يسعى المستشار الألماني أولاف شولتس للفوز بولاية ثانية في الانتخابات الفيدرالية المبكرة، المقرر لها الثالث والعشرين من فبراير الجاري، عقب انهيار حكومته في ولايته الأولى نتيجة انهيار الائتلاف الحاكم.
ويدخل "شولتس" الانتخابات المقبلة على وقع خلاف محتدم على الميزانية الفيدرالية للعام الحالي، تسبب في الإطاحة بوزير ماليته كريستيان ليندينر، ما أسفر عن خروج الحزب الديمقراطي الحر من الائتلاف، وفقدان حكومته للأغلبية، بحسب صحيفة "شتيرن".
ومع حل البرلمان، ودعوة شولتس للتصويت على الثقة، وخسارته لها، أعاد حزبه الديمقراطي تأكيد ترشحه لولاية ثانية، بعد أن كانت المنافسة بينه وبين وزير دفاعه بوريس بيستريوس.
تراجع في استطلاعات الرأي
خسر شولتس استطلاعات الرأي، على الرغم من التراجع الطفيف في شعبية منافسه زعيم حزب الاتحاد المسيحي فريدريش ميرز، وجاءت تلك الخسارة على أثر تعاون الأخير مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني - المصنّف من قِبل القضاء على أنه متطرف-، الأمر الذي اعتبر خرقًا لـ"جدار الحماية" وهو المصطلح الذي تعارف عليه في ألمانيا بمنع الأحزاب المتطرفه من الوصول للسلطة.
وقد تراجع تحالف "الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي" في استطلاعات الرأي بعد تعاونه مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف في البرلمان، بنقطتين ليصل إلى 28%، حسبما أظهر آخر استطلاع للرأي، قبل الانتخابات المقررة في 23 فبراير.
ويظل حزب الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة المستشار أولاف شولتس ثابتًا عند 16%، في حين ارتفع حزب الخضر نقطة واحدة ليصل إلى 15%، وانخفضت أيضًا شعبية ميرز كمستشار بثلاث نقاط مئوية إلى 22%.
رهان على المزايا الاجتماعية
وعلى عكس منافسه ميرز المعروف بالاندفاع، يؤخذ على المستشار الألماني هدوءه وعدم تعليقه على الأحداث في أغلب الأحيان، إذ ينظر إلى المستشار صاحب الـ69 عامًا، على أنه أحد أسباب الفتور في علاقة كل من فرنسا وألمانيا اللذان تربطهما اتفاقية صداقة.
وأكد المستشار الألماني ثقته في الفوز على كل من فريدريش ميرز، وأليس فايدل مرشحة حزب البديل من أجل ألمانيا، وروبرت هابيك مرشح حزب الخضر.
ويريد شولتس تسجيل نقاط مع الشعب في المقام الأول من خلال القضايا الاقتصادية والاجتماعية، يركز "البرنامج الحكومي" للحزب الاشتراكي الديمقراطي على النمو الاقتصادي، وتقديم المساعدة للأسر والموظفين، وأمن المعاشات التقاعدية، ويطالب الديمقراطيون الاجتماعيون أيضًا برفع الحد الأدنى للأجور.
المستشار الرابع في تاريخ حزبه
ويعد أولاف شولتس المستشار الفيدرالي الرابع للحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ 8 ديسمبر 2021، بعد ويلي براندت وهيلموت شميت وجيرهارد شرودر.
شغل أولاف شولتس منصب نائب المستشارة أنجيلا ميركل، منذ عام 2018، إضافة إلى منصب وزير المالية، وكان في السابق وزيرًا اتحاديًا للعمل والشؤون الاجتماعية ورئيسًا أول لمدينة هامبورج.
وُلِد أولاف شولتس عام 1958 في أوسنابروك، ساكسونيا السفلى، ودرس القانون وأصبح محاميًا، ثم بدأ نشاطه السياسي منذ عام 1975، عندما كان لا يزال في المدرسة.
التحق أولاف شولتس بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأصبح رئيسًا لجمعية منطقة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ثم أصبح لاحقًا رئيسًا لفرع الحزب الاشتراكي الديمقراطي في هامبورج.
وتدرج شولتش حتى أصبح في عام 2002 الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وبعد ذلك أصبح نائبًا للمستشار عندما شكّل الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي ائتلافًا كبيرًا مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
المهاجرون يميلون لشولتس
تلعب ورقة الناخبين من أصول مهاجرة، دورًا كبيرا في الانتخابات الألمانية المبكرة، المقرر لها في الثالث والعشرين من فبراير المقبل، وقد يكون لهؤلاء الكلمة الأخيرة في نتيجتها.
ويوجد في ألمانيا أكثر من 7 ملايين ناخب مؤهل من أصول مهاجرة، ولم يصبح أمام المرشحين للانتخابات سوى شهر واحد لإقناع الناخبين بدعم برنامجهم في الانتخابات الفيدرالية التي ستُعقد في فبراير.
وتشير التقديرات إلى أن 7.1 مليون ناخب مؤهل، أو واحد من كل ثمانية ناخبين ألمان، لديهم خلفية مهاجرة، وتميل هذه الفئة السكانية إلى التصويت بشكل أقل من الأشخاص الذين ليس لديهم خلفية هجرة، بحسب موقع "دويتش فيله".
ويقول عالم الاجتماع الألماني فريدريك رومر، إن هؤلاء الأشخاص أقل التزامًا بالتصويت لحزب معين، مقارنة بما كانوا عليه في الماضي، إلا أن الحزب الذي يتمتع بأعلى الإمكانات هو الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط، وهو حزب المستشار الألماني الحالي أولاف شولتس، بحسب الموقع.
تفوق قبل 4 سنوات
في عام 2021، وقبل أربع سنوات، صوَّت 96.2% من المندوبين لصالح ترشيح شولتس لمنصب المستشار في اقتراع سري.
وأصبح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أكبر حزب في البرلمان، ما دفع "شولتس" إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الخضر البيئي والحزب الديمقراطي الحر المؤيد للأعمال التجارية.
خسر "شولتس" تصويت الثقة في البرلمان الألماني بعد نزاع طويل الأمد حول الميزانية، إذ حصل على دعم 207 أعضاء فقط، بينما صوّت 394 ضده، مع امتناع 116 عن التصويت.
وهذه النتيجة لم تكن مفاجئة، إذ وصفها شولتس نفسه بأنها خطوة نحو تأمين انتخابات وطنية مبكرة للخروج من مأزق الائتلاف الهشِّ الذي حكم البلاد منذ نوفمبر 2021.
لا تعاون مع ميرز
رفض المستشار الألماني أولاف شولتس، أي تصورات لمستقبل الحكومة الألمانية، تتمثل في التعاون مع زعيم المعارضة ومنافسه المباشر فردريش ميرز، بحسب "دويتش فيله".
وقبل الانتخابات المبكرة، المقرر إجراؤها في فبراير المقبل، بعد انهيار ائتلاف حكومة "إشارة المروة"، وحل البرلمان، لا يريد المستشار الحالي والمرشح لمنصب المستشار من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أولاف شولتس، الانضمام إلى الحكومة في حالة تشكيل ائتلاف كبير تحت قيادة فريدريش ميرز، زعيم حزب "الاتحاد المسيحي".
قال شولتس: "أراهن على أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيحصل على تفويض جديد، وإنني قادر على قيادة الحكومة الجديدة"، مؤكدًا أن الائتلاف الذي يقوده فريدريش ميرز غير وارد بالنسبة لمرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشار.
خلاف اقتصادي
حذّر المستشار أولاف شولتس من عواقب منافسه فريدريش ميرز على إنتاج الصلب الألماني، وقال "ميرز" إنه لا يؤمن بالانتقال السريع والناجح إلى مصانع الصلب العاملة بالهيدروجين، غير أن شولتس يتوقع مستقبلًا قاتمًا لإنتاج الصلب الألماني إذا استمر التحول إلى "الصلب الأخضر" دون دعم حكومي.
أبدى المرشح لمنصب المستشار فريدريش ميرز استعداده لنقل المسؤوليات من وزارة العمل إلى وزارة الشؤون الاقتصادية.
وقال "ميرز" قبل اجتماع مع المجلس التنفيذي لاتحاد رجال الأعمال الألماني: "أشعر بتعاطف كبير مع عودة سياسة سوق العمل إلى وزارة الاقتصاد، من وجهة نظري، فإن سياسة سوق العمل هي في المقام الأول سياسة اقتصادية، وليس سياسة اجتماعية".