في زمن تتشابك فيه القصص السطحية وتتكرر الحكايات المستهلكة، يطل فيلم Hello Beautiful كعمل سينمائي استثنائي، يضرب عميقًا في قلب الإنسانية، ويعيد تشكيل العلاقة بين الفن والواقع من خلال قصة صادقة تُروى من الداخل.
الفيلم الذي أبهر لجنة تحكيم مهرجان بيفرلي هيلز السينمائي في دورته الخامسة والعشرين، ونجح في اقتناص جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم لعام 2025، لا يكتفي بأن يكون مجرد سرد درامي، بل يحول الألم الشخصي إلى تجربة جماعية تمسّ كل من شاهدها.
ومن داخل هذه التجربة الملهمة، يبرز اسم الفنان المصري سيد بدرية، الذي جسّد دورًا محوريًا منح العمل بُعدًا إنسانيًا خاصًا، وأكد من خلاله أن العرب يمكن أن يكونوا جزءًا من الحكاية العالمية، لا من هامشها.
الفيلم مأخوذ عن رواية Walk Beside Me للكاتبة الأمريكية كريستين هاندي، وتدور أحداثه حول "ويليو"، عارضة الأزياء الناجحة التي تصطدم بواقع مرير بعد اكتشاف إصابتها بسرطان الثدي، فتبدأ رحلة معقدة بين الألم الجسدي والانكسار النفسي، وسط تساؤلات مؤلمة عن الهوية والقيمة والذات.
العمل من إخراج السوري زياد حمزة، وبطولة تريشيا هيلفر، ويضم في طاقمه نخبة من النجوم العرب أبرزهم الفنان اللبناني طارق بشارة والمصري سيد بدرية، في خطوة تعزز الحضور العربي داخل السينما العالمية.
معالجة واقعية
في حديثه لموقع "القاهرة الإخبارية"، وصف سيد بدرية الفيلم بأنه أكثر من مجرد سرد لمعاناة مريض سرطان، قائلًا: "العمل يتناول الصراع النفسي العميق الذي يعيشه الإنسان حين يشعر بأن المرض يسلبه هويته، خصوصًا حين يكون الجمال جزءًا جوهريًا من حياته ونجاحه. المخرج زياد حمزة لم يقدّم قصة تقليدية عن الأمل والتعافي، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بطرح أسئلة حقيقية عن العلاقات والمواقف التي تتغير حين تصبح الحياة نفسها في مهبّ الريح".
ويضيف: "القصة مبنية على واقع حقيقي، لكن تمت معالجتها بطريقة فنية مختلفة، حيث أدخل المخرج أسرة عربية في قلب الحدث، فجعل زوج البطلة لبنانيًا، وهو ما جسّده طارق بشارة، ما يضيف بُعدًا ثقافيًا وإنسانيًا ثريًا إلى الرواية الأصلية".
من الحماية إلى الأمل
يجسّد سيد بدرية في الفيلم شخصية "مالك"، السائق المصري الذي يصبح أكثر من مجرد مرافق للبطلة، ويقول عن دوره: "مالك ليس فقط السائق، بل هو الحامي والداعم والمقرّب الذي يتقاسم مع ويليو لحظات الانكسار والأمل. هو أول من ينتبه لرغبتها في إنهاء حياتها، ووسط هذه الأجواء الثقيلة، يضفي على العمل لمسة خفيفة من الكوميديا، وأعتبر هذه الشخصية من أحب الأدوار إلى قلبي، لأنها تُظهر العرب كجزء أصيل من الحكاية الإنسانية، بعيدًا عن القوالب السياسية المعتادة".
رسائل صادقة
يتعامل الفيلم مع مرض السرطان دون تجميل أو عبارات جاهزة، وهو ما يؤكده بدرية:"الرسائل في الفيلم غير مباشرة لكنها صادقة. هو لا يدّعي أن المرض يوحّد الناس تلقائيًا، بل يُظهر حقيقة أن الكثيرين يهربون من التعبير عن تعاطفهم بدافع الخوف أو الصدمة أو الارتباك. اجتياز هذا الجدار من اللامبالاة جزء أساسي من معركة النجاة".
السعفة الذهبية
وعن فوز الفيلم بالجائزة، يقول بدرية:"شعرت بسعادة وفخر كبيرين، فأن يُقدَّر عملنا بهذا الشكل من قِبل النقاد والجمهور معًا هو دافع للاستمرار، وهذه مجرد البداية، إذ يستعد الفيلم الآن لرحلة جديدة في مهرجانات سينمائية عالمية، وأتمنى أن تصل رسالته إلى كل مشاهد حول العالم".
مشروع جديد
أما عن مشروعاته المقبلة، كشف بدرية عن انتهائه من تصوير فيلم جديد بعنوان The Place In Between، ويقول:"أجسد شخصية "يوسف"، وهو ثري مصري من أصل قبرصي نشأ في بورسعيد ويسافر إلى أمريكا لحل نزاع حول الإرث، ليفاجأ بأن شريكه في الورث يعاني من ألزهايمر، فيتغير كل شيء، الفيلم من إخراج مارك راسكو، ويشاركني البطولة مجموعة من نجوم المسرح في شيكاجو، بينهم الممثلة أوبل، ونقدّم من خلاله عملًا مختلفًا يحمل رسالة إنسانية عميقة".