتسمين أمام الزنازين، ومحاولات الديمقراطيين التي باءت بالفشل، لا تتعلق فقط بالترحيل أو القانون، بل بعمق الانقسام السياسي الأمريكي في التعامل مع ملف الهجرة وحقوق الإنسان.

وحسب موقع "أكسيويس" الأمريكي، تحوّل سجن CECOT الضخم، الواقع في مدينة تيكولوكا في السلفادور، إلى رمزٍ مثير للجدل في الخطاب السياسي الأمريكي، خصوصًا بعد أن أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مئات المهاجرين الفنزويليين إليه، دون توفير الحد الأدنى من الإجراءات القانونية لهم.

هذا السجن، الذي شُيّد بأمر من الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلي عام 2022، ضمن حملة حكومته لمكافحة العنف المتفشي في البلاد، أصبح اليوم جزءًا من جدل أمريكي داخلي بشأن سياسات الترحيل وحقوق المهاجرين.

السجن الضخم الذي يتّسع لأربعين ألف نزيل، وتُحتجز فيه أعداد تصل إلى 70 شخصًا في كل زنزانة، يُمنع فيه التعليم والترفيه، ويُعامل المرحّلون بنفس طريقة معاملة أخطر رجال العصابات المدانين، بحسب تصريحات مدير السجن بيلارمينو جارسيا لشبكة CNN.

زيارات انتقائية

خلال الشهور الماضية، زار عدد من النواب الجمهوريين ووزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم السجن، وشاركوا صورًا لهم أمام الزنازين المكتظة، إذ ظهرت الوزيرة في مقطع فيديو من داخل السجن، وقالت: "إذا أتيت إلى بلادنا بطريقة غير شرعية، فهذه إحدى العواقب التي قد تواجهها".

وشارك النائب الجمهوري جيسون سميث صورًا مماثلة، وكتب في بيان يشيد فيه بسياسات ترامب الخاصة بالترحيل، أما النائب الجمهوري رايلي مور، فوقف مبتسمًا أمام الزنازين وكتب على منصة "إكس": "أغادر الآن وأنا أكثر تصميمًا على دعم جهود الرئيس ترامب لتأمين وطننا".

خمسة أعضاء جمهوريين آخرين زاروا السلفادور، وفقًا لما نشرته السفارة الأمريكية في البلاد، من بينهم النواب: كلوديا تيني ومايك كينيدي وكارول ميلر ورون أوف إيستس وكيفن هيرن.

وأكدت "تيني"، في منشور على منصة "إكس"، أنها زارت السجن، مشيدة بترحيلات ترامب، فيما لم تُجب مكاتب النواب الآخرين على استفسارات موقع "أكسيوس" حول تفاصيل زيارتهم، لكن المفارقة أن طلبات النواب الديمقراطيين لزيارة نفس السجن قوبلت بالرفض الصريح.

محاولات مرفوضة للرقابة

أعرب عدد من المشرعين الديمقراطيين، أبرزهم ديليا راميريز ووروبرت جارسيا وماكسويل فروست عن رغبتهم في تنظيم وفود رسمية إلى السلفادور لمعاينة ظروف المرحّلين، وعلى رأسهم كيلمار أبريجو جارسيا، وهو أحد ناخبي السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين (ماريلاند)، والذي تم ترحيله عن طريق الخطأ.

وطلبت "راميريز" إجراءات رقابية تتعلّق مباشرة بالسجن، قائلة: "نظرًا لأن استخدام الإدارة لـCECOT في عمليات الترحيل غير القانونية وغير الدستورية مليء بالأخطاء الإدارية، أطلب بشكل عاجل من CODEL إجراء الرقابة".

لكن رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، النائب الجمهوري مارك جرين، رفض هذا الطلب صراحة، قائلًا: "إذا كان الديمقراطيون يهتمون كثيرًا بالدفاع عن هذا الفرد، فإن بإمكانهم استخدام بطاقاتهم الائتمانية الشخصية، وليس أموال دافعي الضرائب، لإرسال إشارات فضيلة إلى قاعدتهم الراديكالية".

أما السيناتور فان هولين، الذي ذهب في زيارة رسمية إلى السلفادور، فقال إن السلطات السلفادورية منعته من الوصول إلى السجن ولقاء أبريجو جارسيا، رغم أن المحكمة العليا الأمريكية كانت قد حكمت بالإجماع بضرورة تسهيل عودته إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك صرّح الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلي بأنه لا ينوي إطلاق سراحه.

وفود معلّقة

كشف "أكسيوس" عن أن الديمقراطيين يحاولون الاستمرار في جهودهم رغم العراقيل، ويبحث بعضهم، مثل النائب روبرت غجارسيا، في إمكانية تنظيم رحلة غير رسمية للسلفادور، رغم أن هذه الرحلة ستكون محدودة في الإمكانات مقارنة ببعثة CODEL الرسمية التي توفر الدعم الأمني والتحقيقي الكامل.

وقال أحد النواب الديمقراطيين، دون الكشف عن اسمه، إنه قد يحاول الانضمام إلى رحلة رسمية يخطط لها السيناتور الديمقراطي كوري بوكر، مضيفًا: "إذا كان كوري بوكر سيذهب وكان رسميًا فإن الذهاب مع شخص رسمي سيكون أفضل طريقة للذهاب".

وفي ظل استمرار رفض الجمهوريين للموافقة على هذه الرحلات، تبقى محاولات الديمقراطيين مرهونة بإرادتهم الذاتية ومواردهم الخاصة، ما يعكس مدى انقسام الكونجرس حيال قضايا الهجرة وحقوق المرحّلين.

سجنٌ بمواصفات قاسية

السجن الذي بناه بوكيلي في عام 2022 استجابة لتصاعد العنف المرتبط بالعصابات، أصبح في نظر الجمهوريين نموذجًا للصرامة في التعامل مع الهجرة غير الشرعية، لكنه في نظر الديمقراطيين تجسيد لانتهاكات محتملة لحقوق الإنسان والتعدّي على الإجراءات القانونية الواجبة.

المهاجرون المرحّلون إليه، وأغلبهم من فنزويلا، يعيشون في نفس الظروف القاسية التي يعيشها المدانون بالعنف والانتماء للعصابات، حسبما نقلته CNN، ما يثير قلق المنظمات الحقوقية والسياسيين الذين يرون أن التعامل مع ملفات الهجرة يجب أن يبقى في إطار القانون الأمريكي والدولي، لا أن يُنقل إلى أنظمة أخرى ذات سجل حقوقي مثير للجدل.