شهدت العلاقات الأمريكية الصينية توترات متزايدة في ظل الحرب التجارية بين البلدين، حيث فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة على الواردات الصينية، ما زاد من تعقيد المشهد الاقتصادي والدبلوماسي.
وفي هذا السياق، أثارت تصريحات ترامب الأخيرة حول احتمالية عقد قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينج تكهنات حول مدى إمكانية تخفيف حدة التوترات بين البلدين. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه القمة، وتوقيتها، والأهداف التي يسعى كل طرف لتحقيقها.
تكهنات حول القمة
صرّح ترامب أخيرًا بأن واشنطن تحتاج إلى "التنظيف" استعدادًا لقمة محتملة مع الرئيس الصيني في "المستقبل غير البعيد"، دون تقديم أي تفاصيل إضافية، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست".
وفي المقابل، لم تصدر الصين أي إعلان رسمي بشأن اللقاء.
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية بين البلدين توترات كبيرة، حيث فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية بنسبة 20% على الشحنات الصينية، مع احتمالية فرض جولة جديدة من الرسوم الشهر المقبل.
الموقف الصيني وردود الفعل
من جانبها، تحاول الصين تجنب المزيد من التصعيد في الحرب التجارية، حيث أبدت رغبتها في إجراء محادثات مع الولايات المتحدة. وقد أرسلت الصين بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، باحثين إلى واشنطن الشهر الماضي لإجراء حوارات دبلوماسية غير رسمية مع مسؤولين أمريكيين وخبراء في السياسة الخارجية، إلا أن هناك قلقًا من أن هذه الجهود قد لا تصل إلى دائرة صنع القرار المباشرة في البيت الأبيض.
كما وجّهت الصين دعوات رسمية لإجراء محادثات، حيث أعلن وزير التجارة الصيني عن إرساله رسالة إلى نظيره الأمريكي لدعوته إلى لقاء مشترك. ومع ذلك، لا تزال الاتصالات الرسمية بين البلدين محدودة، وسط تساؤلات حول مدى تأثير مستشاري ترامب المتشددين على قراراته تجاه بكين، حسبما ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصادرة من هونج كونج.
أهداف الطرفين
في حال انعقاد القمة، فإن بكين تسعى لفهم ما يريده ترامب من أي صفقة تجارية محتملة، إضافة إلى معرفة استعداده لتقديم تنازلات في بعض القضايا الرئيسية، مثل إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية وتخفيف القيود على التكنولوجيا والاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة
وستسعى الصين أيضًا إلى الحصول على ضمانات بعدم التصعيد في ملف تايوان، حيث تعتبر الصين الجزيرة جزءًا من أراضيها وأول خط أحمر في العلاقات الصينية الأمريكية. وفي المقابل، تسعى إدارة ترامب إلى استخدام هذه القمة لتعزيز نفوذها في المفاوضات التجارية، وربما الضغط على الصين لتقديم تنازلات قبل انتخابات رئاسية أو تحركات اقتصادية جديدة.
تحديات تواجه القمة
على الرغم من الرغبة الصينية في عقد اجتماع على مستوى عالٍ، إلا أن هناك عدة عقبات قد تعرقل انعقاده، أبرزها التصعيد المستمر في الحرب التجارية، حيث ردّت الصين بفرض رسوم على المنتجات الزراعية الأمريكية في محاولة للضغط على إدارة ترامب. ويرى بعض المسؤولين أن عقد قمة قبل تقديم الصين لتنازلات قد يكون بمثابة "مكافأة" لبكين.
فضلًا عن اختلاف أساليب الدبلوماسية بين الطرفين إذ يُعرف ترامب بنهجه غير المتوقع في التفاوض، بينما تفضّل الصين إعدادًا دقيقًا قبل أي لقاء رفيع المستوى.
التوقعات المستقبلية
ترى صحيفة "نيويورك تايمز" أن الشهر المقبل سيكون حاسمًا في مسار العلاقات الأمريكية الصينية، حيث قد يفرض ترامب جولة جديدة من الرسوم الجمركية إذا لم تحدث محادثات جدية، كما أن الصين قد تسعى إلى تسريع انعقاد القمة قبل أن تتخذ الإدارة الأمريكية قرارات أكثر صرامة ضدها.
في ظل غياب اتصالات رسمية منتظمة، بدأت بعض الشخصيات السياسية ورجال الأعمال الأمريكيين في لعب أدوار غير رسمية كمبعوثين بين الطرفين. ومع ذلك، تبقى العقبة الأساسية هي تحديد صفقة مقبولة للطرفين، في ظل القيود الأمريكية على الصادرات التكنولوجية، والقيود الصينية على الواردات الأمريكية حسبما ذكرت الصحيفة الأمريكية.