احتفظت إسرائيل بقواتها في 5 مواقع بجنوب لبنان، رغم انقضاء الموعد النهائي للانسحاب، اليوم الثلاثاء، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار بجنوب لبنان المُبرم في شهر نوفمبر الماضي، في خطوة تخاطر فيها بإحياء الصراع، وفق ما حذرت وسائل الإعلام الأمريكية.
وانتهت فجر اليوم الثلاثاء، مهلة انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان، بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار مع "حزب الله"، وذلك بعد ساعات من تأكيد إسرائيل عزمها إبقاء قواتها في خمس نقاط استراتيجية عند الحدود.
وقال المُتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، نداف شوشاني، إن الجيش سيترك أعدادًا صغيرة من قواته في خمسة مواقع استراتيجية بجنوب لبنان، بعد حلول موعد الانسحاب في 18 فبراير، متذرعًا ببقاء قواتهم للدفاع عن الإسرائيليين، والتأكد من اكتمال العملية وتسليمها "النقاط" في نهاية المطاف إلى القوات المُسلحة اللبنانية، كما أن تمديد التنفيذ يتماشى مع آلية وقف إطلاق النار، وفقًا لـ"رويترز".
وأفاد مسؤول أمني لبناني، لوكالة "فرانس برس"، بأن القوات الإسرائيلية بدأت بالانسحاب من قرى حدودية مع تقدم الجيش اللبناني، وذلك قبل ساعات من انتهاء مهلة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
وقال المسؤول، طالبًا عدم كشف هويته، إن "القوات الإسرائيلية بدأت بالانسحاب من قرى حدودية، بما في ذلك ميس الجبل وبليدا مع تقدم الجيش اللبناني".
وفي 27 نوفمبر الماضي، تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله برعاية الولايات المتحدة وفرنسا، إذ نص على انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان خلال 60 يومًا، مقابل الانسحاب الكامل لحزب الله إلى شمال نهر الليطاني (نحو 30 كيلومترًا عن الحدود مع إسرائيل).
ومع انسحاب حزب الله وجيش الاحتلال بشكل تدريجي، يبدأ الجيش اللبناني انتشارًا تدريجيًا أيضًا في جنوب لبنان، وفقًا لبنود الاتفاق، وتم تمديد هذا الموعد النهائي إلى 18 فبراير الجاري، الذي صادف اليوم الثلاثاء.
ولم يفصح شوشاني عن المدة التي ستبقى فيها قوات الاحتلال الإسرائيلية في جنوب لبنان، كما رفض القول ما إذا كانت الحكومة اللبنانية قد وافقت على التمديد، قائلًا "الحكومة الإسرائيلية تحدثت مع وسطاء وقف إطلاق النار، بقيادة الولايات المتحدة".
وقال نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، في بيان الخميس الماضي، إن الولايات المتحدة أبلغته بخطة إسرائيل، التي رفضها نيابة عن لبنان.
ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، عن بري: "رفضت الحديث عن أي مهلة لتمديد فترة الانسحاب، ومن مسؤولية الأمريكيين فرض الانسحاب"، مضيفًا أن بقاء إسرائيل في تلك المواقع "يعني أن الإسرائيليين سيمارسون حرية الحركة والعدوان في لبنان، وهذا أمر غير مقبول".
لفتت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية، إلى خروقات جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، حيث واصل قصف أهداف لحزب الله بعد سريان الاتفاق.
كما واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، على أساس شبه يومي، تدمير المباني في جنوب لبنان، بذريعة تدمير البنية التحتية لحزب الله، وأدت هذه الجهود إلى تدمير العديد من مدن جنوب لبنان.
وأوردت الشبكة تصريحات أدلى بها نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، الأحد الماضي، أنه "لا توجد أعذار" لفشل إسرائيل في الانسحاب.
وقال قاسم: "هذا هو الاتفاق، وعلى الدولة اللبنانية أن تتخذ موقفًا حازمًا، وتقول لا؛ لأن بقاء إسرائيل في أي منطقة مُحتلة بعد هذا التاريخ يعني انتهاكها للاتفاق".
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الخميس الماضي، إن بلاده أعدت اقتراحًا يقضي بنشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة لتحل محل القوات الإسرائيلية في نقاط رئيسية بلبنان، حسبما ذكرت وكالة "رويترز". وكان الهدف من هذا الاقتراح ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان بحلول الموعد النهائي المحدد في الثامن عشر من فبراير.
وحذّرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، من أن بقاء إسرائيل في جنوب لبنان، من شأنه أن يمهد الطريق لما يمكن أن يكون موجة جديدة من العنف، حيث لا يزال الآلاف من السكان اللبنانيين غير قادرين على العودة إلى المدن المُحتلة، وسط تحذيرات مُتكررة من قبل الجيش الإسرائيلي.
ذكرت الصحيفة أنه في الشهر الماضي، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من عشرين شخصًا أثناء محاولتهم دخول بلدات جنوب لبنان، وفقًا لمسؤولين لبنانيين.
وزعم جيش الاحتلال أنه أطلق "طلقات تحذيرية من أجل القضاء على التهديدات".
ونقلت الصحيفة عن خبراء، أن حزب الله، الذي عانى من الحرب التي استمرت 14 شهرًا مع إسرائيل، من غير المُرجح أيضًا أن يخاطر بإحياء الصراع في الأمد القريب، لكن إذا بقيت قوات إسرائيل إلى أجل غير مسمى داخل لبنان، فإن هذا من شأنه أن يعزز وجود حزب الله على المدى الطويل، حسبما قال خبراء لنيويورك تايمز.
وقال بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن "تمسك إسرائيل بالبقاء في هذه النقاط الخمس يُشكل هدية لحزب الله بكل تأكيد، فهو يتيح للجماعة أن تقول إن الاحتلال لا يمكن إنهاؤه بالدبلوماسية، وبالتالي فإن لبنان لا يزال في حاجة إلى المقاومة المُسلحة".
وحذّر الجيش اللبناني المدنيين، الأحد الماضي، من الاقتراب من البلدات الجنوبية حتى يتم نشر الجيش هناك. واتهم الجيش اللبناني إسرائيل باتباع سياسة الأرض المحروقة في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك هدم وإشعال النار في المنازل أثناء انسحابها من البلدات والقرى.