يشهد القطاع الطبي الأسترالي أزمة وطنية، تتمثل في ارتفاع العنف داخل أقسام الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بشكل يومي، وهو الأمر الذي كان عاملًا رئيسيًا في الهجرة الجماعية للعاملين في الرعاية الصحية.
كشف ذلك دراسة استقصائية جديدة تم إجراؤها من قبل الكلية الأسترالية لطب الطوارئ، على أكثر من 50% من أطباء الطوارئ في أكثر من 120 مستشفى بطول البلاد وعرضها، بحسب شبكة ABC أستراليا.
الانتهاكات الجسدية
أكد أطباء الطوارئ المشاركون في الدراسة أن الحكومة بحاجة إلى إعلان "أزمة وطنية"، بسبب الانتهاكات الجسدية التي تحدث بشكل شبه يومي أو أسبوعي في العديد من أماكن الرعاية الطارئة.
وقال تسعة من كل عشرة من المشاركين إن هناك حادثة عنف واحدة على الأقل من قبل مريض أو شخص مرافق في قسم الطوارئ الخاص بهم في الأسبوع السابق، بينما أكد أكثر من نصفهم (55%) أن العنف الجسدي يحدث يوميًا أو مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.
الإساءة اللفظية
في الوقت ذاته، قال تسعة من كل عشرة من أطباء الطوارئ إن الإساءة اللفظية تحدث يوميًا أو أسبوعيًا على الأقل، وتبيّن أن معظمهم لم يبلغوا عن حالات العنف، خاصة إذا كانت لفظية، حيث شعر الكثيرون أن إدارة المستشفى لم تأخذ الأمر على محمل الجد.
وبحسب الأطباء، أصبح العنف أمرًا روتينيًا لدرجة أنه لم يعد من المجدي القيام بهذا العمل، كما أن المسؤولين التنفيذيين لا يتخذون أي إجراء بناءً على الأمثلة العديدة للعنف. وكشف الأطباء أن أنظمة الإبلاغ المعقدة كانت مشكلة، حيث شعروا أحيانًا أن اللوم يُلقى على موظفي قسم الطوارئ بدلًا من الجاني.
نقص التمويل
وكان السبب الرئيسي للمشكلة هو نقص التمويل، مما تسبب في أوقات انتظار طويلة واكتظاظ في أقسام الطوارئ، كما أن الافتقار إلى خيارات العلاج لبعض المرضى خارج المستشفى أدى إلى تفاقم المشكلة، وساهم في إحباط المرضى وزيادة فرصة العنف.
ولم تؤثر أعمال العنف على الموظفين فحسب، بل أثرت أيضًا على المرضى الآخرين، وفقًا للأطباء، ولم يتوقف الأمر عند الإساءة اللفظية فقط، بل وصل إلى الشجار واللكمات ورفع الكراسي وإلقائها على الأطباء.
الإخفاقات المنهجية
ومن أهم الأسباب أيضًا لتلك الأزمة الوطنية الأسترالية، عدم وجود حراس أمن متخصصين يتمركزون في قسم الطوارئ بجميع المستشفيات، حيث تعتمد المستشفيات بشكل كبير على الحراس القادمين من شركات خارجية.
ووفقًا للدراسة، شملت الإخفاقات المنهجية الأخرى التي أدت إلى تفاقم العنف في أقسام الطوارئ، نقص الاستثمار في النظام الصحي، والتصاميم الرديئة، بما في ذلك غرف الانتظار الصغيرة ونقص مناطق الاستراحة للمرضى.
الهجرة الجماعية
وطالبت الدراسة بضرورة إطلاق حملة عامة حول تأثير العنف على الموظفين، ووضع معايير وطنية لضباط الأمن في المؤسسات الصحية، وجعلهم جزءًا من فريق الطوارئ حتى يتمكنوا من بناء الثقة والتفاهم.
وأكد الخبراء أن هذه الانتهاكات دفعت العاملين إلى "نقطة الانهيار"، وكانت عاملًا رئيسيًا وراء "الهجرة الجماعية" من القطاع الصحي، الأمر الذي يعرض رعاية المرضى وسلامتهم للخطر.