وسط أجواء مشحونة بالتوتر والاحتفالات المتفرقة، بدأت دولة الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ صفقة الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل عودة ثلاث محتجزات إسرائيليات، ولا تعد هذه الصفقة مجرد تبادل للأسرى، بل هي محطة جديدة في مسار طويل من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وفق تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فإن تنفيذ الصفقة يحمل أبعادًا إنسانية وسياسية عميقة، ويأتي في ظل أوضاع أمنية متوترة في الضفة الغربية وغزة.
لافتة الانتقام
اليوم، الأحد، تشهد دولة الاحتلال الإسرائيلي عودة ثلاثة محتجزات إسرائيليات هن دورون شتاينبراخر، وإميلي ديماري، ورومي جونين، بالتزامن مع إطلاق سراح 90 أسيرًا فلسطينيًا، معظمهم من النساء والأطفال، وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإن قائمة الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم تضم 69 امرأة و9 قاصرين، أصغرهم يبلغ من العمر 15 عامًا.
وفرضت قوات الشرطة الإسرائيلية وأجهزة الأمن طوقًا أمنيًا حول سجن "عوفر"، الذي يعتبر نقطة تجمع الأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم عبر حاجز بيتونيا.
في المقابل، حاول العشرات من المتظاهرين الإسرائيليين الاقتراب من السجن للاحتجاج، ورفعوا لافتة كُتب عليها باللغتين العربية والعبرية: "الشعب الأبدي لا ينسى، سأطارد أعدائي وأقبض عليهم!".
اللافتة التي رفعتها هيئة "SBS" الإسرائيلية خارج سجن عوفر تحمل رسالة واضحة "الشعب الأبدي لا ينسى" هذه العبارة تعكس الرؤية الإسرائيلية التي تربط الإفراج عن الأسرى بالتهديد الأمني المستمر.
أسماء بارزة في قائمة الأسرى
من بين الأسماء البارزة في القائمة، وردت أسماء مثل: نهيل مسالمة زوجة عيد دودين، العضو البارز في حركة حماس، وعبلة سعدات عبد الرسول زوجة أحمد سعدات، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي تتهمها دولة الاحتلال بالتخطيط لاغتيال الوزير رحبعام زائيفي.
إضافة إلى خالدة جرار القيادية في الجبهة الشعبية، التي تتهمها دولة الاحتلال في هجوم أدى إلى مقتل إسرائيلية عام 2019، وهذه الشخصيات تعتبر رموزًا للمقاومة الفلسطينية، ما يثير تساؤلات كثيرة داخل دولة الاحتلال حول تداعيات الإفراج عنها على الساحة السياسية والأمنية.
ترتيبات أمنية مشددة
تولت وحدة "نحشون"، المسؤولة عن مرافقة الأسرى، عملية نقلهم إلى نقطة الاستقبال المركزية في سجن عوفر، بمشاركة 1500 من أفراد مصلحة السجون الإسرائيلية، وقد تم التعرف على الأسرى من قبل ممثلي الصليب الأحمر الدولي، بانتظار الحصول على موافقة السلطات السياسية الإسرائيلية لنقلهم إلى نقاط الإفراج.
في الضفة الغربية، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تكثيف عملياته لمراقبة أي أنشطة عسكرية محتملة بعد إطلاق سراح الأسرى، وصرح مسؤول أمني إسرائيلي بأن الجيش سيعمل بحزم ضد أي محاولة لإعادة تشكيل البنية التحتية للتنظيمات الفلسطينية المسلحة.
غزة تحتفل
بالتزامن مع تنفيذ الصفقة، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ بعد تأخير دام ثلاث ساعات. الاتفاق أتى بعد 15 شهرًا من الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتي خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين.
في غزة، عمت الاحتفالات الشوارع مع إعلان حماس أسماء المحتجزات الثلاثة اللواتي سيطلق سراحهن لاحقًا، إلا أن المشهد لم يخلُ من الحذر، حيث أبدت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قلقها من تعزيز قوة حركة حماس في الضفة الغربية بعد الإفراج عن الأسرى.