للاشتباه في ارتكابهم جرائم حرب في قطاع غزة المُحاصر منذ أكثر من عام، من المنتظر أن يخضع 10 جنود إسرائيليين للاستجواب في بريطانيا، عقب شكوى قدمها فريق من المحامين بالتعاون مع باحثين في المحكمة الجنائية الدولية، تتهمهم بالمساهمة بشكل مباشر في الوحشية ضد الفلسطينيين.
وخلال الحرب المدمرة على قطاع غزة، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة هجمات دموية "جوية وبرية"، أسفرت عن سقوط آلاف الشهداء والجرحى، بجانب تدمير واسع في البنية التحتية والممتلكات، وانتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين.
شرطة لندن
وبسبب ذلك، اتهمت الجنائية الدولية رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت السابق بارتكاب جرائم حرب في غزة، والإشراف على هجمات ضد المدنيين، واستخدام التجويع كسلاح ضد الفلسطينيين، منذ الضربات الأولى في 7 أكتوبر.
وعلى خلفية ذلك الوضع، قررت العديد من المنظمات الدولية والمؤسسات الإنسانية تتبع الجنود المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وانتهاكات مروعة ضد الفلسطينيين المدنيين، وبحسب القناة الـ 12 العبرية، تم تقديم شكوى رسمية اليوم الاثنين إلى شرطة لندن من قبل منظمات حقوق الإنسان.
وحشية متعمدة
وتتهم الشكوى عشرة جنود إسرائيليين يحملون الجنسية البريطانية باستهدافهم عمدًا المدنيين الفلسطينيين والعاملين في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية في القطاع، مثل المستشفيات باستخدام نيران القناصة، مشيرين إلى أنهم خدموا في جيش الاحتلال وساهموا بشكل مباشر في الوحشية المرتكبة عمدًا في غزة.
وكان أحدث مثال على تلك الوحشية المفرطة، ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز من قيام جنود الاحتلال في 23 مارس الماضي بارتكاب مجزرة ضد المسعفين وموظفي الدفاع المدني والأمم المتحدة، وصفوا بدم بارد 15 شخصًا منهم جنوب رفح، وقاموا بسحب جثثهم ودفنها في مقبرة جماعية.
شهود وأدلة
وتغطي الشكوى التي أعدها فريق قانوني بريطاني بالتعاون مع عدد من الباحثين من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، الأشهر الستة الأولى من الحرب بداية من أكتوبر 2023 إلى مايو 2024، وتتكون من 240 صفحة، ويعتمد على شهود وأدلة من مصادر مفتوحة، مثل مقاطع الفيديو على السوشيال ميديا.
وجاء في الشكوى أن أحد الشهود أكد رؤيته لجرافة إسرائيلية وهي تدهس جثة فلسطيني عمدًا، وقدم صورًا وصفها التقرير بالصادمة والمزعجة، وبعدها قامت تلك الجرافة ذاتها بتدمير أجزاء من أحد المستشفيات التي كانت مكتظة وتحاول مساعدة الجرحى.
قصص صادمة
وفي شهادة أخرى قدمتها الشكوى، تدل على مدى وحشية جنود الاحتلال، تبين أن أفرادًا من جيش الاحتلال أخرجوا بالقوة أفراد عائلة من غرفهم عراة، واقتادوهم واحدًا تلو الآخر إلى غرفة المعيشة، وهناك تعدوا عليهم بالضرب بسلك كهربائي وعصا بلياردو ثقيلة.
وبحسب التقرير، يقود تلك الشكاوى المحامي البريطاني مايكل مانسفيلد، الذي يعد أحد أبرز الأسماء في المملكة المتحدة، وأكد أنه "على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، شهدنا جرائم حرب تتكشف أمام أعيننا، ولم يفعل قادتنا شيئًا تقريبًا لمنع معاناة ملايين الفلسطينيين الأبرياء".
اتهامات جنائية
وطالب المحامي البريطاني فريق جرائم الحرب بأخذ التقرير على محمل الجد والتحقيق فيه، وإذا ثبتت صحته، اعتقال ومحاكمة المتورطين فيه، آملاً أن يحفز التقرير شرطة لندن على فتح تحقيق ضد المشتبه بهم العشرة، ووفقًا له، في حال نجاح التحقيق، سيتم توجيه اتهامات جنائية ضدهم.
ومن المنتظر خلال الأيام المقبلة، أن يبدأ المحققون في استجواب الجنود العشرة للاشتباه في ارتكابهم جرائم حرب في غزة، وأكد الفريق القانوني أنه يقع على عاتقهم واجب التصدي لهذه الأمور، لتوضيح ما يرون أنه أمر واحد فقط في غاية الأهمية، ألا وهو أن تلك الجرائم الوحشية لم يتم ارتكابها باسم بريطانيا.
خسائر بشرية
ومنذ بدء الحرب حتى الآن، كانت الخسائر البشرية بين الفلسطينيين في قطاع غزة صادمة إلى أبعد الحدود بسبب الآلة العسكرية الوحشية الإسرائيلية التي لم تفرّق بين المدنيين والمقاومين. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قتل نتنياهو وجيشه 50,752 فلسطينيًا، أغلبيتهم من النساء والأطفال.
ومن بين هؤلاء ما لا يقل عن 15 ألف طفل، بجانب 115,475 جريحًا، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.