الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مصدومون نفسيا.. انتحار ضباط وجنود إسرائيليين بعد حرب غزة

  • مشاركة :
post-title
ضباط وجنود إسرائيليون يلجأون للانتحار بعد القتال في غزة - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

لا تزال آثار الحرب بغزة حاضرة في أذهان جنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ باتوا أكثر عُرضة لآثار نفسية عميقة ويعانون اضطرابات ما بعد الصدمة التي قد تدفعهم إلى اتخاذ قرارات مأساوية تنتهي بالانتحار.

وقضية الرائد الإسرائيلي "م. ه"، الذي خدم في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي وقاتل في غزة، وانتهت حياته بالانتحار، رغم التحذيرات المتكررة بشأن حالته النفسية الحرجة، التقرير التالي الذي نشره موقع "أسخن مكان في الجحيم" العبري، يستعرض تفاصيل القصة وتداعياتها على النظام الصحي والعسكري في إسرائيل.

محاولات متكررة للانتحار

شارك الضابط الإسرائيلي "م. ه" في الحرب على غزة، وأصيب بحالة من الصدمة، إذ تم العثور عليه ميتًا بعد أسبوع ونصف فقط من خروجه من مستشفى للأمراض النفسية، وتم إدخاله قسرًا خوفًا من أن يؤذي نفسه، وعلى الرغم من تحذيرات الطواقم الطبية في وزارة الدفاع الإسرائيلية بشأن خطورة وضعه النفسي، قررت لجنة طبية في المستشفى الإفراج عنه.

كان الأطباء في المستشفى النفسي أكدوا أنه يُشكل خطرًا على نفسه، وبالتالي يجب إدخاله إلى المستشفى قسرًا، وتم نقله إلى مستشفى، إذ كان يُفترض أن يتلقى العلاج المناسب، لكن لم يمضِ سوى أربعة أيام حتى قررت اللجنة الطبية الإفراج عنه، متجاهلة التحذيرات المتكررة، وحاولت وزارة الدفاع الإسرائيلية إقناعه بالعودة إلى المستشفى طواعية، لكنه رفض، وبعد أيام معدودة، أنهى حياته.

وحسب الموقع العبري، فتعرض الضابط المنتحر لصدمات نفسية متكررة نتيجة فقدانه لزملائه في ساحة القتال بغزة، وفقًا للبيانات الواردة، فإن الأطباء الذين أشرفوا على علاجه لم يأخذوا في الاعتبار كل التحذيرات، بل قرروا إطلاق سراحه دون التحقق بشكل كافٍ من حالته النفسية.

اضطرابات ما بعد الصدمة

مع اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، شهدت إسرائيل ارتفاعًا حادًا في عدد الجنود الذين يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة، وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، تم تسجيل 4200 استفسار جديد حول الإصابات النفسية بين الجنود المسرحين، خلال العام الماضي، إذ يعاني 43% من المصابين من ردود فعل نفسية، مقارنة بـ26% في الفترات السابقة.

وتشير التقارير إلى أن 7000 جندي أصيبوا بصدمات نفسية، ما يجعل هذا النوع من الأضرار الأكثر شيوعًا بين المصابين.

انتحار ضباط وجنود

وانتحر عدد من ضباط وجنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، وبحسب تقرير نشرته صحيفة "هاآرتس" العبرية، مايو الماضي، فإن غالبية هؤلاء الجنود كانوا من الشباب، وأن بعضهم أنهى حياته في أثناء تمركزه بالقرب من مستوطنات غزة.

وسلطت الصحيفة الضوء على الضغط النفسي الكبير الذي يواجهه هؤلاء الجنود، نقلًا عن مدخلات العديد من علماء النفس، إضافة إلى انتشار الميول الانتحارية بين جنود الخدمة الفعلية وجنود الاحتياط، إذ إن العديد منهم في الثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهم.

تستر على الأعداد

وفي تفاصيل حادثة محددة، ذكرت الصحيفة أنه تم العثور على ضابط خدمة متوفيًا في سيارته، بعد 15 يومًا من عمليات "طوفان الأقصى"، فيما أشار أفراد عائلات وزملاء الجنود إلى أن بعض الجنود المتوفين عانوا ضائقة نفسية شديدة بعد 7 أكتوبر.

وبينما تؤكد البيانات انتحار جنود وضباط، اختار جيش الاحتلال الإسرائيلي عدم الكشف عن أسمائهم أو تفاصيل أخرى، ويحجب المعلومات المتعلقة بمحاولات الانتحار التي يقوم بها أفراده.

عواقب نفسية كارثية للحرب

وكشف تقرير حديث صادر عن مراقب الدولة الإسرائيلي عن سلسلة من الإخفاقات الخطيرة في تعامل الحكومة الإسرائيلية ووزارة الصحة مع تداعيات الحرب وأحداث 7 أكتوبر.

وبحسب استطلاع أجراه مكتب مراقب الدولة، أبريل 2024، أفاد ثُلث السكان البالغين بأنهم يعانون من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أو اكتئاب متوسط إلى شديد، بينما أبلغ 21% آخرون عن أعراض القلق، ويكشف التقرير أن وزارة الصحة لم تكن مُستعدة لتقديم المساعدة النفسية لمئات الآلاف، رغم وجود سيناريو سابق يفرض ضرورة الاستعداد لإخلاء واسع النطاق للسكان.

في مارس 2024، كانت التقديرات تشير إلى أن 520 ألف شخص مُعرضون لخطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، لكن بعد أقل من عام، ارتفع العدد بشكل غير مسبوق ليصل إلى نحو 3 ملايين شخص يعانون من أعراض نفسية متفاوتة، ووفقًا لوزارة الصحة الإسرائيلية، فإن نحو 340 ألف شخص يعانون من ضعف وظيفي كبير، بسبب تداعيات الحرب، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 680 ألفًا في المستقبل القريب.

إهدار المليارات دون تحقيق نتائج

بعد اندلاع الحرب، خصصت الحكومة الإسرائيلية 2.3 مليار شيكل لقطاع الصحة النفسية للعامين 2024-2025، بهدف تحسين الخدمات وتقليل فترات الانتظار، ومع ذلك، لم تؤدِّ هذه الميزانية إلى أي تغيير ملموس، إذ لم تضع وزارة الصحة أي مؤشرات لقياس مدى نجاح استخدامها.

وفي ظل غياب الرقابة، لم يكن لدى وزارة الصحة أي بيانات عن كيفية إنفاق هذه الميزانية بحلول يونيو 2024، ما يعني أن الأموال المخصصة لإنقاذ قطاع الصحة النفسية لم تحقق أي نتائج ملموسة، وظلت فترات الانتظار طويلة واستمرت معاناة المرضى دون علاج.