"العدوان على غزة خلّف وصمة عار في تاريخ البشرية عنوانها انعدام الإنسانية".. لم تكن تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم، في القمة العربية الطارئة حول الأوضاع في قطاع غزة، من فراغ وإنما تجسيد لواقع مرير تسببت فيه قوة السلاح.
واجتمع القادة العرب في قمة القاهرة الطارئة، من أجل بحث تطورات القضية الفلسطينية والعدوان على قطاع غزة والضفة الغربية، ووضع أسس لإعادة إعمار القطاع وفق تصور مصري يفضي لتطوير المكان دون تهجير أهله.
تدمير كامل للبنية التحتية
وفي كلمته؛ أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن الحرب على غزة سعت بقوة السلاح لتفريغ سكانه، إذ قضت على البنية التحتية للقطاع بأكمله بهدف التهجير المقصود، وهو الموقف الذي تتصدى له مصر دائمًا.
وتحوّل ما يقرب من 156 ألف مبنى سكني في قطاع غزة إلى أنقاض أو شبه مدمر، وفق آخر تحليل أجرته الأمم المتحدة عبر الأقمار الصناعية، الذي كشف عن دمار واسع للعديد من المدن والمخيمات داخل القطاع وصلت 63% من حجم المباني.
وأظهر التحليل أن أكثر من 156 ألف مبنى تم تدميره، وإجمالي 215.137 وحدة سكنية متضررة، مشيرين إلى أنه قد تعرّض للتدمير والضرر نحو 63% من جميع المباني في القطاع، إذ كانت مدينة غزة هي الأكثر تدميرًا على الإطلاق، بما يقرب من 36.276 مبنى، يليها مدينة خان يونس بتدمير 18.890 مبنى.
خسائر فادحة في الأرواح
وتحدث الرئيس السيسي أيضًا عن أهالي القطاع الذين فقدوا ذويهم، جراء الظلم الواقع عليهم، لكنه في الوقت ذاته حيا صمود هذا الشعب الذي ضرب مثالًا في التمسك بالأرض أمام محاولات التفريغ المقصودة، وهم ينظرون بأمل لعودة الحياة مرة أخرى.
ومنذ بدء العدوان على غزة، 7 أكتوبر 2023، تعرض الفلسطينيون لإبادة جماعية في غزة، إذ كانت الخسائر البشرية بين الفلسطينيين صادمة إلى أبعد الحدود، بسبب الآلة العسكرية الوحشية الإسرائيلية التي لم تفرّق بين المدنيين والمقاومين.
وخلّفت الحرب أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، ومن بين هؤلاء ما لا يقل عن 11.355 طفلًا، بجانب 97.590 جريحًا منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، ووفقًا للصحة العالمية تُعبر تلك الأرقام عما يصل 6% من سكان غزة، فيما أُجبر مئات الآلاف على النزوح القسري، بمعدل مرة واحدة على الأقل شهريًا.
طلاب بلا مأوى أو رعاية
وعانى قطاع التعليم في غزة أضرارًا جسيمة جرّاء استهدافه من قِبل الاحتلال، إذ أُجبر 660 ألف طفل على الانقطاع عن الدراسة، نصفهم كانوا يتلقون تعليمهم في مدارس "أونروا"، وتعرضت أكثر من 85% منها للقصف أو الضرر.
وتحتاج 87% من المباني المدرسية إما لإعادة بناء كاملة أو لأعمال تأهيل كبرى، التي تحوّلت الآن إلى مكان يأوي النازحين، كما تعرّض القطاع الصحي لنكسات حادة، مع تسجيل أكثر من 500 هجوم على العاملين في مجال الصحة والمستشفيات.
اختفاء المياه ونقص الغذاء
وشهد القطاع نقصًا حادًا في المياه بعد قصف منشآت الصرف الصحي، إذ فقدت 70% من المياه التي يجري تزويدها عبر الشبكات بسبب الأضرار، ومع تدهور البنية التحتية، يتشارك مئات الأشخاص الحمام نفسه، وتم جمع 395 ألف طن من النفايات الصلبة دون القدرة على الوصول إلى المكبات.
وفيما يتعلق بالغذاء والأمن الغذائي، يواجه 96% من سكان غزة أزمة في الأمن الغذائي بحسب الأونروا، إذ يعاني الأطفال والنساء نقصًا حادًا في التغذية، كما تضرر نحو 70% من الأراضي الزراعية بسبب القصف.
خطة إعادة إعمار
وأمام الدمار الهائل، عرضت مصر خطة إعادة إعمار للقطاع تقف أمام مخطط التهجير الأمريكي الإسرائيلي، التي تستغرق 5 سنوات بتكلفة 53 مليار دولار، تبدأ بتوفير سكن مؤقت للنازحين داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد.
وتتضمن الخطة تشكيل لجنة إدارة غزة لتتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون اللجنة مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية "تكنوقراط" تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية.