تختلف الآراء حول رئيس السلفادور، نجيب بوكيلة، الذي استطاع نيل اهتمام العالم بطريقة لم يفعلها سوى عدد قليل من زعماء أمريكا اللاتينية في الآونة الأخيرة، إذ يراه الكثيرون بطلًا قوميًا تغلب على العصابات العنيفة في البلاد بقوة لا هوادة فيها، فيما ينظر له آخرون على أنه مستبد القرن الـ21 الذي ارتكب انتهاكات جماعية لحقوق الإنسان.
وبتجاوزه دستور السلفادور الذي يحظر إعادة الانتخاب في 6 مناصب مختلفة، من المرجح أن يتأهل "بوكيلة" الذي يصف نفسه بأنه "أروع دكتاتور في العالم" بسهولة إلى ولاية رئاسية ثانية، في الانتخابات التي تجري اليوم الأحد.
فوز شبه مؤكد
يحظى "بوكيلة" بدعم من 7 إلى 9 من كل 10 ناخبين، وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، ويقول الكثيرون إن لديهم خيارات قليلة بعد سنوات من الفساد والعنف في ظل الأحزاب التقليدية في السلفادور.
ويعد فوزه شبه المؤكد فرصة تزداد من خلالها قبضته على السلطة، إذ تمتد تكتيكاته الصارمة من هذه الدولة الصغيرة في أمريكا الوسطى إلى أماكن أخرى تعاني من أزماتها الأمنية، مثل الإكوادور وهندوراس وجمهورية الدومينيكان.
وقال أليكس سيسنيروس (32 عامًا) وهو من بين الذين يعتزمون التصويت لصالح "بوكيلة": "لقد فعل الكثير من الأشياء الجيدة وكذلك السيئة، ورغم أنه ينتقده العديد من الأشخاص، لكنه على الأقل غيّر شيئًا ما"، وفقًا لـ"أسوشيتدبرس".
وعندما تم انتخابه لأول مرة في عام 2019، أصبح "بوكيلة"، أصغر زعيم في أمريكا اللاتينية، واجتذب بعضًا من أكبر الأسماء في العالم، إذ استضاف مؤخرًا مسابقة ملكة جمال الكون، واستعان بنجم كرة القدم ليونيل ميسي للعب مباراة استعدادًا للموسم الجديد.
وجاء صعوده في عام 2022 مع حربه القاسية على العصابات التي طالما أرهبت السلفادور. وبموجب حالة الطوارئ، سجنت حكومته 76 ألف شخص وثقت جماعات حقوق الإنسان حالات تعذيب ومقتل أكثر من 150 سجينًا، كما اتُهمت الحكومة بارتكاب انتهاكات منهجية.
آراء متباينة
وفي مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، الأسبوع الماضي، أقر نائبه فيليكس أولوا، بأن الحكومة ارتكبت أخطاء في اعتقال آلاف الأشخاص الذين لم يرتكبوا أي جرائم. وفي الوقت ذاته، نفى قيام الحكومة بتعليق حقوق السلفادوريين الشرفاء، وبرر حملة القمع بأنها من أجل الصالح العام للبلاد وتحظى بشعبية واسعة.
وفي المقابل، قال آخرون للوكالة إنهم كانوا خائفين للغاية من الحديث عن الانتخابات بسبب الاعتقالات الجماعية. ويقول المحامون الدستوريون والمحللون والسياسيون المعارضون إن المخاطر الديمقراطية طويلة المدى التي تأتي مع الزعيم الكاريزمي هي الأقل وضوحًا للناخبين.
وانخفض معدل جرائم القتل في السلفادور إلى أدنى المعدلات في الأمريكتين، بعد أن كانت البلاد قبل بضع سنوات فقط تعد واحدة من أخطر الأماكن في العالم. ومن خلال الوفاء بوعده بجلب الأمن، وهو الأمر الذي فشل فيه الحزبان التقليديان في البلاد.
إجراءات لضمان الفوز
واستند "بوكيلة"، في حملته الدعائية إلى قمع العصابات، وحذر المواطنين أنه إذا لم يفز حزبه أفكار جديدة في الانتخابات، فإن الحرب مع العصابات ستكون معرضة للخطر، وقال في أحد مقاطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع: "ستكون المعارضة قادرة على تحقيق خطتها الحقيقية والوحيدة، وهي إطلاق سراح أفراد العصابة واستخدامهم للعودة إلى السلطة".
بنى الرئيس آلة اتصالات متطورة تضخ دعاية حكومية عالية الإنتاج، بينما تعمل على مضايقة الصحفيين والمعارضين السياسيين والنقاد. وقال أوسكار بيكاردو، مدير التحقيقات في جامعة فرانسيسكو جافيديا في السلفادور: "الفكرة هي الحصول على سيطرة سياسية كاملة وجعل أي معارضة لاغية بشكل أساسي".
ومن جهته، نفى نائب "بوكيلة" أن تكون الحكومة اتخذت أي خطوات غير ديمقراطية لتعزيز السلطة. وقال لوكالة "أسوشيتد برس": "لم يكن هناك أي شيء قمنا به على أساس غير قانوني".
ومع تزايد شعبيته، لجأ بعض القادة في المنطقة إلى "نموذج بوكيلة" لإيجاد حلول لأزماتهم الأمنية.