الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صفقة قاسية.. ترامب يضحي بأوكرانيا تحت شعار "أمريكا أولا"

  • مشاركة :
post-title
ترامب يضحي بأوكرانيا تحت شعار "أمريكا أولا"

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

مع تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية مجددًا، تبدو سياسته الخارجية محكومة بمنطق "الصفقة" أكثر من أي وقت مضى، إذ لا مكان للعواطف أو القيم المشتركة، بل تحل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية محلها.

في هذا السياق، نشرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية تحليلًا يسلط الضوء على التحول الجذري في موقف واشنطن من أوكرانيا، حيث يبدو أن ترامب مستعد لإجبار كييف وأوروبا على تقديم تنازلات مؤلمة من أجل إنهاء الحرب بشروط مواتية لموسكو.

أوكرانيا ضحية المصالح الأمريكية

وفقًا لما نشرته "ذا جارديان"، ينظر ترامب إلى الحرب في أوكرانيا من منظور مصلحي بحت، إذ أكد في تصريحات من المكتب البيضاوي: "أنا هنا فقط لمحاولة تحقيق السلام، لا أهتم بأي شيء آخر سوى رغبتي في وقف مقتل الملايين من الناس".

لكن الحقيقة، كما تشير الصحيفة، هي أن السلام الذي يسعى إليه ترامب لا يعتمد على تحقيق العدالة، بل يقوم على منطق المساومة وإجبار الأطراف على تقديم تنازلات مغرية لروسيا.

منذ بدء الحرب في عام 2022، تبنت الإدارة الأمريكية السابقة سياسة تقوم على مبدأ "لا شيء عن أوكرانيا بدون أوكرانيا"، وكانت كييف طرفًا أساسيًا في أي نقاش حول مستقبلها، غير أن موقف ترامب يمثل تحولًا جذريًا، إذ يتجه نحو إبرام صفقة مباشرة مع روسيا، دون إشراك أوكرانيا كطرف أساسي في المفاوضات.

تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا

خلال إدارة بايدن، قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية ومالية ضخمة لأوكرانيا بهدف مساعدتها في التصدي للقوات الروسية، غير أن ترامب -وفقًا لما ورد في "ذا جارديان"- يرى أن واشنطن قدمت ما يكفي وأن الوقت حان لإنهاء الحرب بطريقة "عملية"، وهو ما يعني الضغط على أوكرانيا للتخلي عن أجزاء من أراضيها مقابل اتفاق سلام مع موسكو.

على الرغم من أن ترامب صرح بأن بلاده "لن تسمح بانهيار أوكرانيا بالكامل"، إلا أنه في الوقت نفسه يؤكد أن أي دعم مستقبلي لكييف يجب أن يكون مشروطًا بصفقة ترضي موسكو.

يطرح بعض المحللين فرضية أن ترامب قد يستخدم صفقة السلام في أوكرانيا كوسيلة لتعزيز موقفه التفاوضي ضد روسيا، وربما لممارسة ضغوط على أسواق النفط العالمية.

لكن "ذا جارديان" ترى أن سجل ترامب في إدارة الأزمات، سواء في غزة أو داخل الولايات المتحدة، يشير إلى أن نهجه لا يعتمد على استراتيجيات بعيدة المدى، بل يرتكز على الصفقات السريعة والقرارات المفاجئة.

دبلوماسية العقارات السياسية

يشير اختيار الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف، رجل الأعمال المتخصص في الصفقات العقارية، مسؤولًا عن مفاوضات السلام، بدلًا من الجنرال المتشدد كيث كيلوج، إلى أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الأزمة الأوكرانية باعتبارها صفقة عقارية، إذ يتم تحديد الأطراف الرابحة والخاسرة بناءً على ما يمكنهم تقديمه من تنازلات.

وتخشى الدول الأوروبية أن تجد نفسها أمام أمر واقع جديد يتم فرضه من خلال اتفاق بين موسكو وواشنطن، ما قد يجبرها على نشر قوات في أوكرانيا دون غطاء من حلف الناتو.

ووفقًا لمسؤول أوروبي تحدث لـ"ذا جارديان"، فإن هناك قلقًا حقيقيًا من أن يؤدي الاتفاق إلى وضع "غير مضمون أمنيًا"، وهو ما قد يشكل تهديدًا مباشرًا لأوروبا.

وزاد القلق الأوروبي بعد تصريحات وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، الذي أبلغ نظراءه في الناتو بأن خفض مستويات القوات الأمريكية في أوروبا قد يكون جزءًا من أي اتفاق يتم التوصل إليه مع روسيا.

وتضيف "ذا جارديان" أن هذا السيناريو قد يعيد رسم الخريطة الأمنية الأوروبية، ما يترك العديد من الدول الشرقية عرضة للمخاطر دون حماية أمريكية.

عرض أوروبي مضاد لنهج ترامب

في محاولة لوقف ما وصفته الصحيفة بـ"الاستسلام الأمريكي لروسيا"، حاول القادة الأوروبيون تقديم بديل يتمثل في إبقاء أوكرانيا شريكًا أساسيًا في أي اتفاق مستقبلي.

وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في اجتماع لحلف الناتو: "لا يمكن التوصل إلى اتفاق ناجح من وراء ظهورنا.. أنتم بحاجة إلى الأوروبيين، وأنتم بحاجة إلى الأوكرانيين".

لكن الواقع، كما تشير "ذا جارديان"، هو أن ترامب يمتلك وحده قرار تحديد ما سيتم السماح به أو رفضه في المفاوضات مع روسيا وأوكرانيا، وقال وزير الدفاع الأمريكي: "كل شيء على الطاولة، ما سيحدث في المحادثات مع بوتين وزيلينسكي يقرره الرئيس ترامب وحده".