الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

غزوَنة الضفة الغربية.. استراتيجية الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين

  • مشاركة :
post-title
الهجوم على مخيم جنين

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، أصبح مخيم جنين للاجئين رمزًا لتحوّلٍ استراتيجي خطير في تعامل جيش الاحتلال مع المناطق الفلسطينية، ففي عملية مفاجئة، أول أمس الأحد، دمرت القوات الإسرائيلية 23 مبنى سكنيًا في المخيم عبر تفجيرات متزامنة خلّفت دمارًا واسعًا، كما أن هذه التكتيكات، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تُشبه تلك المُستخدمة في قطاع غزة، وتُنذر بسياسة جديدة تهدف إلى إعادة تشكيل الواقعين الجغرافي والسياسي للضفة الغربية، وسط تحذيرات فلسطينية من تداعيات إنسانية وسياسية قد تُضاهي ما حدث في غزة.

هدم ممنهج

كشفت "وول ستريت جورنال" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتمد في هجومه على جنين أسلوبًا يشبه إنشاء "الممرات الأمنية" التي نفّذها في غزة، إذ تم استخدام الجرافات لتوسيع الطرق وتفجير المباني بهدف تقسيم المخيم إلى أجزاء منفصلة، ما يسهّل تحركات القوات.

ونقلت الصحيفة عن الخبير الإسرائيلي مايكل ميلشتاين، رئيس قسم الشؤون الفلسطينية سابقًا في الاستخبارات العسكرية، أن هذه الخطط تهدف إلى "منع عودة المقاومة"، لكنها تفتقر لرؤية استراتيجية واضحة لما بعد الهدم.

ادعى الجيش الإسرائيلي أن الهدم يستهدف "بنية تحتية إرهابية"، لكن سكّان المخيم أكدوا للصحيفة الأمريكية أن معظم المباني المدمرة كانت مساكن مدنية.

وأشارت التقارير الميدانية إلى نزوح عشرات العائلات، بينما اضطر آخرون للبقاء وسط أنقاض منازلهم.

وتتساءل "وول ستريت جورنال"، هل تُخْفي الذرائع الأمنية سياسة ممنهجة لتفريغ المخيمات من سكانها؟.. خاصة مع تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بأن "مخيم جنين لن يعود كما كان".

بُني مخيم جنين عام 1948 ليستقبل فلسطينيي الشتات بعد النكبة، وتحوّل مع الوقت إلى مركز للمقاومة ضد الاحتلال، خاصة بعد اجتياح 2002 الذي شهد مواجهات دامية.

تداعيات إنسانية

تسببت العمليات العسكرية في نزوح العديد من العائلات من مخيم جنين، بينما يعيش مَن تبقى في ظروف قاسية وسط الدمار، كما لا توجد خطط واضحة لتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان، ما يُفاقم معاناتهم اليومية.

روى سكان المخيم للصحيفة الأمريكية مشاهد تهجير قسري لعائلات بأكملها، بينما علّق آخرون في مناطق منكوبة بلا ماء أو كهرباء، فيما أكدت منظمات حقوقية أن الهدم يستهدف عمدًا البنية السكنية، ما يخلق أزمة إسكان حادة تُزيد من معاناة اللاجئين الذين يعيشون أساسًا تحت خط الفقر.

تشير التقارير إلى أن ما يحدث في جنين قد يكون نموذجًا لنهج الاحتلال في مناطق أخرى من الضفة الغربية، إذ يصف بعض المحللين هذه الاستراتيجية بأنها محاولة "غزْوَنة" الضفة الغربية، عبر تطبيق الأساليب العسكرية نفسها التي استُخدمت في غزة.

الأبعاد السياسية

تشير "وول ستريت جورنال" إلى أن التصعيد الإسرائيلي في جنين يأتي بعد الهدنة في غزة، التي أتاحت لحركة حماس إعادة تنظيم صفوفها، فيما يرى محللون أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة نتنياهو، تسعى لاسترضاء قاعدة مؤيديها الغاضبين من صفقة غزة عبر تصعيد القمع في الضفة (المحتلة)، كما صرّح وزير المالية الإسرائيلي بيتسيليل سموتريتش بأن هذه العمليات هي "استمرار للحرب".

كما حذرّ الخبير الإسرائيلي نيمرود نوفيك من أن ما يحدث في جنين قد يكون بداية "انزلاق بطيء نحو تحويل الضفة الغربية إلى غزة"، أي تحويل المناطق الحضرية إلى ساحات حرب مفتوحة مع عزل المجتمعات عن بعضها.