الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

قصص مؤلمة من قلب الأزمة .. مأساة المشردين في حرائق لوس أنجلوس

  • مشاركة :
post-title
عمليات الإجلاء جراء الحرائق الهائلة التي تضرب ولاية كاليفورنيا الأمريكية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تشهد مدينة لوس أنجلوس الأمريكية واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث، إذ يكافح عشرات الآلاف من سكانها للعثور على مأوى مؤقت بعد أن أجبرتهم الحرائق الهائلة على ترك منازلهم، وفي هذا الصدد سلّطت صحيفة "نيويورك تايمز"، الضوء عن حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها أكثر من 92 ألف شخص ممن صدرت أوامر بإخلائهم، في مدينة تعاني أساسًا من أزمة سكن خانقة وأسعار لا تطاق.

مأساة النازحين

في قلب هذه الأزمة الإنسانية المتصاعدة، تبرز قصص مؤلمة تعكس عمق المعاناة التي يعيشها المتضررون، وهو ما كشفته "نيويورك تايمز" من خلال قصة السيدة ليلا كينج، البالغة من العمر 75 عامًا، التي وجدت نفسها مضطرة للتنقل بين الفنادق الرخيصة والنوم في شاحنتها مع ابنها البالغ 40 عامًا.

وتزداد محنة "كينج" صعوبة مع معاناتها من آلام شديدة بعد خضوعها لعملية جراحية إثر كسور في أضلاعها، لتجد نفسها تعتمد على وجبات التاكو السريعة من محطة وقود قريبة كمصدر رئيسي لغذائها، في حين تتساءل بقلق عن موعد عودتها إلى منزلها المتنقل في ألتادينا، المنطقة التي دمّرها الحريق.

أزمة سكن متفاقمة

وفي تطور للأزمة، تشهد سوق العقارات في المناطق المجاورة للحرائق حالة غير مسبوقة من الفوضى والمضاربات.

ففي حي برينتوود الراقي المجاور لحريق باليساديس، تحوّل إعلان واحد عن عقار للإيجار إلى ساحة تنافس محمومة مع تلقي الوسيط العقاري ألف طلب دفعة واحدة.

وفي باسادينا، تتجلى المأساة بصورة أكثر وضوحًا مع قصة عائلة فقدت منزلها في حريق إيتون، لتواجه الآن خطر فقدان مأواها المؤقت لصالح عائلة أخرى عرضت دفع 8000 دولار شهريًا.

هذا الواقع المرير يكشف عن عمق الأزمة في مدينة تعاني أساسًا من نقص حاد في المساكن بأسعار معقولة.

جهود الإغاثة

في محاولة للتخفيف من حدة الأزمة، بادر الصليب الأحمر الأمريكي والعديد من المنظمات الإغاثية إلى إنشاء ثمانية مراكز إيواء في مقاطعة لوس أنجلوس، بطاقة استيعابية تصل إلى 800 شخص.

ويعد مركز باسادينا المدني أكبر هذه المراكز، حيث استقبل قرابة 500 شخص، اضطر معظمهم للنوم على أسرّة متنقلة، وفي بعض الحالات على أرضية المركز مباشرة.

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن العديد من النازحين تمكنوا من إيجاد مأوى مؤقت لدى الأقارب والأصدقاء، بينما لجأ آخرون إلى الفنادق وشقق الإيجار السياحي، في حين يعيش الكثيرون حالة من القلق المستمر بشأن قدرتهم على الاستمرار في دفع تكاليف إقامتهم.

مستقبل غامض

وتزداد الصورة قتامة مع شهادة نيك أرنزن، نائب رئيس مجلس مدينة ألتادينا، الذي أصبح منزله واحدًا من بين 6500 مبنى التهمتها النيران في المدينة.

ويكشف أرنزن للصحيفة الأمريكية عن واقع مرير يواجه سكان ألتادينا البالغ عددهم 45 ألف نسمة، حيث نزح معظمهم عن منازلهم.

ولا تقتصر التحديات على فقدان المنازل فحسب، بل تمتد لتشمل مخاوف جدية من تلوث المياه والحطام السام الذي خلفته الحرائق، ما يجعل العودة أمرًا صعبًا حتى لأولئك الذين نجت منازلهم من النيران.

معاناة مستمرة وجهود حكومية

وفي محاولة للسيطرة على تداعيات الأزمة، أصدر حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم إعلانًا للطوارئ يحظر المغالاة في أسعار الإيجارات والسلع والخدمات، بحيث لا تتجاوز الزيادة 10% عما كانت عليه قبل حالة الطوارئ.

إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن ارتفاعات صادمة في الإيجارات تتراوح بين 15% و64% منذ اندلاع الحرائق، ما يُزيد من معاناة النازحين.

وتختتم "نيويورك تايمز" بقصة جودوين أمافا ذي الـ69 عامًا، الذي فقد منزله الذي عاش فيه 25 عامًا في ألتادينا.

يصف "أمافا" الوضع بأنه "كالضياع في الضباب"، وهو يقيم حاليًا مع زوجته في فندق بباسادينا مقابل 140 دولارًا لليلة الواحدة.

وفي تعليق يختصر معاناة الآلاف، يقول خوليو بارتيدا ذو الـ58 عامًا: "هذه ليست أمورًا نستعد لها"، في إشارة إلى حجم الكارثة التي تواجه سكان لوس أنجلوس، التي تتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية لإيجاد حلول عاجلة لأزمة السكن المتفاقمة.