في خطوة غير مسبوقة، بدأت إسرائيل ولبنان جولة جديدة من المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البرية بينهما، وسط تحركات أمريكية وفرنسية لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، تزامنت هذه المفاوضات مع إعلان إسرائيل عن إطلاق سراح 5 أسرى لبنانيين كـ"بادرة حسن نية" تجاه الحكومة اللبنانية الجديدة.
إطلاق سراح معتقلين لبنانيين
أفادت الصحيفة العبرية بأن إسرائيل قررت إطلاق سراح عدد من اللبنانيين، الذين تم أسرهم خلال فترة الحرب، بينما أبقت على 5 آخرين قيد الاعتقال، وجُهزت سيارات الصليب الأحمر في الأراضي اللبنانية لنقلهم، فيما أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن هذه الخطوة تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة، كما أكدت المبعوثة الأمريكية إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، صحة هذه المعلومات.
ورغم إعلان الإفراج عن الأسرى، لم تكشف إسرائيل عن هوياتهم أو ارتباطهم المحتمل بحزب الله، جاء ذلك بعد اجتماع رباعي في الناقورة بلبنان، شارك فيه ممثلون عن جيش الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة وفرنسا ولبنان، إذ تم الاتفاق على تشكيل 3 مجموعات عمل مشتركة تهدف إلى تحقيق الاستقرار على الحدود.
المفاوضات جارية
بحسب الصحيفة العبرية، ستركز مجموعات العمل التي تم تشكيلها خلال الاجتماع على 3 محاور رئيسية، هي النقاط الحدودية الخمس التي تسيطر عليها إسرائيل في جنوب لبنان، ومناقشات حول الخط الأزرق والنقاط التي لا تزال موضع نزاع، وقضية اللبنانيين المعتقلين لدى إسرائيل.
ووفقًا لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن هذه المفاوضات جاءت بعد جهود وساطة أمريكية بدأها المبعوث السابق آموس هوكشتاين، واستكملتها خليفته مورغان أورتاغوس، التي زارت لبنان وإسرائيل لمتابعة تقدم المحادثات.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن جيش الاحتلال قام بـ"خطف" جندي لبناني، في حين بثت قناة "الميادين" اللبنانية تقريرًا يفيد بأن الجندي سيكون ضمن المفرج عنهم، وأشارت القناة إلى أن الإفراج عن اللبنانيين سيتم بعد اجتماع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار عبر معبر رأس الناقورة.
وأكدت قناة "الجديد" اللبنانية أن الاجتماع ضم وفودًا من الجيش اللبناني وجيش الاحتلال، وتمت مناقشة قضية المعتقلين والانتهاكات الحدودية.
الموقف اللبناني والدولي
أفاد التقرير بأن الرئيس اللبناني جوزيف عون، طالب بالإفراج عن الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، خلال اجتماعه مع الجنرال الأمريكي جاسبر جيفيرز، رئيس اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار.
وحضر الاجتماع ممثل فرنسي بارز، إذ أكد "عون" ضرورة ضغط الولايات المتحدة وفرنسا على إسرائيل للامتثال للاتفاقات السابقة، بما في ذلك الانسحاب من النقاط الحدودية الخمس، التي بقي فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد الانسحاب.
ومن جانبها؛ صرحت المبعوثة الأمريكية، مورغان أورتاغوس، في لقاء مع قناة "الجديد" اللبنانية، بأنها متفائلة بإمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن النقاط الحدودية العالقة، مشيرة إلى أن الاتفاق يشمل تقليص نفوذ حزب الله جنوب نهر الليطاني، وبناء قدرات الجيش اللبناني ليكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن الأمن بالمنطقة.
وفي بيان رسمي، أعلنت أورتاغوس أن "الولايات المتحدة نجحت في جمع لبنان وإسرائيل على طاولة المفاوضات لحل القضايا العالقة بين البلدين عبر الدبلوماسية"، مشددة على التزام جميع الأطراف بدعم اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ شروطه بالكامل.
اعتقال شخصيات بارزة من حزب الله
خلال العمليات العسكرية البرية في لبنان، كشفت "يديعوت أحرونوت" أن "الجيش الإسرائيلي اعتقل عددًا من عناصر حزب الله، ومن بين المعتقلين وضاح يونس، الذي كان أول من ألقت القوات الإسرائيلية القبض عليه".
وتحتجز إسرائيل عنصرًا آخر من حزب الله يُدعى عماد أمهز، الذي يعد شخصية بارزة في تطوير قدرات حزب الله التسليحية.
تُظهر هذه التطورات تحولًا في نهج إسرائيل تجاه لبنان، إذ تحاول تل أبيب استخدام الدبلوماسية كأداة لتحقيق مكاسب استراتيجية على الحدود، وفي الوقت ذاته، تثير هذه التحركات تساؤلات حول مدى إمكانية نجاح المفاوضات في إنهاء النزاعات المستمرة بين الجانبين.
ووفقًا لمصادر سياسية إسرائيلية نقلت عنها "يديعوت أحرونوت"، فإن نجاح المفاوضات يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة اللبنانية على فرض سيادتها في الجنوب، والحد من نفوذ حزب الله، كما أن استمرار دعم الولايات المتحدة وفرنسا لهذا المسار قد يُسهم في تحقيق تقدم ملموس.