كتابة السيناريو استغرقت 5 سنوات.. وصورنا العمل في 18 يومًا رغم التحديات
الجوائز تؤكد لمسنا قلوب الجمهور.. وصناعة العمل من أجل إحداث فرق في حياة الناس
أردت إظهار الرجل العربي بصورة إنسانية لا نمطية
يغوص المخرج الأمريكي ذو الأصول السورية زياد حمزة في عمق النفس البشرية كاشفًا خبايا الإنسان، ومسلطًا الضوء على قصص قلما تجد من يُنصت لها، فهو مخرج وكاتب ومنتج عُرف برؤية سينمائية إنسانية جريئة، تحاكي الوجدان وتُحسن التقاط التفاصيل التي تصنع الفرق، وفي مسيرته الفنية تنقّل بين المسرح والسينما والوثائقي، حاملًا هم الإنسان العربي والعالمي، وساعيًا إلى تقديم أعمال تُحاكي العمق لا السطح.
كان أحدث أعماله السينمائية فيلم Hello Beautiful، الذي اختار أن يغوص في حكاية امرأة تقف على الحافة بين الحياة والموت، الأمل والانكسار، ليحوّل الألم إلى قصيدة سينمائية ناعمة، ويجعل من الفيلم رسالة محبة وشفاء.
وفي حوار خاص مع موقع "القاهرة الإخبارية" تحدث المخرج الأمريكي زياد حمزة عن تجربته في فيلم Hello beautiful، والسبب وراء حماسه لتحويل راوية walk beside me إلى فيلم سينمائي، وإدخال الممثلين العرب كجزء أساسي في السينما الأمريكية، وكواليس تصوير الفيلم وكيف تعامل مع المشاهد التي تحتاج إلى واقعية، ورسالته من العمل، وتعاونه مع الكاتبة الأمريكية كريستين هاندي، وأمور أخرى كثيرة نقرأها في هذه السطور:
ما الذي جذبك في قصة Walk Beside Me ودفعك لتحويلها إلى فيلم سينمائي؟
الرواية الأكثر مبيعًا Walk Beside Me للكاتبة كريستين هاندي لفتت انتباهي منذ عدة سنوات، وكانت هذه الرواية على شكل يوميات توثق الاضطرابات والتحديات التي واجهتها كريستين، الشخصية الرئيسية، أثناء صراعها من أجل البقاء، وكانت تجربة قراءتها مؤثرة للغاية لدرجة أنها لامست كل جزء في داخلي، وما شدني بشكل خاص هو اعتمادها المفرط على مظهرها -كونها عارضة أزياء في قمة مسيرتها- وكيف أن تشخيصها بسرطان الثدي هدّد جسدها المثالي وإحساسها بذاتها. كنت أتساءل: كيف يفكر ويشعر شخص يعتقد أنه فقد كل شيء؟ من أين يمكن أن يستمد القوة للاستمرار؟ هل سيتمكن؟ هل من الممكن أن يكون المرء على شفا الموت، ثم ينهض من جديد كطائر العنقاء من الرماد؟ هذه الأسئلة، وعزيمة كريستين، ما جذبني لهذا المشروع، وبدعمها ودعم زوجتي، كتبت السيناريو على مدار خمس سنوات.
لماذا تم اختيار عنوان الفيلم لـ Hello beautiful بدلا Walk Beside Me؟
اختيار Hello Beautiful كعنوان للفيلم لأنه يعبّر عن التحدي الجوهري الذي واجهته كريستين أثناء معركتها مع سرطان الثدي. قبل التشخيص، كانت هويتها ترتكز بشكل كبير على جمالها الجسدي. كانت محط إعجاب وتقدير بسبب جمالها. هذا ما كانت تراه في نفسها. وبعد التشخيص، لم تكن كريستين تقاتل فقط ضد السرطان، بل ضد فقدان مظهرها، وشعرها، وجمالها، ومن كانت تعتقد أنها عليه. وخلال نضالها من أجل النجاة، أدركت كريستين أنها لا يجب أن تُعرف من خلال مظهرها، وبدلاً من ذلك، اكتشفت ذاتها الحقيقية.
ما كواليس اختيار الممثلة تريشيا هيلفر لدور "ويلو"؟
هناك العديد من الممثلات الجميلات والموهوبات، لكن تريشيا هيلفر وحدها أظهرت القدرة العاطفية العالية والاحترافية المطلوبة لهذا الدور، فهي جميلة، وكانت عارضة أزياء مشهورة، لكن الجمال وحده لا يكفي لحمل هذا الدور، منذ بداية عملية الاختيار وحتى آخر يوم تصوير، كانت "تريشيا" مؤهلة بشكل فريد لتجسيد شخصية "ويلو". كانت عيناها المشرقتان تخفيان لمحة من الحزن، وتحليلها العميق للشخصية وقدرتها على الجمع بين الهشاشة والقوة في آنٍ واحد كانا بلا مثيل. وكانت دائمًا أول من يصل إلى موقع التصوير وآخر من يغادر.
كانت تعرف تمامًا ما تحتاجه للنجاح، وكانت منضبطة في تحقيقه. لقد كانت مثابرتها والتزامها مصدر إلهام حقيقي. وإضافة إلى ذلك، كانت لطيفة جدًا مع طاقم العمل والممثلين، وساهمت بكل سلاسة ووعي في خلق جو من الترابط العائلي الذي أحرص على وجوده في كل أعمالي. لقد أحبها الجميع، ونالت احترامي وامتناني.
ما سبب دخول ممثلين عرب كجزء من الحياة الأمريكية؟
كان ذلك قرارًا متعمدًا، إذ إن الرجال العرب في السينما غالبًا ما يتم تصويرهم كإرهابيين أو همج، ونادرًا ما يُمنحون أدوارًا عاطفية، الفنان المصري عمر الشريف يُعد من الاستثناءات القليلة، كنت حريصًا على كسر هذا النمط، وإثبات أن الرجال العرب قادرون على لعب أدوار رومانسية تمامًا مثل أي ممثل غربي.
حدثنا عن كواليس تصوير المشاهد الطبية مثل مشهد الخزعة المؤلم؟
تطلبت الموضوعات الحميمة والصعبة في الفيلم منا أن نستكشف القصة والشخصيات بطريقة صادقة وأصيلة، ربما كانت أفضل تحضيرات لي فهم الممثلين للشخصيات وموضوعات القصة. بينما كنت أكتب، كنت أشعر بمشاعر الشخصيات، وأقول كلماتهم، وأتألم مع آلامهم، وأفرح بفرحهم، لذا عندما حان وقت التمرين مع الممثلين، كنت قد طورت بالفعل فهمًا عميقًا لكل شخصية وموضوع.
ولحُسن الحظ، جاء طاقم التمثيل الموهوب مستعدًا تمامًا لأدوارهم، كانت مهاراتهم استثنائية. لقد قاموا ببحث شامل عن شخصياتهم، وأزمة سرطان الثدي العالمية، والعديد من العناصر الأخرى. كانت مسؤولياتي خلال التمرين هي ضمان أنهم فهموا شخصياتهم أفضل حتى منّي. عملت معهم بشكل وثيق في مجموعة من التنسيقات واستمتعت بالاستماع إلى استفساراتهم وطلباتِهم. لقد استعدوا بجدية وبروح التعاون وجلبوا شغفهم للمشروع إلى موقع التصوير كل يوم، واستكشاف كل لحظة من السيناريو وتفكيكها وتساؤلها من أجل تعميق فهم الممثلين وبالتالي تعزيز أدائهم.
كانت الكاتبة كريستين هاندي مصدر إلهام للقصة.. كيف أثرت رحلتها الشخصية على عملية الإنتاج؟
وجودها بموقع التصوير ورؤية قصتها تتجسد كانت تجربة عاطفية وملهمة ومؤثرة لكريستين وللممثلين، استمتع طاقم العمل بوجودها واعتبروا وجودها عنصرًا مهمًا لشخصياتهم الرئيسية. عندما كانوا يواجهون اختيارات حساسة لشخصياتهم، كان بإمكانهم التوجه إلى كريستين وطرح أسئلتهم عليها مباشرة. كانت رؤاها تقدم مصداقية لا تقدر بثمن لأدائهم.
ما الرسالة الجوهرية التي تأمل أن ينقلها الفيلم للجمهور؟
كنا نريد تغيير السرد النمطي الذي يربط جميع أفلام السرطان بنهاية مأساوية. نأمل أن يصبح هذا الفيلم رحلة ملهمة لأولئك الذين يتعاملون مع مرض السرطان اليوم.
ما التحديات التي واجهتها أثناء صنع الفيلم؟
التحديات في صناعة الأفلام شائعة منذ لحظة بدء التطوير وحتى إتمام المشروع. في حالتنا، كانت هناك ثلاثة تحديات كبيرة. أولاً، كان اتحاد ممثلي الشاشة في حالة إضراب، لذا كان علينا التفاوض على الشروط التعاقدية مع الاتحاد. لحُسن الحظ، تم منحنا إذنًا للمتابعة، ثانيًا كانت هناك مجموعة من التعقيدات مع الموقع. تولى منتجنا، مايكل إسبينوزا، عبء حل معظم القضايا حتى أتمكن من التركيز على دوري كـمخرج. ثالثًا، مثل معظم الإنتاجات، كانت أكبر التحديات تتعلق بالوقت والمال. فرضت قيود ميزانيتنا أن نكمل التصوير في أيام أقل مما كنا نتوقع، وتم التصوير في 18 يومًا فقط، بينما كان من المثالي أن نحصل على ضعف هذا الرقم.
كيف تأمل أن يتفاعل المشاهدون مع الفيلم، خاصة أولئك الذين يواجهون تحديات حياتية مماثلة؟
مشاهدة الفيلم من قِبل الناجين من السرطان وأصدقائهم وعائلاتهم كانت ردودهم إيجابية بشكل كبير، ونحن ممتنون جدًا لتأييدهم. هدفنا كان صنع فيلم يكون ملهمًا في وجه الظلام، والتعليقات التي تلقيناها كانت تعكس هذا مرارًا وتكرارًا.
فاز فيلم Hello Beautiful بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم في مهرجان بيفرلي هيلز السينمائي.. ماذا تعني لك هذه الجائزة؟
الجوائز هي تأكيد على أنك قد أنجزت ما كنت تسعى لتحقيقه، لكنها لا تصنعنا بل تقول إننا لمسنا قلوب الناس، ولقد تأثر كل من لجنة التحكيم والجمهور بالفيلم ورسالته، وهذا أهم شيء بالنسبة لي.
بشكل عام.. كيف أثّر هذا الفيلم على مسيرتك الشخصية والفنية؟
صناعة هذا الفيلم لم تكن من أجل مسيرتي، بل من أجل مشاركة قصة شجاعة مع العالم لإحداث فرق في منظور شخص ما. كل عملي، سواء في المسرح أو السينما، يعانق التجربة الإنسانية المشتركة من أجل جذب الجمهور والتأثير فيه.
أعتبر مسؤوليتي كمساهم في عالم أفضل أمرًا بالغ الأهمية، وبالتالي يجب أن يكون عملي دائمًا ملهمًا. لذلك، من الضروري بالنسبة لي العمل من منصة حيث تكون الإنسانية والتجارب البشرية في مركز القصة. لقد مكنني هذا النهج دائمًا من تقديم قصص صادقة وجذابة تمس قلوب الناس.
ماذا عن مشروعاتك الفنية المقبلة؟
على الرغم من أنني لا أستطيع الكشف عن الكثير حول محتوى مشاريعي المستقبلية، فإنني أعمل على ثلاثة أفلام قيد التطوير إضافة إلى سلسلة من 30 حلقة متتالية قادمة قريبًا. وستظل التجربة الإنسانية هي القوة الدافعة وراء كل مشروع أعمل عليه.