في خضم الحرب التي تقودها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تتوالى سيناريوهات فشل استخبارات دولة الاحتلال، وكانت إحدى وأحدث حلقة في تلك السلسلة المستمرة الاعتراف بقتل المحتجزين الثلاثة الذين كانوا في قبضة حركة حماس الفلسطينية لتسدل الستار على تلك القصة بنهاية مأساوية صنعها جيش الاحتلال ذاته.
ونشر الجيش الإسرائيلي اليوم تفاصيل حول مصير المحتجزين الثلاثة، الذين استعادوا جثثهم منذ ديسمير الماضي، لتكشف أن هجومًا جويًا استهدف أحد قادة حماس ربما أودى بحياتهم، وهي قصة تمزج بين الحرب والاستخبارات، تكشف تعقيدات الواقع في ساحات المعارك التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة المحاصر.
ليسوا محترفين
ويقول رافائيل كوهين، مدير برنامج "الاستراتيجية والعقيدة" في مشروع القوات الجوية التابع لمؤسسة راند: "اعتادت إسرائيل تمجيد جيشها قبل طوفان الأقصى، في مزيج من القومية والإيمان العميق وإن كان في غير محله".
وأضاف كوهين: "يعتبر الجيش الإسرائيلي في جوهره تجمعًا عسكريًا وليس جيشًا محترفًا. لقد تم تصميم الجيش الإسرائيلي عمدًا ليكون ما أسماه رئيس الوزراء المؤسس لإسرائيل، ديفيد بن جوريون، "جيش الشعب"، وهو انعكاس للمجتمع نفسه".
إعلان مسؤولية
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم مسؤوليته عن مقتل ثلاثة من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وهم "رون شيرمان، ونيك بيزر، وإيليا توليدانو".
وحسب ما أوردته القناة الـ12 الإسرائيلية، فقد أبلغ جيش الاحتلال عائلاتهم بأنهم قُتلوا في غارة إسرائيلية على قطاع غزة، واستعادت جثثهم في ديسمبر الماضي.
تحقيق في مقتل المحتجزين
وفقًا للتحقيقات التي نشرها جيش الاحتلال ، فإنه "من المحتمل جدًا" أن المحتجزين الثلاثة قد قُتلوا في غارة جوية أثناء اغتيال مسؤول كبير في حماس، أحمد رندور، في 10 نوفمبر 2023، وأشار جيش الاحتلال إلى أنه لم يكن على علم بمكان وجود المحتجزين وقت الهجوم، وأنه كانت هناك معلومات تشير إلى وجودهم في موقع آخر.
سياق الهجوم
وكشف المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الغارة الجوية نُفذت ضد موقع أنفاق كان يُستخدم من قبل حماس لإدارة عملياتها، ورغم ذلك، لم يكن هناك معلومات استخباراتية دقيقة تفيد بوجود محتجزين في الموقع المستهدف.
وأشار الجيش إلى أن شبكة الأنفاق التي تم العثور فيها على جثث شيرمان وبيزر وتوليدانو كانت تتكون من طابقين؛ الأول على عمق 10 أمتار والثاني أعمق بعشرات الأمتار.
وكانت الأنفاق مجهزة تجهيزًا كاملًا للاستخدام العسكري واللوجستي، وتضمنت أماكن إقامة للطوارئ مزودة بمكيفات الهواء ووسائل الراحة.
تقرير الطب الشرعي:
في يناير 2024، تم نشر تقرير الطب الشرعي الذي أظهر أن جثتي "شيرمان" و"بيزر" لم تظهر عليهما أي علامات إصابة مباشرة أو طلقات نارية، ما يعني أنهما لم يقتلا جراء الهجوم مباشرة.
من ناحية أخرى، كان سبب وفاتهما غير واضح تمامًا، لكنه قد يكون نتيجة انهيار النفق أو انتشار غازات سامة بعد القصف.
اغتيال أحمد رندور
أُعلن عن استشهاد أحمد رندور، قائد لواء الشمال في حماس والمسؤول عن منظومة الصواريخ في شمال غزة، خلال الهجوم الجوي الذي نُفذ في أوائل نوفمبر الماضي.
كان "رندور" شخصية محورية في جناح حماس العسكري، ويعتبر استشهاده ضربة قوية للحركة، خاصة بعد نشر حماس تحذيرات حول وجود محتجزين بالقرب من مواقع قيادته.
وتظل قضية المحتجزين الإسرائيليين في غزة صراع بين الجيش الإسرائيلي وحماس في واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية، فبينما يكشف التحقيق العسكري عن تفاصيل جديدة حول مقتل المحتجزين تظل التساؤلات مستمرة حول مدى إمكانية تجنب مقتل مزيد من المحتجزين.